تونس-افريكان مانجر
تعاني تونس تبعية اقتصادية عميقة ذات مستوى مخاطر كبرى مع عدد من البلدان التي تعتبر شريكة لتونس، بحسب ما أكده عضو المعهد العربي لرؤساء المؤسسات و الأستاذ بالمعهد العالي للدراسات التجارية بقرطاج عبد القادر بودريقة.
و استنادا للمعطيات التي قدمها بودريقة، في تصريح لموقع افريكان مانجر، فان المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أعد دراسة بعنوان “خارطة التبعية الإستراتيجية لتونس”، تهم جزءا من قضية السيادة الاقتصادية و التبعيّات الإستراتيجية في ما يخص بعض المواد المستوردة وتهدف الدراسة إلى قيس مكامن المخاطر و قيس درجة التبعية.
تونس تستورد حوالي 4800 عائلة منتج
وبحسب مصدرنا، فان تونس تستورد حوالي 4800 عائلة منتج حسب التصنيفات العالمية تم تحديدها حسب مخاطر التبعية باعتماد معيار يتعلق بقياس نسبة التركيز (Concentration) في مصادر التزود، حيث يُعتبر المُنتج ذو حساسية في حالة تركز موارد التزود على عدد قليل جدا من البلدان.
والمعيار الثاني يعتمد على قياس نسبة المركزية (Centralité)، بتعلق بعدم وجود إمكانية لتنويع مصادر التزود الخاصة بأحد المنتجات للعدد المحدود للبلدان المنتجة في العالم مثلا.
وقد أظهرت البيانات التي تم دراستها وتحليلها، تحديد قرابة الـ700 منتجا يعتمد توريدها على عدد محدود من البلدان، من ضمنها 361 فئة منتجات حساسة والذي يُمثّل أكثر من 24٪ من إجمالي قيمة الواردات التونسية سنة 2021، وهو ما يعني نسبة مخاطر مرتفعة جدا مقارنة بالمعدلات بنسبة تركيز مرتفعة و26 فئة منتجات حرجة ذات مخاطر مركزية.
كما أظهرت الدراسة أن 25 % من الواردات فيها مخاطر حساسة ومنتجاتها تعتبر حرجة على غرار مادة “القهوة” و قد تتسبب في ايقاف النشاط الاقتصادي الخاص بها، بحسب ما أكده عبد القادر بودريقة.
المنتجات الحساسة
وتمثل الآلات والأجهزة الكهربائية والميكانيكية الفئات الأكثر عددا من ناحية المنتجات الحساسة، وتحتل المنتجات التي تعتمد على الحديد والصلب والفولاذ المركز الثاني بنسبة تناهز الـ 12% من المنتجات الحساسة.
و تُشكّل المنتجات المستخدمة بشكل أساسي كمدخلات في صناعة النسيج، مصدرا هاما للهشاشة الاقتصادية بقرابة الـ 43 فئة منتجات.
التبعية الاقتصادية
ووفق ذات الدراسة فان 5 بلدان شريكة نستحوذ على أكثر من نصف الواردات التونسية، وهو ما ينطوي على مخاطر سيادية عالية بالنظر إلى نسبة التركيز المرتفعة، وذلك رغم التحسن الملحوظ خلال الـ 20 عاما الماضية في تنويع مصادر التزود، حيث انخفضت نسبة الواردات للخمس دول الكبرى من 63% سنة 2003 إلى 48% سنة 2012.
ويعود هذا التحسن في مستوى التبعية الاقتصادية إلى سياسة الانفتاح الاقتصادي من جهة، وتواصل تفكيك وتنويع سلاسل القيمة
العالمية من جهة أخرى.
ولاحظت الدراسة أن هذه النسبة الإجمالية لتنوع مصادر التزود قد تراجعت منذ سنة 2013، حيث عادت نسبة التركيز إلى الارتفاع إلى 53% سنة 2019.
وتزامن التحسن النسبي لتنوع مصادر التزوّد مع تغيير كبير في الجهات والبلدان المصدرة، حيث استحوذت فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا على ما يناهز الـ 60% من الواردات في أوائل سنوات الـ 2000.
و بداية من سنة 2010، برزت بلدان أخرى كمصادر مهمة للواردات التونسية، منها روسيا والصين والجزائر.
و خلال العشرية الأخيرة، تعززت مكانة الصين، كأحد المصادر المهمة للتوريد، بنسبة فاقت الـ 10% سنة 2021 في المقايل تواصل تقدم تركيا، لتحتل المركز الخامس في حجم الواردات، وذلك بداية من سنة 2017.
وترتبط تونس بشكل كبير مع الصين التي تعتبر المصدر الرئيسي لمخاطر التبعية مقارنة بوضعية التجارة البينية التي تجمع البلدين، حيث تستحوذ على 9 فئات من المنتجات الحرجة.
في المقابل تحتل تركيا المرتبة الخامسة في وارداتنا بحدود 5% وتحتوي على 52 منتجا ترتبط بهم إشكاليات كبرى على مستوى التنقل و الصناعات المعملية، تليها كل من فرنسا وإيطاليا فيما تحتل تركيا المركز الرابع بمُنتجين اثنين مُصنفين كفئات حرجة.
وخلصت الدراية الى أن انفتاح الاقتصاد والاندماج في سلاسل القيمة العالمية يُفسّر إلى حد كبير مواطن هشاشة الواردات.
الحلول
وردا عن سؤال يتعلق بالحلول الممكن اعتمادها للتقليص من خطر التبعية الاقتصادية، قال بودريقة، ان اعتماد مبدأ التنويع في مصادر التزود بالنسبة لبعض المنتجات يُعد من أهم الحلول، فضلا عن ضرورة اعتماد أساليب التصرف الحديث في المخاطر
وتحسين القدرة على الصمود.
كما تتطلب معالجة الهشاشة المرتبطة بالمنتجات الحرجة وضع استراتيجيات لتخفيف المخاطر على المدى المتوسط من أجل تجنب
الانهيارات الممكنة في سلاسل التوريد أو فقدان السيادة الوطنية في نهاية المطاف.