تونس-افريكان مانجر
تحدث المختص في الجماعات الإسلامية و الإرهابية علية العلاني عن مستقبل حركة النهضة في تونس بعد إجراءات 25 جويلية 2021 ، و أوضح العلاني في حوار مطول” لافريكان مانجر” بأن تاريخ الحركات الإسلامية في المنطقة تشترك جلها في نقطة التمسك بالحكم بعد تحصيله .
و أشار بان كل تجارب هذه التيارات بالمنطقة العربية رصدت تمسكهم بالحكم على غرار ما وقع في السودان سابقا ومصر في مرحلة ليست بالبعيدة.
و فسر الباحث الأكاديمي في هذه الجماعات ، هذا التمسك بوجود برنامج محدد لها ،على غرار حركة النهضة، تريد تطبيقه و ذلك عن طريق منهجية مدروسة تنطلق بما يعرف “بالدعوي ” لتصل أو تتمكن من خلاله من الحكم فيما بعد.
التغلغل بمفاصل الدولة
وقال العلاني بان “النهضة كانت تعرف جيدا أن عدم تواجدها بكل الحكومات المتعاقبة أو تمثيليتها الضعيفة بها لا تعني بالضرورة عدم “تمكنها من الحكم “حيث أنها عمدت منذ نجاحها في انتخابات 2011 إلى التوغل بالإدارة التونسية سواء منها على المستوى المركزي أو المحلي” بحسب قوله .
و شدد محدثنا ، بأن هذه التيارات و على عكس الأحزاب السياسية تعمل على الانتشار بأقصى سرعة في مفاصل الحكم لأنها تخاف انكشاف مشروعها إذا أبطئت في ذلك ، مشيرا إلى أن حركة النهضة قامت منذ السنوات الأولى بخرق قواعد اللعبة السياسية عبر خلطها للعمل السياسي بالمعتقدات و الأفكار الدينية.
و أوضح العلاني بان الحركة الإسلامية التونسية كانت تظن بأنها ستتمكن من خلال أموالها الكبيرة و رأس مالها الديني من التعمير في الحكم سواء بشرائها للذمم أو الدمغجة ، معتبرا بأنها كانت و لوبيات الفساد السبب الرئيسي لإجراءات 25 جويلية 2021.
سقوط النهضة في تونس
و اعتبر الباحث في الجماعات الإسلامية و الإرهابية ،أن خروج النهضة من الحكم ، تعني لهم خسارة كل المجهودات التي قاموا بها لمدة 10 سنوات لوضع يدهم على مقاليد الدولة ، متوقعا في الان ذاته ظهور بعض الملفات الاخرى خلال الأيام القليلة القادمة تهم بعض وزارات السيادة ووزارة تكنولوجيات الاتصال وذلك بحسب ما لمح به رئيس الجمهورية خلال تصريحاته الأخيرة .
و أضاف في ذات السياق:”نستطيع اليوم الحديث عن سقوط للتيار الإسلامي في تونس وذلك نظرا لردة الفعل الشعبية الايجابية لإجراءات الرئيس من ناحية و سكوتها الكبير أمام ما و قع يومها من ناحية أخرى ..لذلك فقد كان صعودها من الشارع و خروجها كان منه أيضا “.
و شرح العلاني أن هذا السقوط سيكون بمثابة الصدمة الكبيرة للكثير من الأحزاب الإسلامية بالمنطقة باعتبار أن تجربة تونس مع هذا النوع من الأحزاب كانت الأطول بعد فترة ما يعرف بالربيع العربي .
و أشار إلى أن العقلاء داخل هذه الحركة يعرفون جيدا تقهقر مخزونهم الانتخابي الذي نزل إلى الثلث أن لم نقل أكثر ، مرجحا عدم مشاركتهم في الانتخابات القادمة باعتبار أنهم لن يحصلوا على نصف عدد الناخبين لسنة 2019.
و حول مستقبل الحركة الإسلامية ، يرى مصدرنا بان النهضة ستمر الآن بمرحلة من المراجعات الجذرية ، كما أنها ستنغمس في الرد على الملفات القضائية التي سيتم فتحها ضدها سواء منها التنظيم السري او الاغتيالات السياسية و ملف التسفير الى بؤر التوتر، متحدثا عن إمكانية بقاءها لمدة طويلة بعيدة عن مقاليد الحكم .
الغنوشي و النهضة
في سياق متصل ، قال علية العلاني بان بعض الوسطات عمدت خلال المدة الأخيرة للتدخل لإيجاد أرضية تفاهم مشتركة بين حركة النهضة و رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد إجراءات 25 جويلية 2021 ، مشيرا إلى وجود أطراف من الحركة تتحدث عن ذهاب راشد الغنوشي في فرضية التنازل عن رئاسة البرلمان فيه نوع من المقايضة لقيس سعيد إلا أن هذا الأخير لا يقبل المقايضات بحسب رأيه .
و اعتبر أن الحركة الإسلامية قد دخلت فعليا في أزمة هيكلية و ليست “بالظرفية ” باعتبار انه تقوم على قوة الزعيم و نفوذه الأدبي و الروحي و المالي ، حيث ان التنظيمات الداخلية لهذه التيارات تشترط بالضرورة تعين رئيس الحركة للمكتب التنفيذي بما في ذلك أمين المال ليكون مسيطرا على “خزنة الحزب ”
و أوضح بان خروج الغنوشي من النهضة في هذه المرحلة سيكون ضربة موجعة في جزء هام لقوتها المالية و المعنوية ، كاشفا فقدان هذا الأخير لأوراق الضغط المحلية و الدولية التي كان يستعملها قبل 25 جويلية بالإضافة إلى فقدانها لحلفائها الإقليمين .
و قال العلاني بأنها التيارات الإسلامية تخرج من السلطة و لكنها لا تموت داخل المجتمعات فهي تتحول و تتغير لتتمكن من الدخول من جديد للمجتمعات ، معتبرا أن ذلك ينطبق حاليا على النموذج التونسي ، حيث ان حركة النهضة حسب توقعاته لن تكون ممثلة لمدة طويلة (أكثر من 3 دورات انتخابية) في السلطة التنفيذية بينما تستطيع أن تكون متواجدة بتمثيلية ضعيف في السلطة التشريعية في جانب المعارضة بحسب تقديره .