تونس-افريكان مانجر
لايمكن الحديث عن لامركزية فعلية في تونس بسبب عديد العوائق التشريعية و التنظيمية و المؤسساتية فضلا عن عديد الإشكاليات التي مازالت تواجهها البلديات، ذلك ما أكدته رئيسة الهيئة العليا للمالية المحلية آمال اللومي البواب.
وأفادت البواب، في حوار خاص مع أفريكان مانجر، ان أهم الإشكاليات التي يواجهها العمل البلدي في تونس تتمثل خاصة في تفاقم نسب المديونية بسبب ارتفاع كتلة الاجور وضعف الموارد المالية و ضعف نفقات الاستثمار، مشيرة في ذات السياق إلى أن الصعوبات التي تعرفها البلديات ازدادت حدة بسبب جائحة كوفيد-19.
واستنادا الى ما قدمته رئيسة الهيئة العليا للمالية المحلية فانه وفق اخر المعطيات، ارتفعت قيمة النفقات لدى البلديات من 1047 مليون دينار سنة 2017 الى 1273 سنة 2019 وهي موجهة بالخصوص الى خلاص الأجور بالإضافة إلى ارتفاع نفقات التأجير خلال نفس الفترة من 430 مليون دينار الى 544 مليون دينار وقد ارتفعت نسبة الأجور داخل جملة نفقات الميزانية سنة 2019 الى 42،7% مقابل 41% سنة 2017.
ولفتت محدثتنا الى ان الدولة تدخلت في العديد من المناسبات لتخفيف نسبة المديونية عبر الجدولة او دفع قسط منها إلا أنها لم تتمكن من تحقيق توازناتها المالية، داعية البلديات إلى العمل على توفير موارد مالية إضافية.
وعن أسباب تعطل انجاز بعض المشاريع، أشارت رئيسة الهيئة إلى أن أغلبها تعطل لارتباطها بطول وتعقيد إجراءات الصفقات العمومية من جهة و بضعف الموارد البشرية وقدرات التصرف من جهة أخرى.
دور الهيئة
وفي معرض حديثها عن دور الهيئة العليا للمالية المحلية في مجابهة مختلف الصعوبات التي تواجهها الجماعات المحلية، أكدت محدثتنا ان الهيئة دورها استشاري رقابي و هي تنظر في مختلف المسائل و تنظر في طريقة التصرف في المالية المحلية و تعمل على تجنب البلديات الوقوع في الاخطاء على غرار سوء التصرف في المال العام.
واستنادا الى ما أكدته آمال البواب، فان الهيئة تعمل كذلك على تطبيق مبدأ التدبير الحر حتى لا يكون هناك انحراف بمسار اللامركزية، مشيرة الى أن البلديات تطلب استشارة الهيئة.
وبحسب محدثتنا، فان للهيئة دور هام و جوهري يتعلق أساسا بمسألة تحويلات الدولة ممثلة في وزارة الشؤون المحلية، لفائدة للجماعات المحلية حيث تقدم مقترحات بقيمة الاعتمادات لكل بلدية في مختلف الولايات وذلك من خلال اعتماد معايير التوزيع المذكورة في مجلة الجماعات المحلية و التي تحترم خاصة مبدأ التمييز الايجابي وتأخذ بعين الاعتبار حاجيات و مؤشرات التنمية لكل بلدية.
اشكاليات الهيئة
وعلى الرغم من أهمية دور الهيئة في مسار اللامركزية، إلا أن هذه الأخيرة لايمكنها القيام بكل المهام الموكولة لها لعدة أسباب أهمها عدم إرساء المجلس الأعلى للجماعات المحلية الذي يٌعد الهيكل المشرف عنها، فضلا عن عدم وضوح الطبيعة القانونية لها بسبب التجاذبات السياسية التي واجهها المشرع آن ذاك.
وأشارت آمال البواب، الى أن غياب الإطار الترتيبي للقانون المتعلق بالهيئة و غياب المجلس الأعلى للجماعات المحلية طرح عديد الاسئلة في علاقة بوجوبية استشارتها من عدمه، مشددة في ذات الصدد على أن طول المرحلة الانتقالية عطل مسار التركيز الفعلي للهيئة.
كما أكدت، ان تفعيل دور الهيئة من شأنه تحقيق مبدأ التمييز الايجابي و تقليص التفاوت بين الجهات.
وتعمل الهيئة حاليا بإمكانيات مالية ولوجستية يوفر جزءا منها الشركاء الدوليون، داعية الحكومة إلى توفير مختلف الوسائل الضرورية حتى تتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه، وفق تعبيرها.
جدير بالذكر، فان الهيئة العليا للمالية المحلية تم إحداثها بمقتضى الفصل 61 من القانون الاساسي عدد 29 المؤرخ في 9 ماي 2018 والمتعلق بمجلة الجماعات المحلية وقد تم تركيزها سنة 2019.