أطلقت وزارة الصحة العمومية صيحة فزع حذّرت فيها من انخرام التوازنات المالية للمؤسسات الصحية في تونس وعبرت من خلالها عن مخاوفها من وصولها مرحلة تعجز فيها عن تقديم خدماتها الصحية.
واعتبر محمد مفتاح,مكلف بمهمة بديوان وزير الصحة الثلاثاء خلال اللقاء الإعلامي الدوري الخامس والتسعين أن هذا المرفق العمومي يمر بفترة حرجة ووضع خطير من شأنه أن يحتد ويتطوّر ويهدد استمرارية القطاع اذا لم تتخذ الاجراءات الضرورية لتصحيح هذا الانخرام.
وذكر مفتاح ان مديونية المؤسسات العمومية للصحة تجاه الشركات الوطنية قد بلغت 103 مليار و736 مليون خلال سنة 2010 مقابل 94 مليار و485 مليون سنة 2011 وذلك بعد تسديدها لجزء من ديون الصيدلية المركزية.
وفي سياق متصل,اشار ايضا ممثل وزارة الصحة الى ان ديون المؤسسات الاستشفائية الجهوية قدرت ديونها ب7مليارات و915مليون و بالنسبة للمستشفيات المحلية تبلغ ديونها 5 مليارات و940 مليون ،مقابل مليار و 572 مليون لمجامع الصحة الاساسية و مليارين و171 مليون للمراكز المختصة ,علما وأن الصيدلية المركزية لها من المستحقات المالية لدى المؤسسات الصحية ما قدره 285 مليار.
وعن أبرز العوامل التي تقف وراء هذا الوضع المتردّي,أقر محمد مفتاح بوجود جملة من المسببات أهمّها النفقات الاجتماعية للمؤسسة الصحية والتي قدرت خلال سنة 2011 ب7 مليارات و205 مليون.
وشدّد مفتاح على أن الوزارة لا تريد بذلك أن تلغي العمل الاجتماعي وإنما تسعى الى ترشيده,منتقدا في ذلك الاتفاقيات التي تمضيها النقابات مع مديري المؤسسات العمومية للصحة دون الرجوع الى سلطة الاشراف الا وهي الوزارة.
وقال أن هذه الاتفاقيات لا تخلو من التجاوزات( تجاوزات للقوانين والمناشير الوزارية على غرار رصد مبالغ لساعات عمل وهمية) وأنها لم تستوف شروطها من الناحية القانونية.
وأضاف المكلف بمهمة بديوان وزير الصحة أن الفوترة المعتمدة في جل المؤسسات الصحية والتي تتناسب مع كلفة العلاج” وسوء التصرّف واستفحال الفساد المالي والإداري هي عوامل تساهم بشكل كبير في الوصول الى حالة التأزم الحالية,و كشف أن المؤسسات الصحية تخسر ساعات عمل كبيرة,حيث أنه وعلى سبيل المثال بلغت أيام العمل الضائعة في إحدى المؤسسات الصحية الاستشفائية في تونس الكبرى 15 الف و541 يوم خلال سنة 2010 انتفع بها الف و165 عونا على مجموع يناهز الالفي عون,كما قدّر مجموع ساعات التأخير في مؤسسة صحية أخرى خارج العاصمة خلال الثلاثية الاولى لسنة 2011 ب285 يوم عمل.
ودعا المسؤول في هذا الاطار الطرف النقابي للجلوس على مائدة الحوار والتفاوض لإيجاد حلول عادلة ومنصفة وكذلك إعادة إمضاء اتفاقيات جديدة تحدّ من الضغط على المؤسسات الصحية,نافيا كل ما تم ترويجه عن أن وزارة الصحة تقف ضد العمل النقابي.
وعن المؤثرات الجانبية لمديونية الصيدلية المركزية من حيث تزويد مؤسسات الصحة بالأدوية وكذلك لمديونية المؤسسات الصحية وانعكاساتها على كلفة العلاج,أوضح مفتاح أن مديونية الصيدلية المركزية لن تكون لها أي آثار تذكر خاصة وأن وزارة المالية هي التي تسارع بضخ التمويلات الضرورية كلما اقتضى الأمر, مذكّرا بأن المخزون الوطني من الادوية يكفي لمدة 6 اشهر إضافية, أما بالنسبة لتأثيرها على كلفة العلاج فأكد أن الاسر التونسية تساهم ب45 في المائة من كلفة الخدمة الصحية وهي نسبة مرتفعة في الوقت الذي يجب أن تكون فيه أقل من ذلك بكثير.
وتساءل عما إذا كان ما يقتطع من الاجراء كاف لتغطية نفقات القطاع الصحي والذي حدّد خلال سنة 2011 ب6 آلاف مليار
خاصة و ان عدد بطاقات العلاج المجاني في تونس يتقدّر ب230 الف مقابل ما يزيد عن 500 الف بطاقة علاج بتعريفة منخفضة.
شادية هلالي