تونس-أفريكان مانجر
بعد فتح اول مطعم حلال ذو خصوصية اسلامية بجهة سهلول من ولاية سوسة، نسج قطاع السياحة على نفس المنوال، ليفتتح اول نزل حلال من فئة 3 نجوم بسيدي محرز من معتمدية جربة، ثمّ يليه تحويل نزل من فئة 3 نجوم بمنطقة باب سعدون الى نزل “حلال”، وفي أحدث الصيحات فتح متجر للملابس النّسائيّة والرّجاليّة كتب عليه “متجر المسلم” و”أوّل متجر اسلامي في تونس” ، مع الإشارة الى أنّ هذا المتجر خاصّ بملابس “شرعيّة” نسائيّة ورجاليّة وأطفال وكتب وأدعية وموّاد تجميل طبيعيّة، والغريب أنّ السّلطات المعنيّة تواجه هذه الممارسات بصمت.
وفي هذا الإطار، اتّصل “أفريكان مانجر” ببلديّة باب سويقة التّي أكّدت في تصريح على لسان هدى الورتاني المتصرّفة بالبلديّة أنّ إدارة التّراخيص والتّراتيب البلديّة هي التّي تمنح الرّخص، غير أنّها عبّرت عن استنكارها تجاه هذه التّسميات، مبرزة أنّ مثل هذه الممارسات يمكن أن تكون فرديّة وليست بترخيص من الجهات المعنيّة، خاصّة وأنّ عمليّات المراقبة أصبحت أصعب في ظلّ الانفلاتات الأمنيّة والإجتماعيّة الحاصلة بالبلاد منذ اندلاع الثّورة، ووعدت محدّثتنا بالنّظر في هذا الموضوع ومتابعته، خاصّة وأنّ مثل هذه التّسميات تجعل من الملابس الأخرى، ملابس “كفّار” ومن متاجر الملابس الدّاخليّة، متاجر “حرام”.
تصنيف فيه كثير من الاستفزاز
وحول نفس الموضوع حاول “أفريكان مانجر” الإتّصال بإدارة التّراخيص والتّراتيب البلديّة، إلاّ أنّها لم تتمكّن من الحصول على اجابة. وفي اتّصال بسليم سعد الله نائب رئيس منظّمة الدّفاع عن المستهلك، قال إنّ هذا الموضوع حسّاس ولا يمكن للمنظّمة أن تحدّد موقفها منه، إلاّ بعد الاجتماع بكافّة أعضاء المنظّمة.
من جهة أخرى، قال محسن بن ساسي رئيس غرفة تجارة الملابس الجاهزة في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ مثل هذا التّصنيف من المستبعد أن يكون بترخيص من الجهات المعنيّة، معتبرا ذلك فيه كثير من الاستفزاز للنساء غير المحجّبات وللرّجال الذين لا يلبسون “قمصان” وما شابه ذلك. وأضاف محدثنا أنّ صاحب هذا المتجر يمكن أن يكون قصده بمتجر المسلم متجر خاصّ بملابس المحجّبات وملابس “شرعيّة” خاصّة بالرّجال والأطفال -رغم أنّ هذه الملابس أفغانيّة الأصل ولا علاقة له لا بتقاليدنا ولا بديننا- وليس نيّته مثلما قد يذهب اليه المشاهد للافتة، غير أنّه مهما كانت نيّته لا يجوز التّسويق لمنتوجاتنا بشكل يقبل التّأويل ويشرّع للفتنة على حدّ تعبيره.
فنادق “حلال” والأخرى “حرام”
وبالبحث عن أسباب تفشّي مثل هذه الظّواهر الخطيرة التّي تشرّع للتّكفير، لاحظت “أفريكان مانجر” أنّ علامة “حلال” دخلت في قاموس بلادنا بعدما قام المعهد الوطني للمواصفات الصّناعيّة منذ حوالي سنتين بإدراج تصنيف “حلال” لبعض المنتوجات الغذائيّة الموجّهة للتّصدير -والغريب أنّ هذا التّصنيف شمل بعض الخضر التي لا شكّ في أنّها “حلال” على غرار الطّماطم- لتغزو هذه العلامة ملابس السّباحة الخاصّة بالمتحجّبات (في إحدى الفضاءات الكبرى) ثمّ تطال الفنادق وتصبح بذلك فنادق “حلال” وأخرى “حرام ” ومتاجر لـ “المسلمات” و”المسلمين وأخرى لـ ” الكفّار”.
تصنيف جديد يشرّع للتّكفير
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة الى أنّ بلادنا كانت تحتوي منذ سنوات على 5 فنادق بالبحيرة لا يبيعون الموّاد الكحوليّة ولا لحوم الخنزير، ولكنّها لم تستعمل علامة “حلال”، ويذكر أنّ نبيل السّيناوي مدير عامّ نزل بالعاصمة قال في تصريح سابق لـ “أفريكان مانجر” إنّ هذا التّصنيف غير موجود وإدارة المنتوجات تصنّف الفنادق بالنّجوم لا بـ “الحلال” و”الحرام”، مضيفا أنّ هذه “المواصفة” فيها تعدّي على هيبة الدّولة وعلى وزارة السّياحة وتطرح جملة من التّساؤلات حول من يرخّص لهؤلاء بوضع “علامة” حلال ؟ وأين البلديّة من كلّ هذا ؟
علامة “حلال” مجرّد “بدعة “
وحول نفس الموضوع، قال عفيف الكشك المستشار السّياحي وصاحب نزل ببنزرت في تصريح سابق لـ “أفريكان مانجر” إنّ علامة “حلال” يتمّ وضعها بصفة فرديّة دون الرّجوع الى أي جهة من الجهات، مبرزا أنّها “بدعة” تهدف فقط الى جلب أكبر عدد من الحرفاء ومن المستبعد أن تكون لها تأثيرات سلبيّة على القطاع السّياحي.
وفي ذات السّياق، بيّن رضوان بن صالح رئيس الجامعة التّونسيّة للنّزل أنّ علامة “حلال” غير مرخّص فيها من قبل ايّ جهة، ويتمّ وضعها بصفة فرديّة ولا يمكن أن تؤثّر على قطاع السّياحة، غير انّها يمكن أن تقابل بالرّفض من قبل بعض المواطنين، مضيفا أنّ الجامعة تمكّنت بالتّعاون مع كلّ الأطراف المعنيّة من رفع علامة “حلال” من النّزل بالعاصمة بطريقة وديّة.
وفي ذات السّياق، أشار بعض المراقبين إلى أنّ هذا التصنيف الجديد يشرّع للتّكفير وللفتنة وللتّناحر، ويهدّد الأمن والسّلام داخل البلاد ويتعدّى على هيبة الدّولة، مبرزين أنّ علامة “حلال” علامة “تجاريّة” أكثر منها “عقائديّة” يتمّ وضعها بصفة فرديّة دون الرّجوع الى أي جهة من الجهات، لجلب أكبر عدد من الحرفاء، والحصول على تمويلات من قبل جهات معيّنة، لكن يبقى السّؤال المطروح أين المسؤولين من كلّ هذا ؟ ولماذا تواصل الحكومة سياسة اللامبالاة حول هذه المواضيع الشّائكة، رغم أنّ هذه السّياسة سبق وأن عادت على بلادنا بالوبال بعد أن تمّ اعتمادها في ملفّ الإرهاب ؟
هدى هوّاشي