ماهي فرص التغيير المتاحة في منطقة الشرق الاوسط في ظل التحولات الراهنة؟ ما هي العراقيل التي تحول دون اندماج الاقتصاديات الناشئة في هذه المنطقة ؟ ثم كيف نرسم آفاقا جديدة لتطوير الاستثمار والتجارة ومختلف المعاملات الاقتصادية بين دول هذه المنطقة والولايات المتحدة الامريكية التي تعد من أهم وأضخم الاقتصاديات؟
لماذا يظل حجم المعاملات الاقتصادية بين تونس والولايات المتحدة الامريكية محتشما مقارنة بشركائها الاقتصاديين التقليدين وكيف يمكن اليوم في ظل الانتقال الديمقراطي أن نعزز هذه العلاقات الاقتصادية وندعمها وفي أي ظروف؟
نقاط تم تناولها صباح اليوم ,الخميس 10 ماي 2012 خلال ندوة نظمتها الغرفة الامريكية التجارية للشرق الاوسط بالتعاون مع الغرف الأخرى الثمانية التابعة لها و المتواجدة بدول المنطقة.
ويبدو أن الفساد والرشوة اللذين كانا يطغيان على بلدان المنطقة قد لعبا دورا محوريا في تقلص الحظوظ, حيث لاحظ السفير المنسق الخاص للانتقال في منطقة الشرق الأوسط “وليام تايلور” أن النجاح في الوقت الحالي يعد أصعب من مجرّد التخلّص من بن علي أو غيره ذلك أننا في مواجهة قرارات أصعب تهم تحديد التوجهات الاقتصادية المستقبلية واستخلاص العبر مما حدث طيلة 23 سنة”,مؤكدا على ضرورة الاصلاح وحماية حقوق المستثمرين الخواص.
وقال المسؤول الامريكي :”كل الرأي العام الدولي يطالب بالشفافية التامة وإرساء منظومات حقيقة للرقابة,الأمر الذي سيسهم بدوره في ارساء اقتصاد فعلي يساعد على تحقيق النمو ,كما أن القرارت التي يجب اتخاذها هي ممكنة خاصة مع صعود تيارات وقيادات جديدة في كافة المنطقة, فمهما كانت الأحزاب التي تنتمي اليها هذه القيادات سندعمها وسنتعاون معها.”
و فيما يتعلق بتونس ,أوضح “تايلور” أن تونس أمامها فرصة هامة للنجاح مع هذه البداية السياسية الكبيرة للحكومة الحالية التي حازت على غالبية الأصوات وكانت ائتلافية توافقية ,الأمر الذي يعطي رسائل إيجابية مضمونها أن في المنطقة حزبا اسلاميا حاكما يمكن أن ينجح في إرساء الديمقراطية” .
محافظ البنك المركزي,مصطفى كمال النابلي قدّم من جهته رسالة الى مختلف المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات الأجانب والتونسيين مفادها أن يكونوا فاعلين وأن لا يكتفوا بدور المتفرج الى حين عودة الاستقرار.
وأبرز أنه حان وقت الاستثمار في تونس لدعم المرحلة الانتقالية,مشيرا إلى أن تونس لها امكانات هامة وواعدة في الاستثمار وأن انجاح المسار الانتقالي الديمقراطي يرتبط أشد ارتباط بتطور الاقتصاد.
في المقابل, أشار كاتب الدولة لدى وزير الاستثمار والتعاون الدولي ,علية بالطيب الى أن مسار الانتقال الديمقراطي في تونس ولئن بدا سيره بطيئا فإنه في الاتجاه الصحيح.
وتساءل عن أهم الأولويات في هذه المرحلة, موضّحا أنها تكمن في ايجاد حلول عملية هي مفتاح الاستقرار والعمل التنموي مثل فك الاعتصامات وحماية الولاة… لأن تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي والتخلص من الاضرابات في تونس تعد من أهم العوامل المساعدة على توفير مناخ مناسب للاستثمار.
وحدّد بالطيب أهم العراقيل في كونها تتلخص في أن مستثمري العالم ككل لا الامريكيون فقط ينظرون إلى المنطقة من زاوية أنها مصدر رئيسي للطاقة وهو ما يعكس ضعف حجم الاستثمارات الامريكية بها ,كما أن الامريكيين يركزون أحيانا أعمالهم على مصر ودبي فقط باعتبار أن الدولة الأولى تعد سوقا استهلاكية كبرى والثانية نظرا الى سوقها المالية.
وأضاف كاتب الدولة أن الحكومة التونسية واعية تماما بجل العوامل التي تضعها الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من بلدان العالم في الحسبان وهي انفتاح السوق والديمقراطية وقانون الشغل,مؤكدا أن الحكومة الحالية منخرطة الآن في الاصلاح وأنها ستعلن عن قرارات جريئة لمزيد الانفتاح على الاقتصاد وإحداث اصلاحات في قانون الشغل وتطوير البنية التحتية في المنطقة(إمكانات مهمة لإصلاحات لوجستية لربط تونس بليبيا وبالجزائر).
وفي سؤالنا المتعلق بأسباب ضعف التواجد الامريكي (اقتصاديا) خاصة في تونس ,أوضحت رئيسة الغرفة الامريكية التجارية لتونس ,آمال بوشماوي أنه يوجد بتونس 84 شركة أمريكية توفر 14 ألف موطن شغل وهي أرقام ضعيفة جدا مقارنة بالتواجد الامريكي الاقتصادي في شمال افريقيا وفي الشرق الاوسط.
ودعت بوشماوي الى ضرورة تجاوز بعض الصعوبات على غرار البنية التحتية وتعزيز الرحلات الجوية والبحرية لتسهيل الربط وعمليات التبادل وكذلك التفكير في إحداث تكتلات في المنطقة شبيهة بالتكتلات الأوروبية الناجحة.
وبالنسبة لرئيس الغرفة الامريكية التجارية بالأردن,محمد بطينة فيرى أن عدم الاندماج و ونقص التواصل بين بلدان منطقة الشرق الأوسط يعيقان التطور الفعلي لها,فضلا عن نقص سيولة حركة رأس المال والاستثمارات حيث لا تتجاوز نسبة التبادل التجاري بين البلدان العربية 10 بالمائة كما لا يوفر سوى 25 مليون موطن شغل,علما وأن التوقعات تشير الى امكانية الوصول الى نسبة نمو في منطقة الشرق الأوسط تقدر ب4,8 بالمائة لكن يبدو الأمر صعبا خاصة بالنظر الى النسبة المرتفعة للبطالة.
وقد أجمع جل الحاضرين في الندوة من أصحاب شركات تجارية عملاقة على غرار “كوكا كولا” و”جنرال الكتريك”…على ضرورة أخذ قرارات واضحة و جريئة لتعزيز التعاون واستغلال الفرص الجديدة التي أتاحتها ثورات الربيع العربي للقطع مع الفساد والمحسوبية .كما التزموا بمواصلة أنشطتهم في المنطقة وتعزيزها بما يسمح بإحداث مواطن شغل إضافية وتحقيق نسب أعلى من المعاملات.
ويذكر أن حجم الصادرات التونسية نحو الولايات المتحدة الامريكية لا تتجاوز 2,5 بالمائة من جملة الصادرات التونسية(ألف و200 مليون دينار) كما ان واردات تونس من الولايات المتحدة الامريكية تمثل 4,5 بالمائة فقط(600 مليون دينار).
شادية الهلالي