تونس-افريكان مانجر
يبدو أن أمل حصول تونس على دعم مالي جديد من صندوق النقد الدولي مازال بعيد المنال، ذلك ما يمكن استنتاجه من إجابات مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد ازعور، في هذا الخصوص، خلال ندوة صحفية عن بعد حول آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وبحسب أزعور، فان مسألة التوصل إلى اتفاق للحصول على الدعم المالي الذي تريده تونس لم يتجاوز بعد مرحلة المشاورات و المشاورات التقنية، حيث أوضح مسؤول صندوق النقد، أن المشاورات التقنية انطلقت منذ بداية سنة 2022 بناءا على طلب من الحكومة التي تعكف على وضع برنامج إصلاحي و تطلب من الصندوق دعمه، مشيرا إلى أن الصندوق قام بزيارات ميدانية متعددة إلى تونس آخرها التي تمت منذ ثلاثة أسابيع.
وأضاف قائلا، “لقد تم خلال هذه الزيارات القيام بمشاورات مع الفريق الحكومي والشركاء الاقتصاديين و الاجتماعيين حول ماهية التحديات و الأولويات المطروحة و طريقة الخروج من الأزمة الحالية المتأتية من الأوضاع المتراكمة من جهة و بسبب جائحة كورونا من ناحية أخرى فضلا إلى النظر في كيفية ان يكون للصندوق إمكانية لدعم تونس”.
وتابع، “خلال اجتماعات الربيع السنويّة التي انعقدت بين 18 و 22 أفريل الجاري وحضرها وفد رسمي من تونس، تم على اقرها متابعة المشاورات، مؤكدا أن الحكومة التونسية وضعت برنامجا إصلاحيا واعدا بالتفصيل و تعمل حاليا على التفاوض على هذا البرنامج و صندوق النقد”.
جولة مشاورات…جديدة
ودعا المتحدث باسم الصندوق الحكومة إلى توسيع رقعة مشاوراتها و العمل على شرح الأولويات، مشددا على أن المشاورات مستمرة في هذا الصدد و سيكون هناك جولة قادمة من المشاورات بين فريق الصندوق و الحكومة التونسية”.
وذكر جهاد أزعور، خلال الندوة الصحفية، بالعلاقة التي تربط صندوق النقد بتونس، قائلا ” ان علاقة تونس و صندوق النقد الدولي وثيقة وهو يقف دائما إلى جانبها، اذ قام خلال السنوات الماضية بدعمها و مساعدتها على غرار فترة جائحة كورونا حيث تم منحها حوالي 750 مليون دولار فضلا عن توزيع وحدات السحب الخاصة السنة الماضية”.
وفي قراءة لما سبق ذكره، فان التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد لا للحصول على التمويل بل للدخول في المفاوضات الرسمية مازال بعيدا في وقت تمر فيه تونس بأزمة مالية و اقتصادية حادة و تعوّل على هذا الدعم لتمويل ميزانياتها للسنة الجارية، بحسب تصريحات سابقة لوزيرة المالية سهام البوغديري نمصية.
ورغم التصريحات المتكررة للمسؤولين سواء من صندوق النقد الدولي او كذلك من الطرف الحكومي التونسي إلا أن المشاورات ورغم مرور فترة زمنية هامة لم تتعدى بعد حدودها التقنية، وهو ما يطرح تساؤلا حول مصير رحلة البحث التونسية للحصول على هذا القرض الثالث من الصندوق والذي يعد القرض الأكبر في تاريخها بقيمة 4 مليارات دولار.
ويشار إلى أن هذا القرض يتم التفاوض بشأنه منذ السنة الماضية (2021) و قبل إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية في 25 جويلية الماضي، و صندوق النقد على إطلاع بكل الصعوبات التي تمر بها البلاد.
وجدير بالذكر كذلك، فان حصول اتفاق بين تونس و صندوق النقد سيكون بمثابة الضوء الأخضر لبقية المؤسسات المالية الدولية وهو الذي سيسمح بحصول بلادنا على تمويلات أخرى.
أولويات الاقتصاد التونسي
في سياق متصل، و حول آفاق و أوليات تونس الاقتصادية، فيرى صندوق النقد الدولي أن أهم أولويات الاقتصاد التونسي هي المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والعمل على تخفيف العبء على الاقتصاد بسبب حجم القطاع العام، فضلا عن ضرورة إصلاح المؤسسات العمومية من اجل دفع النمو و خلق فرص العمل.
وأضاف أزعور، أن تونس مطالبة كذلك بالعمل على رفع مستوى التفاعل بين السياسة النقدية و السياسة المالية.
و قال، ” ان أولويات تونس لهذا العام تتمثل في المحافظة على مستويات مقبولة من التضخم خاصة و أن ارتفاع مستويات التضخم عالميا أثر على مستويات التضخم في عدة دول”.
و اعتبر أنه من الضروري أن تعمل تونس على تخفيف أعباء أسعار المواد الأولية على الأشخاص الأكثر ضعفا من خلال توسيع رقعة الدعم الاجتماعي و جعله أكثر استهدافا”.
ولفت مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إلى أن تونس على غرار عديد الدول تأثرت بأزمة الحرب الروسية الأوكرانية وذلك بطريقة مباشرة من خلال ارتفاع الأسعار و بطريقة غير مباشرة خاصة مع شركائها الأوروبيين.