كيف تعاملت إيران مع ثورات الربيع العربي و ماهو موقفها منها وخاصة من الثورة السورية في ظل ما تردد عن تباين المواقف في هذا الشأن؟
هل خسرت إيران فعلا الكثير جراء اندلاع الاحداث في سوريا؟
ماهي حقيقة علاقة ايران بدول الخليج وبتنظيم القاعدة؟
ثم ماذا عن مستجدات ملفها النووي وعن التلويح الغربي بفرض حصار اقتصادي عليها؟
أسئلة حاولنا الاجابة عنها من خلال حوار جمع “أفريكان مانجر” بسفير إيران في تونس,بيماني جبلّي فكان الحوار التالي:
1- 1- أشرتم في مناسبات عديدة الى مساندتكم للثورات العربية إلا أن موقفكم من الثورة في سوريا لا يزال يشوبه الكثير من الغموض. لو فسّرتم لنا ذلك؟
موقفنا ثابت وواضح وأنا أعتقد أن هذا الموقف لا غبار عليه من ناحية الشفافية والوضوح,فنحن من أول يوم للثورة التونسية ساندنا الشعب التونسي في ثورته ونفس الشيء لبقية الدول الأخرى في مصر وفي ليبيا والبحرين وكذلك في سوريا فنحن دعمنا العملية الاصلاحية في هذا البلد التي تهدف الى تحقيق جملة من مطالب واستحقاقات الشعب السوري
كما اننا قررنا عدم التدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول التي تعيش ثورات وعملنا على احترام سيادتها وترك الشعوب تقرر مصيرها بنفسها والابتعاد عن كل الاملاءات الاجنبية .
وقد أثبتت التجارب أن أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي لأي دولة رغما عن إرادتها لن تكون نتائجه إلا سلبية ونحن أكدنا و نؤكد وسنؤكد على محورين في موقفنا وهما: أولا مساندة الشعوب ومطالبها خاصة إذا ما كانت تعاني من أنظمة ديكتاتورية وثانيا أننا نرفض اي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي لهذه الدول.
لقد أنجزنا ثورة عظيمة جدا في إيران وضحينا بآلاف الشهداء وحققنا انتصارا دون أي استنجاد أو تدخل أجنبي في شؤوننا ولهذا السبب نعتقد ان على كل دولة ان تجد طريقها بنفسها و على كل دولة أجنبية أيضا عدم التدخل بمختلف الطرق المالية والعسكرية والاعلامية…أوالدخول على الخط وترك الفرصة لتلك الدول لتقرير مصيرها بنفسها.
2-هناك من يقول أن إيران استفادت بشكل أو بآخر من الثورة في مصر لكنها خسرت الكثير جراء الثورة في سوريا.
لو توضحون لنا ذلك؟
إن أي عملية اصلاحية وتغيير يستهدف الانظمة الاستبدادية لتحويلها الى أخرى تخدم مصالح الشعب وتكون ملائمة لها هي لصالح إيران سواء كانت في مصر أو في أي دولة أخرى,فنحن لا نخاف تغيير الانظمة بل بالعكس نساند مطالب الشعوب لكن هذا لا يعني أن نتغافل عن الطموح الكبير الذي تمتلكه بعض الشعوب خارج المنطقة والتي لا يهمها مطالب واستحقاقات الشعوب من ديمقراطية وحرية وتحرر …بقدر ما يهمها مصالحها الخاصة التي من أجلها تفرض تدخلها.
نحن فقط في الموضوع السوري لمسنا أن هناك اتجاها قويا من الدول الغربية للدخول على خط الثورة السورية ولذلك أكدنا عدم التدخل فيها ونحن في تواصل مع المعارضة والحكومة السورية وقمنا بتشجيع الطرفين على الدخول في حوار وقد شاهدتم مؤخرا كيف اعربت طهران عن استضافة كل من المعارضة والحكومة وفتح أبواب الحوار بينهما.
3- هناك من يرى أن إيران تعاملت مع الثورات العربية من زاوية تكريس الجمهورية الاسلامية كدولة اقليمية كبرى في منطقة الشرق الاوسط. ما مدى صحة هذه المقولة؟
نحن لا نخفي أننا نرحب بإيجاد كتلة قوية من الدول الاسلامية في منطقة الشرق الاوسط والمغرب العربي وشمال افريقيا وهو من استراتيجيات إيران,حيث أنها ومنذ اليوم الاول لقيام الثورات نادت بتقارب الشعوب الاسلامية وبين التيارات الفكرية والعقائدية رغم الخلافات المؤلمة بين المجتمعات الاسلامية في ما يخص المسائل العقائدية ,إضافة الى أن إيران كانت من أول المنادين بالتقارب والتقريب والتلاحم.
إننا نرحب بهذا التكاتف والكتلة القوية من الدول الاسلامية والعربية وإننا سنستغل الفرصة الذهبية التي حصلت بفضل الثورات العربية وسقوط الانظمة الاستبدادية لتحقيق هذا الهدف .
