تونس- أفريكان مانجر
لامس سعر الدينار التونسي إزاء الدولار أدنى مستوياته التاريخية أمس لينزلق إلى 1.8 إزاء الدولار قبل أن يرتد إلى 1.79 صباح اليوم الثلاثاء وفي مؤشر خطير على تداعيات وخيمة على الاقتصاد التونسي.
ويتزامن هذا المنحى الخطير للعملة المحلية مع قرار البنك المركزي مراجعة توقعاته بشأن النمو الاقتصادي هذا العام إلى 2.3% مقابل 2.8% كانت متوقعة، وما يؤشر على زيادة في معدلات البطالة في تونس ونسب الفقر التي تشهد حاليا أعلى مستوياتها.
وكان البنك المركزي دعا في أحدث بيان أصدره مؤخرا وفي نداء عاجل للحكومة إلى ضرورة مزيد التحكم في الواردات قائلا إن هناك “حاجة ملحة للتسريع في وضع الإجراءات العملية الهادفة إلى ترشيد الواردات”.
وقال إن هناك مخاطر جدية تهدد التوازنات المالية بسبب تفاقم العجز التجاري في ظل تقلص الصادرات وارتفاع الواردات.
يشار إلى أن عجز الميزان التجاري في تونس زاد نحو 23 % منذ بداية العام الحالي وإلى موفى أوت الماضي ليتجاوز 9.4 مليارات دينار، وما يعادل نحو 75% من احتياطي تونس من العملة الأجنبية حاليا والذي تم تحصيله أساسا بفضل قروض خارجية، وهي سابقة خطيرة يشهدها الاقتصاد التونسي حيث لم يتجاوز العجز التجاري 3 مليارات دينار للعام الواحد قبل ثورة 14 جانفي 2011.
ويتوقع مراقبون من الوسط الاقتصادي أن يكون لعامل تدني سعر الدينار ازاء الدولار، تداعيات وخيمة على العجز التجاري الذي ستزيد كلفته بالإضافة إلى ارتفاع كلفة الديون الخارجية لتونس التي يقع تسديدها بالعملة الأجنبية.
وفي ظل هذه الصعوبات المرتبطة بسعر العملة يرى هؤلاء أن الحل الأنسب حاليا هو الحد من التوريد والاقتصار على الأساسيات من سلع غذائية أساسية والطاقة، وهو قرار مطروح منذ حكومة الترويكا السابقة برئاسة النهضة، إلا أنه لم يطبق لأهداف سياسية كما لم تطبقه الحكومة الحالية رغم الإدعاء بأنها حكومة غير متحزبة ومحايدة وما يطرح فرضية المصالح الضيقة التي قد تكون وراء استمرار الحكومة الحالية في استيراد سلع مختلفة غير تلك الأساسية ورغم تحذيرات البنك المركزي من تداعيات هذا الأمر الوخيمة على الاقتصاد الوطني الذي أخذ بعد منحى تراجعيا.
كما يتوقع أن يؤثر تدني سعر الدينار سلبا على كلفة المعيشة في تونس عبر ما يعبّر عنه اقتصاديا “التضخم”، رغم المنحى التراجعي الذي سجله مؤشر التضخم في الأشهر الماضية ليبلغ 5.6% في شهر سبتمبر الماضي إلا أن استمرار نزول سعر الدينار إزاء الدولار قد يغير هذا المنحى ليصبح تصاعديا بالتزامن مع انهيار القدرة الشرائية في تونس وتفاقم البطالة.
عائشة بن محمود