تونس-افريكان مانجر
تعيش تونس خلال السنوات الأخيرة ، أسوء أيام السلطة القضائية ، حيث أن ما ينفيه البعض سابقا أصبح اليوم حقيقة مفزعة توضح أن ما تشهده البلاد منذ أكثر من 10 سنوات من “أفات و خراب” يقف وراءه قضاء معتل و مخترق من الطبقات السياسية .
القضاء الذي قيل عنه بأنه “مقياس الخير في الأمم، وهو معيار العظمة فيها، وهو رأس مفاخر كل أمة حية وراشدة “، و ان فساده يفضي إلى نهاية الدولة ” ، يتخبط اليوم في ظل رؤوس سلطة قضائية متهمين بالفساد .
ملفات ، فاحت رائحة التعفن الأخلاقي و القيمي منهم ، لقضاة يمثل أولهم أعلى رتبة قضائية في تونس، و هو الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، الطيب راشد،و ثانيهم لوكيل للجمهورية سابق بالمحكمة الابتدائية بتونس ، البشير العكرمي ، وهي أخطر خطة قضائية محلية .
و حيث كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أمس الأربعاء، عن فحوى تقرير التفقدية العامة لوزارة العدل، الذي تضمن تجاوزات كبيرة تورط حركة النهضة الإسلامية و القاضي بشير العكرمي ، مؤكدة تستره على ملفات خطيرة للإرهابيين، إضافة إلى وجود تلاعب وضغوطات سياسية في عدد من ملفات الفساد المالي و الذي تعلقت بالرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد .
من جهتها أعلنت عضوة هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ايمان قزارة أن تقرير التفقدية المذكور و الذي تحاول السلطات اخفاءه كشف عن وجود 6268 محضرا جزائيا في قضايا إرهابية لدى العكرمي غير منجزة و1361 محضرا تم التخلي عنه للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب لم يقع تضمينه بالدفتر وبعض القضايا تعود إلى سنة 2016.
كما لم يقم بشير العكرمي باتخاذ أي قرار في شأن عديد المحاضر المنجزة من قبل الوحدات الأمنية منها 20 محضرا متعلقا بالتسفير إلى بؤر التوتر.
وأكدت أن التقرير تضمّن أن بشير العكرمي وكيل الجمهورية السابق لم يضمن 46 محضرا متعلق بجماعات إرهابية في القصرين في الدفتر و9 محاضر تتعلق بمداهمة إرهابيين لمساكن مواطنين في القصرين لم يقع إنجازها ولا تضمينها. كما لم يتخذ أي قرار ولم يقم بتضمين محضر محاولة قتل عون أمن في سيارته من قبل ارهابيين منذ 18 افريل 2019.
كما كشف التقرير حسب ما أعلنته الأستاذة إيمان قزارة عن وجود محاضر قام العكرمي باتخاذ قرارات في شأنها سواء بالحفظ أو بالإذن بفتح أبحاث فيها لكن دون أي تاريخ وبقيت في رفوف مكتبه، حيث نجد 56 محضرا في قضايا إرهابية غير ممضاة وغير مؤرخة و43 محضرا صدر في شأنه قرارات حفظ و54 محضرا منجزا ولم يقع اتخاذ أي قرار في شأنها.
وأضافت ايمان قزارة أن 118 قضية محالة من المحكمة العسكرية بموجب التخلي للصبغة الارهابية، لم يقع تضمينها بالدفتر من قبل العكرمي ولم يقم باتخاذ اي قرار في شأنها. كما لم تقع اضافة الاختبارات الاضافية التي أرسلتها المحكمة العسكرية على أسلحة ومتفجرات وشرائح هواتف جوالة وجثث لارهابيين وبعض الإضافات يعود تاريخها إلى سنة 2015.
وكانت الساحة القضائية، قد شهدت نهاية السنة المنقضية، اتهامات متبادلة صادرة عن القاضيين بشير العكرمي والطيب راشد، إذ تقدم العكرمي، بصفته وكيلا للجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس وقتها، بمراسلة إلى التفقدية العامة بوزارة العدل، يتهم فيها الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، بالفساد والرشوة وتوجه بمطلب للمجلس الأعلى للقضاء برفع الحصانة عنه في ثلاثة ملفات.
ومن جهته راسل الطيب راشد التفقدية العامة بوزارة العدل، بمكتوب تضمن اتهامات إلى البشير العكرمي منها المتعلق بملفي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وأخرى تتعلق بأمن الدولة، وخرج في حوار تلفزي لينفي كل الاتهامات المنسوبة إليه، مما جعل العكرمي يطالب المجلس الأعلى للقضاء، برفع واجب التحفظ عنه، حتى يتمكن من الرد.
للإشارة فقد عمد رئيس الجمهورية قيس سعيد في عديد المرات الى التنصيص على أهمية استقلالية القضاء ، و قد جاء في احد تصريحاته “نحن حريصون على ألا تتسلل السياسة ولا رجال السياسة تحت عباءة القُضاة الى قصور العدالة حتى لا يجلس غير القاضي على أرائك القضاة”.