تونس-أفريكان مانجر
توافقت أمس الخميس 31 أكتوبر لجنة التّوافقات حول مشروع الدّستور بشأن إلغاء الفصل 141 من مشروع الدّستور الذي يمنع تعديل الفصل الأوّل بخصوص دين الدّولة ولغتها، وذلك بإضافة نقطتين في الفصل 140 ينصّان على أنّه لا يمكن المساس بالنّظام الجمهوري ومدنيّة الدّولة، مهما كان لون المجالس التّشريعيّة، كما تمّ إدراج نقطة في الفصل 148 تنصّ على أنّه لا يمكن بالحقوق والحريّات المنصوص عليها في الدّستور، إلى جانب نقطة أخرى تنصّ على أنّه لا يمكن تعديل عدد الدّورات الرّئاسيّة ومدّتها بالزّيادة، ممّا يعني أنّه تمّ حذف نقطتين من الفصل 141، واحدة تتعلّق بدين الدّولة والأخرى بلغتها.
رضا واحتجاجات
هذا الإلغاء أنتج شيئا من الرّضا لدى عدد من الأطراف السّياسيّة، مقابل احتجاجات على بعض المواقع الاجتماعية من قبل الإسلاميين وخاصّة منهم التّيار السّلفي، ممّا قد ينبئ بحدوث تحرّكات ميدانيّة من طرف البعض يمكن أن تصل إلى ردود أفعال عنيفة، خاصّة من قبل بعض المتشدّدين.
هذه التوقعات تنفيها جلّ الأطراف السّياسيّة باعتبار أنّ الظّرف الحسّاس والحرج للبلاد لا يسمح بحدوث مثل هذه الممارسات، نظرا لحالة “الصدمة” التّي يعيشها التّيار السّلفي نتيجة الأحداث الأخيرة على حدّ تعبير البعض، أو نظرا لعودة الأمن بقوّة واعتقال كلّ من يشتبه فيه دون استثناء، إلى أن تثبت براءته، بهدف منع حدوث عمليّات إرهابية أخرى، ومهما اختلفت التّبريرات لاحظنا شبه إجماع بين جلّ الأطراف حول توقّعات باستقرار الأوضاع وعدم ظهور تحرّكات تعكّر المسار الإنتقالي.
الدّستور لغم
وفي هذا الإطار يقول النّاطق الرّسمي لحزب التّحرير رضا بلحاج في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ : ” الحوار الوطني والإرهاب عنصران مترابطان، حيث تمّ الضّغط على مسار الحوار بالّدم ، ويدفع عدّة أطرف إلى تمرير فصول تخدم مصالحها، ليصبح بذلك الدّستور مجرّد وضعيّة قذرة تكرّس العلمانيّة وتقصي الإسلام”، وفق تعبيره في اشارة إلى العمليات الارهابية الأخيرة.
وأضاف أنّ : ” جلّ النّقاشات بعيدة عن وجدان الشّعب، ممّا جعل من الدستور عبارة عن لغم يمكن ان ينفجر في أيّ وقت، تمّ نصّه في شكل صفقات “.
من جهة أخرى أشار رضا بلحاج إلى أنّ : ” الدّستور خرج عن الشّريعة الإسلامية وهو حاليّا عبارة عن مؤامرة هدفها غلق الأبواب أمام التّنظيم الإسلامي وخدمة مصالح الكثيرين تحت غطاء قانوني، والخطير أنّ مشروع الدّستور يجب أن يكون جاهزا في ظرف 3 أسابيع، وهو وقت ضيّق، سيسمح لكثير من الأطراف بتصفية بعض الفصول وتمرير أخرى عل حسابها دون أن نتفطّن لخطورتها في الوقت الحالي، وعند التّفطّن سيكون فات الأوان”، وفق تعبيره.
السّلفيّون لا يملكون القوّة للتّحرّك ميدانيّا
كما أوضح النّاطق الرّسمي لحزب التّحرير أنّ : ” الدّستور عمليّة تمويهيّة جعلت من الطّرح الإسلامي دائما خارج المنظومة القانونيّة والسّياسيّة لاستهداف الإسلاميين والإسلام”.
وعن إمكانية تحرّك ميداني من قبل السّلفيين أكّد أنّ : ” الإسلاميين مازالوا في حالة “بهتة” جرّاء الأحداث الأخيرة من اغتيالات وتفجيرات تلتها حملات اعتقاليّة أمنيّة واسعة شملت كلّ المحسوبين على التّيار السّلفي دون استثناء ، الشّيء الذي أصابنا بخيبة أمل تجاه حركة النّهضة، ورغم كلّ ذلك أؤكّد أنّ التّذمّرات الميدانيّة من قبل السّلفيين لن تتحوّل إلى احتجاجات أو تحرّكات ميدانيّة مهما بلغت درجة غضبها لأنّها لا تملك القوّة الكافية”، وفق تعبيره.
الاكتفاء بتعاليم الإسلام في التّوطئة
أمّا أستاذ القانون الدّستوري قيس سعيّد فقد صرّح لـ “أفريكان مانجر” بأنّه : ” تمّ الاكتفاء بتعاليم الإسلام في التّوطئة وهي تقريبا نفس صيغة دستور 1 جوان 1959 ، ليتمّ حذف صيغة عدم جواز تعديل صيغة الإسلام دين الدّولة وتعويضها بمدنيّة الدّولة”. وأضاف أنّ : “كلّ النّقاشات والمهاترات التي حصلت من المفروض أن لا يقع الإصرار عليها بما أنّها تمثّل قيمة رمزيّة للبعض، إذ يمكن تجاوزها و في المستقبل يتمّ تعديل النّصّ الذي يمنع التّعديل وما هو ممنوع اليوم، قد يصبح مسموح به في المستقبل والعكس صحيح”.
هدى هوّاشي