تونس-افريكان مانجر
يعمل ديوان التونسيين بالخارج على احداث إستراتيجية جديدة تراهن على تعزيز التواصل مع المواطنين بالخارج في المجالات الاجتماعية و الاقتصادية على حد السواء، الى جانب تعزيز دور الجالية التونسية في دعم الاقتصاد و تنمية البلاد، بحسب ما أكده المدير العام لديوان التونسيين بالخارج، محمد المنصوري.
أرقاما قياسية
و أوضح المنصوري، في حوار لموقع أفريكان مانجر، أن الديوان يعمل على تعبئة الجالية التونسية بالخارج لدعم اقتصاد و تنمية البلاد بالاستثمارات المادية و اللامادية، لا فقط بالاعتماد على التحويلات بل كذلك من خلال التشجيع على الاستثمار عبر تبسيط اجراءات بعث المشاريع خاصة في القطاعات ذات الأولوية و القطاعات الواعدة.
و اعتبر المنصوري، أن تحويلات التونسين بالخارج تُعد اسنادا حقيقيا للاقتصاد الوطني، مشيرا الى أن سنة 2022 سجلت التحويلات أرقاما قياسية حيث بلغت حوالي 9،4 مليون دينار.
وقد حافظت على نسقها التصاعدي خلال الثلاثي الأول من سنة 2023 مُحققة تطورا بنسبة 10%، وذلك على الرغم من تواصل التحويلات غير القانونية، حيث تُبين الاحصائيات ان التحويلات ترتفع في الثلاثي الثالث من كل سنة .
و يرى مُحدثنا، أن توجه التونسيين بالخارج نحو اعتماد طرق غير قانونية عند تحويل الأموال الى تونس يعود الى ارتفاع تكلفة التحويلات و التدفقات المالية، وهو ما يستوجب تقريب الخدمات البنكية من الجالية عبر احداث فروع للمؤسسات البنكية خاصة منها العمومية للحدّ من هذه الممارسات، وفق تقديره.
وشدد على ان التخقيض من كلفة االتحويلات البنكية سيساهم في مزيد الترفيع من قيمتها، وفق تقديره.
الهجرة الدائرية
واستنادا لما أكده مُحاورنا، فان الديوان يعمل على استقطاب التونسيين بالخارج، سيما و أنه خلال السنوات الأخيرة ظهر نوع جديد من الهجرة يسمى بـ” الهجرة الدائرية” التي خلقت حركة دائرية تتمثل في تنقل اليد العاملة المهاجرة ما بين البلد الأصلي إلى بلد الاستقبال أو العكس، فضلا عن تفاقم ظاهرة هجرة الأدمعة، وهو ما يتطلب أكثر من أي وقت مضى اعتماد اجراءات عملية لاستقطابهم أو الاستفادة من تجاربهم بالخارج لمزيد اشعاع البلاد.
وفي سياق متصل، قال المنصوري، ان بلادنا مُطالبة بالاستثمار في مجال التكوين المهني و تكوين الشباب في التخصصات المطلوبة في تونس و دول المهجر في ذات الوقت، خاصة و أن عديد الدول في حاجة الى اليد العاملة الماهرة.
ويقول مدير عام ديوان التونسيين بالخارج، ” ان جعل التكوين المهني يستجيب لمتطلبات سوق الشغل المحلية و العالمية يُمكن مستقبلا من استقطاب اليد العاملة التونسية بعد نهاية عقودهم بالخارج في اطار الهجرة الدائرية، خاصة في ظل توقعات بأن تشهد عديد المجالات في بلادنا انتعاشة هامة على غرار القطاع السياحي و النسيج او القطاعات الواعدة و الطاقات البديلة و رسكلة النفايات و تثمينها.
و أشار الى أن سوق الشغل الايطالية، على سبيل المثال، تحتاج الى 80 ألف موطن شغل في مهن متعددة، لابد من الاستفادة منها، بالاضافة الى أن دول أمريكا الشمالية في حاجة الى اليد العاملة الماهرة.