وعلى الرغم من أن إيران ليست الوحيدة التي تسعى الى هذا الهدف بل هناك قوى أخرى تطمح كذلك لتحقيق مصالحها في هذا الموضوع فإن ايران لم تخف ذلك و أعلنت بكل وضوح وكل شفافية أنها بصدد تشجيع كل الدول العربية والإسلامية للتوحد والتكاتف والتلاحم على الرغم من أننا نتوقع مواجهة العديد من المطبات الصعبة نتيجة التدخلات والطموحات الاجنبية والغريبة على المنطقة العربية والاسلامية و التي نتمنى أن نتجاوزها كلنا مع بعضنا.
4- تجري الاحداث في سوريا في ظل التهديدات الموجهة لإيران على خلفية برنامجها النووي. ما هو موقفكم من هذا؟
هناك نوايا غير بريئة من الطرف الغربي ومن بعض القوى الغربية التي تزعم انها تمثل المجتمع الدولي في حين أنها ليست كذلك وهذه النوايا غير البريئة تحاول إبعاد إيران وأي دولة من دول المنطقة تحاول أن تكون في موضع المنافس للقوى الغربية.
أما من ناحية الملف النووي فنحن لا نرحب بأي عقوبة او أي حصار اقتصادي على إيران لأنها ستسبب مشاكل للشعب الايراني و لكن لا يمكننا أن نتنازل في نفس الوقت على حقوق الشعب في الحصول على التقدم العلمي والتقني بما فيها مجال الطاقة النووية ويمكن أن نربط في تحليلنا السياسي بين افتعال هذه الأزمات في المنطقة من أجل إضعاف هذه قدرة إيران و واضعاف الدول التي تدافع عن إيران في قضاياها العامة التي تخدم دول المنطقة وكافة الدول العربية الاسلامية.
5- ما يستغربه الملاحظون هو ليس فقط النظرة العدائية التي تحملها إيران تجاه اسرائيل وأمريكا وإنما أيضا امتداد هذا العداء الى دول الخليج؟
لم تقم إيران يوما بأي فعل عدائي تجاه أشقائها في دول الخليج فالتاريخ والجغرافيا التي تجمعنا تحتم علينا أن نكون متكاتفين مع بعضنا ولكن نحن ندعو كافة دول المنطقة وخارجها الى أن تكون حذرة لمحاولات التفرقة فيما بيننا واختلاق عداء وهمي بين الدول الاسلامية.
كما أنه من أولى السياسيات التي طرحت في الحكومة الجديدة ,حكومة أحمدي نجاد والحكومة التي سبقتها هي توسيع العلاقات في منطقتنا مع الاشقاء والأصدقاء خاصة في منطقة الخليج الفارسي والدول العربية والتزام الحذر تجاه كل محاولات التفرقة والعداء.
6- هناك العديد من المحللين الذين يقولون أن إيران تدعم القاعدة التي تستهدف في نفس الوقت المراقد في العراق و الشيعة في باكستان وافغانستان ؟
لا يمكن أن تكون إيران بمثل هذه الدرجة من السذاجة والبساطة لأن تقوم بمثل هذه الامور,فكل العالم يدرك جيدا أننا متضررون أكثر من غيرنا من القاعدة ومن العقيدة المتشددة التي تكفّر كافة المذاهب بما فيها الشيعة إذا فكيف يعقل أن نكون مع هذا التيار المتشدد الذي يكفرنا و يحل دمائنا؟ وكيف يمكن أن نقوم بأي عملية عدائية تجاه مصالحنا الفكرية والعقائدية والثقافية والحضارية؟ أنا أرفض هذه المقولة رفضا قاطعا وأقول أنه لا أساس لها من الصحة.
7- يتم الحديث اليوم عن تركيا وإيران كقوتين اسلاميتين بارزتين إلا أن تركيا صنفت دائما على كونها الأنموذج والمثال الناجح في حين أن المثال الايراني ليس بالانموذج الذي يمكن الاقتداء به. فما رأيك؟
لكل مجتمع ولكل شعب خصوصياته ولا يمكن بأي شكل أن نفرض أي نموذج على بلد معين وخاصة على المجتمع التونسي بما حققه من إنجازات تاريخية تحسب له بوصفه كان السباق نحو الديمقراطية والحرية ورائدا في كل المجالات حتى قبل ثورة 14 جانفي ولهذا السبب أعتقد أن الشعب التونسي والثورة التونسية لهما من القدرة والإمكانيات ما يمكنهما من خلق أنموذج تونسي وتونس ليست بحاجة الى استلهام أي نموذج أجنبي,كما أعتقد أنه من الظلم الكبير القول أن تونس ستفرض عليها تجارب ونماذج أخرى فكل التجارب موجودة ومتنوعة بإيجابياتها و سلبياتها وبتلاؤمها أيضا مع مجتمعاتها الخاصة.
شادية الهلالي