تونس – أفريكان مانجر
واجه قانون المالية لسنة 2019، منذ عرضه على الجلسات العامة بمجلس نواب الشعب عدّة انتقادات. ويرى البعض أنه يخدم “مصالح الأثرياء ويهمش أكثر الطبقة الفقيرة” كما طالب البعض بضرورة سحبه داعين رئيس الجمهورية لعدم إمضائه.
وقد قدّم اليوم الاثنين، أكثر من 70 نائبا إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين طعنا في عدّة فصول من قانون المالية لسنة 2019.
قانون مخالف للقوانين ومغيب للإصلاح
رفضت العديد من المنظّمات الوطنية والمهنية، هذا القانون، اذ عبر الاتحاد العام التونسي للشغل عن عدم ”رضاه المطلق” عن مضامينه، معتبرا أنّ هذا القانون التي تمت المصادقة عليه بـ113 صوتا، يفتقد إلى النفّس الإصلاحي والرؤية الاستراتيجية والإرادة المطلوبة من أجل تفعيل الإصلاحات الجبائية و المحافظة على المقدرة الشرائية للمواطن ومراقبة مسالك التّوزيع والإنتاج ومقاومة الإحتكار والتهريب وعلى توازنات الماليّة العموميّة.
وأكد الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، أن القانون “لا يدافع عن الشعب بقدر ما يضمن لها التمويل عبر خدمة بعض العائلات المافيوزية القادرة على تمويل بعض الاحزاب خلال الانتخابات المقبلة”، مشددا على أنه “سيفاقم من معاناة المواطن التونسي في ظل تدهور المقدرة الشرائية وتراجع قيمة الدينار وارتفاع نسب التضخم، وفق رأيه.
ومن جانبه، اعتبر النائب عن الجبهة الشعبية،عمار عمروسية، في تصريح لـ”أفريكان مانجر”، “أن قانون المالية لسنة 2019 نموذجي… يخدم بالأساس مصالح قلة من الاثرياء والسماسرة”، لافتا إلى أنّ القانون منح امتيازات مالية لـ”كبار الأثرياء” بدعم من كتلة الائتلاف الوطني المساندة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد ونواب حركة مشروع تونس والائتلاف الحاكم.
وانتقد عمروسية الفصلين الإضافيين المقترحين من قبل وزير المالية، رضا شلغوم والمتمثلين في تخفيض نسبة المعاليم الديوانية المستوجبة على توريد “اللاقطات الشمسية” الى نسبة 20 بالمائة وفصل اخر متعلق بتأجيل تطبيق الترفيع في الضريبة الموظفة على الفضاءات التجارية الكبرى من 25 بالمائة إلى 35 بالمائة إلى سنة 2020، واصفا اياهما بـ”الفضيحة الكبرى” التي تخدم مصالح الأثرياء.
وقد دعت فيه الشعبية، في بيان، مناضليها إلى “تعبئة طاقاتهم والتحرك في الساحات والشوارع مع كل الفئات والقطاعات الشعبية دفاعا عن الوطن ومقدراتهم وقوتهم، من جانبه شدد التيار الديمقراطي على أن ميزانية 2019 بنيت على “فرضيات هشّة وغابت عنها الرؤية الاقتصادية والاجتماعية وانحرفت عن أهداف مخطّط التنمية واعتمدت اجراءات عشوائية دون تقييم للإجراءات السابقة”.
وقال الأمين العام للحزب، غازي الشواشي، في تدوينة على حسابه الرسمي بالفيسبوك، إن تمرير القانون لا يعتبر إلا مواصلةً لفرض الخيارات اللاوطنية واللاشعبية لحكومة يوسف الشاهد، مؤكدا على أنه يكرس “هيمنة لوبيات الفساد والانحياز للعائلات المتنفّذة والانصياع لدوائر القرار الدولية على القرار السيادي الوطني والمصلحة الوطنية”.
ودعا الشواشي إلى”اعتماد بدائل جدية وناجعة عاجلة تتعلّق بمكافحة التهرّب الضريبي وتغيير العملة واستخلاص الديون الجبائية والديوانية مع ضرورة تنقية مناخ الأعمال ورقمنة الإدارة وتبسيط اجراءاتها وتعصير الإدارة الجبائية وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية لها والتسريع ببيع الأملاك المصادرة في كنف الشفافية”، وفق قوله.
وعارضت الهيئة الوطنية للمحامين، بشدة هذا القانون، الخاصة الفصل 34 المتعلق برفع السر المهني، إذ نظمت وقفة احتجاجية وطالبت بضرورة سحب القانون ودعا رئيس الهيئة، عامر المحرزي، رئيس الجمهورية خلال لقاء في قصر قرطاج، إلى ممارسة صلاحياته الدستورية وعدم ختم القانون وإعادته إلى البرلمان لما فيه من “حيف كبير وخرق للقانون الخاص بمهنة المحاماة”، مشددا على أن “السر المهني أمر مقدس”، وهو الأمر الذي ساندته جمعية الخبراء المحاسبين التي أكدت رفضها لرفع السر المهني الذي يراد من خلاله “تحجيم دور المهن الحرة”.
قانون “انتخابي”
من جهته، أقر المحلل الإقتصادي، صادق جبنون، في تصريح لـ”أفريكان مانجر”، بوجود نقائص ونقاط ضعف عدة في ميزانية الدولة لسنة 2019 وعلى رأسها الفصل 34 المتعلق برفع السر المهني، مشير إلى أنه قانون قد اخذ بعين الاعتبار الاستحقاقات الانتخابية القادمة، حتى قبل الخروج من الأزمة الّإقتصادية.
وأوضح جبنون، أن قانون 2019 لم يأتي بالجديد عن قانون السنة الفارطة ما عدى بعض الإضافات فيما يتعلق بالجباية وهو ما اعتبره خلل جبائي ، إذ تم التوحيد في نسبة الجباية المفروضة على الشركات المصدرة و المحلية من خلال التخفيض في جباية الشركات المحلية من 25 الى 13,5 بالمائة و الترفيع في جباية الشركات المصدرة بـ 3,5 بالمائة لتبلغ 13,5 بالمائة، لافتا إلى ارتفاع نفقات الصرف والدين العمومي وغياب الاستثمارات العمومية.
وانتقد المحلل الاقتصادي، تكتم وزير المالية على مشروع القانون قبل عرضه على مجلس النواب، معتبرا عرضه للمناقشة العامة قبل يومين “خطأ فادح” وليس معمول به في دول العالم الأخرى التي تقوم بعرضه للنقاش العامة قبل شهرين من عرضه على البرلمان .
ولفت جبنون إلى حاجة الصناديق الاجتماعية لإعادة الهيكلة، مؤكدا على أن الدولة ستحتاج إلى قانون تكميلي نهاية السنة .
وفيما يتعلق بالفصل 34 المتعلق برفع السر المهني عن المهن الحرة، اعتبر المحلل الاقتصادي، انها نقطة ضعف أساسية، خاصة وانها مخالفة للقوانين والإتفاقيات الدولية، مشددا على أنه حق أساسي لا يمكن المس منه.
وفي رده على طعن عدد من النواب في دستورية القانون، قال جبنون، إن عمليات الطعن يضمنها الدستور وفي حال تم رفضه من قبل رئيس الجمهورية، فان الحكومة ستلتجأ عبر الأوامر القانونية إلى اعتماد موزانة الـ3 أشهر.