بقلم: عائشة بن محمود
يتوقع مراقبون أن تستأثر حركة النهضة الاسلامية في تونس بحصة مهمة في نتائج الانتخابات التشريعية وما يخول لها ربما، وفي ثاني انتخابات تجرى في تونس منذ ثورة 14 جانفي 2011، السيطرة على السلطة التشريعية فيما ستتبعثر باقي الأحزاب بين نسب متفاوتة.
ويحاول كل زعماء الأحزاب المنافسة في الانتخابات التونسية الترويج اعلاميا بان أحزابهم ستستأثر بالحصة الأكبر في الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها يوم 26 أكتوبر 2014، ومن أحدث هذه التصريحات تلك التي أدلى بها زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في مقابلة تلفزيونية أمس على شبكة تونس الاخبارية، والتي أكد فيها وبكل ثقة أن حركته ستكون “الكتلة الأولى في البرلمان التونسي”.
ومن المفارقات، يلاحظ أن جلّ الأحزاب المنافسة لحركة النهضة (حزب يميني محافظ)، تمثل تيّارا سياسيا وفكريا واحدا أو متقاربا يمكن تصنيفه من منظور سياسي “وسطيّ” ومن منظور ثقافي “حداثي تقدمي” على غرار أحزاب “نداء تونس” و”الجمهوري” و”آفاق تونس” والمبادرة” و”التكتل” وغيرها من الأحزاب الكثيرة التي تصنّف ضمن ذات التيار.
كما يعتقد مراقبون أن حتى بعض الأحزاب الأخرى التي تصنف يسارية على غرار “التحالف الديمقراطي” أو “المسار”، لا تختلف كثيرا في مقارباتها السياسية والثقافية والاجتماعية وحتى الاقتصادية منها مع هذه الأحزاب الوسطية.
في المقابل يمكن تصنيف “الجبهة الشعبية” في خانة أقصى اليسار خاصة على مستوى مقارباته الاجتماعية والاقتصادية.
وبغض النظر عن هذه التصنيفات السياسية، فقد كشفت انتخابات اكتوبر 2011 أن نسبة قاعدة الناخبين لحركة النهضة من موالين ومتعاطفين لا تتجاوز 20 % من مجموع الناخبين وحتى من المجتمع التونسي أصلا إلا أن طريقة النسبية التي تم اعتمادها في احتساب أصوات الناخبين رجح الكفة لفائدة حركة النهضة التي فازت بأكثرية المقاعد البرلمانية فيما تبعثرت أصوات باقي الأحزاب بين نسب متفاوتة، في المقابل تم اقصاء الأحزاب التي لم تبلغ النسب المخولة لها للفوز بمقعد في البرلمان وضاعت بذلك أصوات عدد كبير من الناخبين.
وبغض النظر عن توقعات بشأن عزوف محتمل للناخبين ، يبدو أن سيناريو 2011 سيتكرر في انتخابات 26 اكتوبر 2014 رغم التجربة “القاسية” التي عرفتها المعارضة وإلى حد وصمها بمجموعة “الصفر فاصل” من طرف الفائزين والمتحالفين مع النهضة، رغم قاعدتها الشعبية الواسعة، وما دفعها وفي ظل عجزها على “لم شملها” إلى اعتماد سياسة وضع “العصا في العجلة” تحت غطاء ما يعرف سياسيا بـ “المعارضة”.
ويلاحظ أن هذه “المعارضة” لم تستخلص بعد العبر والدروس من هذه التجربة ويتوقع أن تفوّت الفرصة في مناسبة انتخابية ثانية بسبب استمرارها في التشتت في أحزاب مبعثرة عوض العمل في حزب واحد وموحد قادر على كسب أغلبية الأصوات التونسية، ليفتح الباب على مصراعيه لأزمات سياسية حادة سيدفع ثمنها المواطن في نهاية المطاف.