وبخصوص سُبل تشجيع التونسيين المقيمين بالخارج على بعث المشاريع و احداث مؤسسات اقتصادية في تونس، قال مُحدثنا، ان 57 ملحقا اجتماعيا يعملون صُلب الديوان سيكون لهم الى جانب دورهم الاجتماعي دور اقتصادي بهدف لتسهيل عملية ادماج المواطنين بالخارج في الاقتصاد الوطني.
ويحرص ديوان التونسيين بالخارج، على اعتماد العمل الشبكي و التنسيق مع مختلف هياكل الدولة المتدخلة في الشأن الاقتصادي كوكالة النهوض بالصناعة و التجديد و وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية و الديوانة التونسية و غيرها من الهياكل، بهدف تسهيل اجراءات بعث المؤسسات و التعريف بها لدى التونسيين بالخارج.
و قد أبرم الديوان مؤخرا اتفاقيات مع منطقة الانشطة الاقتصادية و الأقطاب التنموية ببنزرت و جرجيس و قريبا سيتم امضاء اتفاقية جديدة مع القطب التنموي بالمنستير بهدف التعريف بالتسهيلات الادارية الموجودة و الفضاءات المهيئة للاستثمار، و قريبا سيتم عقد اتفاق مع الوكالة الصناعية العقارية للتعريف بالمناطق الصناعية المهيئة.
وجهة جديدة للتونسيين
وشدد المنصوري، على ضرورة تعزيز سلك الملحقيين الاجتماعيين خاصة في الدول ذات الكثافة المهجرية كهولاندا و اسبانيا و البرتغال و الامارات العربية المتحدة و الدول التي أصبحت تمثل وجهة جديدة للتونسيين على غرار أمريكا الشمالية و بريطانيا و الدول الاسكندينافية.
جدير بالذكر، فان بلدان أمريكا الشمالية (الكندا والولايات المتحدة) تعتبر من بين الوجهات الجديدة للجالية التونسية حيث تستقطب شريحة هامة من الكفاءات كما تقدر نسبة تواجد التونسيين بهاذين البلدين بــ2.1 % و1.5 % على التوالي، وتطور التونسيين المقيمين بهذه المنطقة خلال العقد الأخير حيث بلغت النسبة 6.6 % ( أي ما يقارب ضعف معدل التطور السنوي للجالية).
ارتفاع تكلفة النقل
وردا عن سؤال يتعلق بتشكيات التونسيين بالخارج، من ارتفاع تكاليف العودة الى تونس خلال العطل و المناسبات، أقر مدير عام ديوان التونسيين بالخارج بارتفاع تكلفة السفر خاصة بالنسبة للعائلات مرتفعة العدد و الذين دخلهم محدود.
وبحسب محدثنا، فان ارتفاع الأسعار يعود الى أسباب خارجية و أخرى محلية، داعيا شركات النقل التونسية “الخطوط التونسية و الشركة التونسية للملاحة” الى تقديم عروض خاصة بالمقيمين بالخارج تُشجعهم على العودة الى ارض الوطن و ربط صلتهم بالوطن الام، وفق تعبيره.
و لفت الى أن من بين أسباب ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، تراجع عدد رحلات شركات الطيران منخفضة التكلفة، الى جانب تأخر تونس في تفعيل اتفاقية السماوات المفتوحة التي قد تساهم في تنويع العروض و في تنشيط المطارات الداخلية، مؤكدا أنه تم مؤخرا استئناف النقاشات بخصوص هذه الاتفاقية.
وخلص مدير عام ديوان التونسيين بالخارج، محمد المنصوري، الى أن الديوان يسعى الى أن يكون صوت التونسيين بالخارج ووجهته الأولى، و يعمل على تعزيز دوره في الجانب الاقتصادي من خلال دعم فرص الاستثمار ببلادنا.