تونس أفريكان مانجر
أطلقت مجموعة من متساكني حيّ النّصر بماطر صيحة فزع تجاه حالة الفقر المدقع والخصاصة المفزعة التي يعيشونها في ظلّ غياب تامّ لدور الحكومة حسب تصريحاتهم في فيدو تم نشره على المواقع الاجتماعية، في وقت استبعد فيه معتمد الجهة في تصريحات لـ”أفريكان مانجر” حلولا عاجلة لهؤلاء.
وفي هذا الإطار قالت متساكنة بهذا الحيّ : “نحن نعاني من الجوع ومن الحاجة والمرض، زوجي يعاني من إعاقة وغير قدر على العمل وأنا لا أعمل وغير قادرة على توفير ابسط متطلّبات الحياة نقتات من جمع بعض “النّحاس” وابني متغيّب عن الدّراسة لعدم شرائه الكتب المدرسيّة، نعيش في الظّلام الدّامس، دون كهرباء في غرفة تكرّم بها علينا احد أصحاب القلوب الرّحيمة، بعد أن كنّا نقطن بكوخ لا يقينا برد الشّتاء ولا حرارة الصّيف”.
صيحة فزع متساكني حيّ النّصر
وفي ذات السّياق يؤكّد متساكن آخر حالة الخصاصة التّي يعيشونها ويقول بدوره” أنا أقتات من جمع النّحاس والقوارير البلاستيكيّة، وما عدى ذلك لا أجد عملا آخر، كنت سابقا أعمل بالبلديّة، لكنّهم استغنوا عن خدماتي…”، سيّدة أخرى حامل وتحمل في يدها ابنها المريض، تقول في هذا الإطار :” نحن نقطن في أكواخ نعاني من البرد والأمطار في الشّتاء، والحرارة في الصّيف، الشّيء الذي أثّر على صحّتي، كما أنّي بتّ غير قادرة على العمل بسبب ابني، لا أملك مالا لأضعه في روضة أطفال…وتوجّهت في العديد المرّات إلى السّلط المعنيّة إلى جانب جملة من المتساكين، لكن لا من مجيب”.
حالة أخرى اجتماعية أكّدت على حدّ تعبيرها أن الحصول على عمل يبقى رهين انتماءاتهم السّياسيّة مفيدة بقولها : ” قبل الثّورة، كان التّجمّعيون يحوزون على مواطن شغل بسهولة، اليوم المنتمون إلى حزب نداء تونس يعملون نظرا لنفوذ الباجي قايد السّبسي، كما أنّ من ينتمون إلى حزب النّهضة أو التّكتّل يجدون عملا بسهولة…”، وحول هذه الوضعيّات تساءل متحدّت آخر عن دور الحكومة، في حين وجّه مواطن آخر رسالة إلى الحكومة وإلى الشّعب التّونسي باسم “زواولة” حي النّصر، معبّرا فيها عن حالة الفقر والتّهميش التّي يعاني منها المتساكنون. وقد نشرت جملة هذه التّصريحات في فيديو تمّ تداوله على الصّفحات الإجتماعيّة صوره راديو “أوكسيجين”.
مقترحات لتسوية وضعيّة المتساكنين
وحول الوضعيّة الإجتماعيّة التّي يعاني منها متساكنو حيّ النّصر، أّكّد عبد القادر الجبالي معتمد منطقة ماطر في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ حيّ النّصر يضمّ 5 ألاف ساكن(منهم حوالي ألف شخص محتاج )، وجزء كبير من أراضيه هذا هي على ملك المجلس الجهوي(الولاية)، وكان بعض الأشخاص قاموا قبل الثّورة ببناء أكواخ فوق هذه الأراضي، لكن بعد الثّورة تفاقمت الظّاهرة ومئات المساكن بنيت فوق هذه الأراضي بطريقة عشوائيّة وهو السّبب الأساسي وراء عدم ربطهم بالتّيّار الكهربائي، مضيفا انّه تقدّم بمقترح لتسوية وضعيّة البعض منهم، وتحديدا المقيمين فوق الأراضي الرّاجعة بالنّظر إلى المجلس الجهوي الذي يرأسه والي بنزرت وذلك ببيع هذه الأراضي بسعر رمزي لمستغلّيها بموافقة الأعضاء القارّين للمجلس الجهوي والذين هم في الأصل نوّاب المجلس الوطني التأسيسي.
من جهة أخرى أكّد معتمد المنطقة أنّ الحيّ يعاني من العديد من النّقائص على غرار غياب مركز شرطة وتراكم الأوساخ وارتفاع نسب الفقر وانعدام مواطن الشّغل، مبرزا أن الحلول على المدى المنظور هي محدودة لأنّ إمكانيّات الدّولة ضعيفة والميزانيّة المرصودة للمعتمديّة سنة 2013 في حدود 341 ألف دينار مخصّصة أساسا للتّنوير العمومي مقابل 1.8 مليون دينار سنة 2012.
وعن الحلول الإستعجاليّة على غرار الإعانات والمساعدات ، أوضح محدّثنا أنّ الإعانات الخاصّة بتحسين المساكن لا تشمل سوى المالكين لمساكن وقيمتها لا تتجاوز 500 دينار، أمّا بالنّسبة لبرنامج إزالة الأكواخ فهي لن تشمل سوى 40 كوخا شرط أن تكون على ملك أصحابها.
أمّا بالنّسبة لإمكانيّة تشغيلهم في الحضائر، فقد بيّن عبد القادر الجبالي أنّ الحضائر أغلقت “الانتدابات” منذ جانفي 2013، ومن يتوقّف عن عمله بصفة تلقائيّة بالنّسبة للعاملين بها لا يقع تعويضه، مضيفا أن “المشكل لا يكمن في غلق الحضائر، بل في الأشخاص في حدّ ذاتهم، المنطقة فلاحيّة بالأساس ويمكن إيجاد مواطن شغل وقتيّة في الضّيعات الفلاحيّة”، مؤكّدا أن الحلول في هذه المنطقة ليست في توفير الإعانات بل في بعث مشاريع استثماريّة، تشغّل عدد كبير من العاطلين عن العمل”.
4.6 ٪ من التونسيين يعيشون الفقر المدقع
تجدر الإشارة إلى أنّ نسبة الفقر بلغت حسب المعهد الوطني للإحصاء 15.5% سنة 2010 مقابل 23.3 % سنة 2005 و32.4 % سنة 2000، تتوزع على 9.1% في تونس الكبرى و10% في الشمال الشرقي و8% في الوسط الشرقي 32.3% في الوسط الغربي و 25.7 % في الشمال الغربي و21.5% في الجنوب الغربي.
و يعتبر الفرد فقيرا حين لا يتجاوز مستوى استهلاكه السنوي خط الفقر الذي حدد بـ1277 دينار للفرد في المدن الكبرى مقابل 820 دينارا بالوسط غير البلدي. كما بلغت نسبة الفقر المدقع 4.6 % خلال سنة 2010 مقابل 7.6 % سنة 2005 و 12% سنة 2000، و حدّد خطّ الفقر المدقع بـ757 دينارا سنويا للفرد بالمدن الكبرى مقابل 571 دينارا بالمناطق غير البلدية وهي ربّما تكون حالة متساكني حيّ النّصر الذين يؤكّدون حالة الفقر المدقع الذي يعيشونه.
هدى هواشي