تونس- افريكان مانجر
تلقى الاقتصاد التونسي خلال سنة 2020 “ضربة موجعة” جرّاء تواصل الازمات السياسية والاجتماعية والمالية التي تعيش على وقعها بلادنا منذ 10 سنوات، واقع تفاقم مع تواصل تفشي فيروس كورونا الذي ناهزت تكلفته 1,76 مليار دولار.
انكماش… مستويات غير مسبوقة
وقد وصل انكماش الاقتصاد التونسي مستويات غير مسبوقة، حيث تراجع النمو، مع موفى شهر سبتمبر 2020، بنسبة 10 بالمائة، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019، وفق معطيات صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء.
هذا وتتطلع تونس لتحقيق نسبة نمو اقتصادي إيجابية في حدود 4 % خلال سنة 2021.
ووفق تقديرات قانون المالية للعام الجديد، يُتوقع ان يرتفع حجم الدين العمومي مع موفى سنة 2021 الى 112339 مليون دينار مقابل 99942 مليون دينار متوقعة في موفى 2020، أي بزيادة 12397 مليون دينار، نتيجة التمويل الصافي لعجز الميزانية وتأثير أسعار الصرف وارتفاع الايداعات بالخزينة العامة.
وسيقدر حجم الدين العمومي في موفى 2021 بـ 92,7 % من اجمال الناتج المحلي مقابل 90 % منتظرة في موفى سنة 2020 و72,5 % مسجلة في موفى سنة 2019.
جدير بالذكر ان حجم ميزانية الدولة للعام القادم قدرت بـ 52617 مليون دينار أي بزيادة بـ 1,8 % مقارنة مع النتائج المحينة لسنة 2020.
ورغم صعوبة الظرف الاقتصادي، فإن الخروج من الازمة ممكن بحسب قراءة عدد من الخبراء والمتابعين للشان الوطني.
الفسفاط والنفط لحل الازمة
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي رضا قويعة ان تواصل أزمة الفسفاط والنفط وتراجع الإنتاج والإنتاجية في مختلف القطاعات ومع تدهور الوضع المالي لعدد من الشركات والمؤسسات العمومية ستؤدي الى مزيد تدهور وضع الاقتصاد التونسي، مشددا على ضرورة تسريع الحكومة بإيجاد حلول عاجلة لقطاعي الفسفاط والنفط وإيجاد آليات ناجعة للحدّ من انتشار الاقتصاد الموازي الذي استفحل بشكل كبير على حساب الاقتصاد المنظم.
وأشار قويعة في تصريح لـ “افريكان مانجر” ان شركة الفسفاط كانت توفر لخزينة الدولة مداخيل لا تقلّ عن 1,3 مليار دينار، اما اليوم فقد أصبحت عبئا على الدولة.
من جانبه، أوضح وزير المالية الاسبق حسين الديماسي في تصريح سابق لـ “افريكان مانجر” أنّ المالية العمومية في وضعية صعبة جدّا ومن غير الممكن أن تواصل عملها بهذه الحالة، حتى لا تتحول إلى تهديد مباشر للمجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي…
وشدّد على ضرورة إتخاذ الحكومة الجديدة لجملة من الإجراءات بهدف ترشيد النفقات وتحسين الموارد الذاتية للدولة وتطويرها والعمل على التقليص في عجز الميزانية، مشددا على ضرورة الضغط على كتلة الأجور التي بلغت مستويات قياسية وهي اليوم في حدود 20 مليار دينار علما وان الرقم كان في حدود 7680 مليون دينار سنة 2011.
وأشار الديماسي الى أنّ ملف الصناديق الاجتماعية يجب أن يكون ضمن أولويات عمل الحكومة، علما وأنّ عجزها المالي سيصل الى 3 آلاف مليار.
وفي السياق ذاته، أفاد أن الحكومة مطالبة باستكمال استراتيجية إصلاح المؤسسات العمومية وحوكمتها لضمان حسن التصرف في المال العام، كما تحدّث عن وجوب إيجاد الحلول الجذرية لشركة فسفاط قفصة التي “تعتبر من أسوء المؤسسات وتعاني عجز مقلقا وتمرّ بأزمة مالية خانقة وباتت مهددة بالإفلاس نتيجة عديد الصعوبات التي عطلت انتاجها وأثرت على دورها الاقتصادي والتنموي جهويا ووطنيا بعد استهدافها بالعديد من الإجراءات والقرارات الخاطئة”، وفق قوله.
اتحاد الشغل يقدم مبادرة
وفي خطوة لايجاد حلول للوضع المتازم، اعلن رسميا رئيس الجمهورية قيس سعيد قبوله الاشراف على مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل الداعية الى اجراء حوار وطني.
جدير بالذكر، أن الاتحاد كان قد اقترح،إرساء هيئة حكماء تضم عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة من كافة الاختصاصات تتولى مهام الإشراف على حوار وطني يقود إلى إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية.
ودعا في مباردته الوطنية، إلى أن تخضع الهيئة المذكورة إلى إشراف رئاسة الجمهورية وأن لا يترشح أعضاؤها إلى المناصب السياسية، مؤكدا، ضرورة أن توكل لهيئة الحكماء مهام الإشراف على حوار وطني يقود إلى توافقات تمكن من الشروع في إصلاحات سياسية واقتصادية من أجل انقاذ البلاد.
وضبط الاتحاد، أهم المحاور التي سيدور حولها الحوار في ثلاثة مجالات، يهم أولها الجانب السياسي، ويتركز أساسا حول تقييم قانوني الأحزاب والجمعيات في اتجاه مراجعتهما لسدّ الثغرات وتحسين مراقبة مصادر التمويل ومدى انسجام أهدافها وممارساتها مع أحكام الدستور.