تونس-افريكان مانجر
انتهت السبت 10 ديسمبر 2022، فعاليات الدورة 36 لأيام المؤسسة التي انتظمت بسوسة من 8 إلى 10 ديسمبر 2022، بحلقة نقاش دامت حوالي ساعتين حول “السيادة المالية و تأمين المدفوعات”، بحضور محافظ البنك المركزي مروان العباسي و ممثل صندوق النقد الدولي بتونس مارك جيرار، و كان من المقرر أن تحضر اللقاء وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة إلا أنها ورغم أهمية الموضوع في ظل الوضع الاقتصادي الراهن تغيبت.
الإصلاحات الاقتصادية خيارا حتميا
في معرض حديثه عن الوضع الاقتصادي و وضعية السوق المالية الوطنية، أكد محافظ البنك المركزي، أنه لا يمكن إنكار أن الظروف صعبة و لتطبيق برنامج الإصلاحات كان من الضروري التوجه نحو صندوق النقد الدولي.
و اعتبر العباسي، أن التوجه نحو تطبيق الإصلاحات حتمي و ضروري للخروج من الأزمة وهي فرصة لا يجب تفويتها، مؤكدا أن بلادنا نجحت بنسبة 70% مع صندوق النقد الدولي وما تبقي هو إمضاء الاتفاق والتشاور حول كيفية تطبيقها.
وفي سياق متصل، تحدث محافظ البنك المركزي، عن بعض المسائل التي تتطلب الإصلاح الفوري، على غرار ارتفاع كتلة الأجور في المؤسسات العمومية التي يقابلها ضعف الانتتاحية بسبب عدم وجود استثمارات فيها و ارتفاع مصاريفها.
وقال العباسي” ان درايتنا بالاقتصاد التونسي مكنتنا من اتخاذ القرارات الصائبة فضلا عن أن الواقع الحالي يتطلب منا التفكير في مصلحة الأجيال القادمة”.
و اشار، إلى أن التوصل إلى الاتفاق كان من الممكن أن يتم منذ شهر فيفري الماضي، إلا أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية حالت دون ذلك وتسببت في تغير كل الأرقام سواء المتعلقة بالمحروقات او التضخم المتأتي من الخارج و الأزمة ازدادت تعقيدا خلال شهري جويلة و أوت.
و اعتبر العباسي، أن الاتفاق الذي تم التوصل اليه يعتبر “مقبولا” و كل الأطراف متفقة على برنامج الإصلاحات و ضرورة تطبيقه عبر اعتماد حوكمة جيدة ورزنامة محددة، سيّما و أن هذا البرنامج سهر على إعداده عديد الخبراء و الكفاءات التونسية من بينهم خبراء الاقتصاد في اتحاد الشغل، مستنكرا في ذات السياق اعتبار بعض الأطراف أن المبلغ المتفق عليه بسيط.
واستنادا لما أكده محافظ البنك المركزي، فان تنفيذ الإصلاحات ضروري لعودة النمو في أسرع وقت ممكن و بالتالي خلق الثورة و دفع النمو و استقطاب الاستثمارات و الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد.
الاندماج المالي و خدمات الدفع الرقمي
كما تحدث العباسي بالمناسبة، عن أهمية اعتماد المعرف الوحيد من قبل أصحاب المؤسسات و رجال الأعمال و استغلال الخدمات المقدمة من قبل وزارة تكنولوجيات الاتصال التي تقوم بعمل هام في اتجاه تقديم و تطوير الخدمات الرقمية، وفق تقديره.
ودعا الى ضرورة اعتماد خدمات الدفع الرقمي التي تم الإعلان عنها للحد من التداول النقدي للأموال على غرار خدمة الدفع التي تم اطلاقها مؤخرا بين الستاغ و الصوناد.
وتوجه العباسي بالسؤال للمشاركين في حلقة النقاش و من منهم اعتمد هذه الخدمات، مشددا على أنه إذا لم يكن هناك دفع رقمي فلن يكون هناك تحويل نقدي.
وبين، أن البنك المركزي، اشتغل على عديد المسائل على غرار الاندماج المالي الذي من شأنه أن يساهم في الترفيع من تصنيف تونس و تمكينها من التوصل الى اتفاقيات مع المؤسسات المالية الدولية.
و أشار إلى أن اشتغال البنك المركزي على مثل هذه الخدمات من بين العوامل التي مكنت تونس من التوصل إلى اتفاق التمويل بقيمة 1،9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي الذي سينظر مجلس إدارته فيه في 19 ديسمبر الجاري.
الترفيع في نسب الفائدة
و من بين المواضيع الأخرى التي تم تناولها في ذات اللقاء، مسألة الترفيع في نسب الفائدة، حيث اعتبر محافظ البنك المركزي، ان الترفيع في نسبة الفائدة ليست خيارا و إنما ضرورة، وفق تقديره.
وبين ان الترفيع في نسبة الفائدة هي الآلية الأكثر استعمالا بالنسبة للبنوك المركزية، مشددا على ضرورة أن تكون السياسة النقدية للبنك مستقلة.
مجلة الصرف
وردا عن سؤال يتعلق بمستجدات قانون الصرف، أكد العباسي، أن البنك المركزي يتجه نحو الانتهاء من إعداد الوثيقة الخاصة بمراجعة قانون الصرف و سيتم عرضه على الحكومة و تقديم الدراسة التي تم إعدادها في الغرض في غضون الـ 10 أيام القادمة.
و أكد العباسي، أن دور البنك المركزي في علاقة بقانون الصرف يتمثل في تقديم الدعم التقني و القرار الأخير بشأنه يعود للحكومة، وفق قوله.
وبين أن قانون الصرف لن يكون ثوريا و لكنه سيستجيب لتطلعات المتعاملين الاقتصاديين و لمتطلبات السوق و المستثمرين و سيتضمن عديد الإجراءات على غرار تسهيل مسألة التراخيص و عمل الشباب و الأشخاص الذين يشتغلون مع مؤسسات أجنبية، إلى جانب إجراءات خاصة بالتونسيين الذي تفرض عليهم إقامتهم بالخارج فتح حسابات مالية في بنوك أجنبية، فضلا عن تنظيم تداول العملات الرقمية و مسائل صرف العملة.
كما سيتضمن القانون الجديد إجراءات خاصة بالمستثمرين الأجانب و الاستثمار.
وشدد محافظ البنك المركزي، على أن قانون الصرف الحالي أصبح لايتماشى مع التطور الاقتصادي و يتعارض مع واقع المستثمرين، و أن القانون الجديد الذي سيتم إحداثه يجب أن يستجيب لتطلعات كل المتدخلين في المجال الاقتصادي.
جدير بالذكر، فان اللقاء الذي انتظم السبت الماضي في سوسة، يندرج في اطار فعاليات الدورة 36 لايام المؤسسة، ببادرة من المعهد العربي للمؤسسات تحت شعار “المؤسسة و الأمان …الحريات و السيادة الوطنية”.