تونس-افريكان مانجر
يبدو ان مشروع الصلح الجزائي الذي طالما تحدث عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد اقترب و أكثر من أي وقت مضى من الواقع حيث أعلن رئيس الجمهورية في خطاب توجه به أمس الاثنين للشعب التونسي، عن مرسوم خاص يتعلق بالصلح الجزائي مع المتورطين في الجرائم الاقتصادية والمالية.
وقد أكد سعيد خلال اجتماع مجلس الوزراء أنه سيتم النّظر بعد 15 يوما في مشروع قانون متكامل يستجيب لمقاصد الصلح الجزائي معتبرا الأمر مستعجلا.
وفي توضيح صدر عن رئاسة الجمهورية يوم 31 مارس 2021، ذكّر رئيس الدولة بما كان اقترحه منذ سنة 2012 بالصلح الجزائي مع المتورطين في قضايا الفساد المالي حتى تكون المصالحة مع الشعب، نافيا أية نية للمصادرة.
وفي تصريح سابق لرئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال لقائه رئيس اتحاد الصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية سمير ماجول في جويلية الماضي، صرح سعيد بأن نحو 460 شخصا متورطون في قضايا فساد و نهب أموال البلاد .
وقد دعا المتورطين في مثل هذه القضايا إلى إجراء صلح جزائي و إرجاع هذه الأموال إلى الشعب التونسي عبر إحداث مشاريع في المعتمديات الأكثر فقرا.
وبحسب تصريح سابق لاستاذة القانون فاتن المباركي لافريكان مانجر، فان الصلح الجزائي موجود في المادة الجزائية في جرائم معينة على غرار جرائم الحق العام التي تتم عن طريق النيابة العمومية و الجرائم الاقتصادية التي تتدخل فيها الإدارة و المتهم.
امكانية محدودة
وأوضحت أستاذة القانون، أن إمكانية الصلح في المادة الجزائية محدودة لأنها تتعلق بالحق العام و لا يمكن ترك المجال او الحرية لكل الأطراف في التصالح باعتبار حق المجتمع و الحق العام الذي تتولى الدولة عن طريق النيابة العمومية الدفاع عنه و متابعة العقاب في خصوصه.
الأهداف
ويهدف الصلح الجزائي، في مبادرة رئيس الجمهورية، وفق محدثتنا الى تمكين المتهم من تجنب الوقوف أمام القضاء فضلا عن تخفيف الأعباء وتجنب النفقات بالنسبة لطرفي النزاع بالإضافة الى السرعة في البت في النزاعات و إنهاء الدعاوي.
ولفتت إلى أن الهدف العام من الصلح الجزائي هو إرساء السلم الاجتماعي وذلك في اغلب الجرائم الاقتصادية، مشيرة في ذات السياق، الى ان الصلح في هذه الجرائم يكون ممكنا حتى بعد صدور الحكم.
مجالات الصلح
وقد نص مشروع قانون الصلح الجزائي على إمكانية الصلح في مجالات معينة محددة بنص كالمادة البيئية والفصل 46 من قانون حماية المستهلك و الفصل 32 و 95 من مجلة الصرف و المادة الديوانية المتعلقة بالفصل 23 من قانون 94.
وشددت المباركي، على أن كل هذه المجالات محددة و متفرقة و فيها إمكانية الصلح الجزائي في المادة الاقتصادية.
وكانت رئاسة الجمهورية، أوضحت في عديد من المناسبات السابقة أن رئيس الدولة اقترح منذ سنة 2012 الصلح الجزائي مع المتورطين في قضايا الفساد المالي حتى تكون المصالحة مع الشعب.
ويتمثل هذا المقترح الذي يعود لأكثر من ثماني سنوات في إبرام صلح جزائي مع من تورطوا في قضايا فساد مالي، خاصة و أن الصلح الجزائي منصوص عليه في أكثر من نص قانوني، ويكون ذلك في إطار قضائي، ثم يتم ترتيب المعنيين ترتيبا تنازليا بحسب المبالغ المحكوم بها عليهم.
ويتم ترتيب المعتمديات ترتيبا تنازليا من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا، ويتعهد كل محكوم عليه بإنجاز المشاريع التي يطالب بها الأهالي في كل معتمدية (طرق، مؤسسات استشفائية، مؤسسات تربوية…) وذلك تحت إشراف لجنة جهوية تتولى المراقبة والتنسيق.
ولا يتم إبرام الصلح النهائي إلا بعد أن يقدم المعني بالأمر ما يفيد إنجازه للمشاريع في حدود المبالغ المحكوم بها عليه.
جدير بالذكر كذلك، فان مقترح الصلح الجزائي كان من بين الوعود الانتخابية القديمة للباجي قائد السبسي و الهدف منه إيجاد تسوية مع رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد و تجنب هروب هؤلاء بالأموال المنهوبة و استرجاعها لفائدة الدولة.