تونس- افريكان مانجر
نفى اليوم الأربعاء، وزير الوظيفة العمومية و الحوكمة، عبيد البريكي ما تمّ تداوله من أنباء حول إمكانية سحب الحكومة لمشروع القانون المتعلق بحماية المبلغين عن الفساد .
و أضاف الوزير في اتصال هاتفي مع “افريكان مانجر”، أن الحكومة ستمضي قدما في عرض مشروع القانون و تعيين جلسة عامة صلب مجلس النواب قصد المصادقة عليه.
و شدد محدثنا على أهمية هذا النص الذي يلعب دورا استراتيجيا في إرساء ترسانة من التشريعات التي ستستند اليها الحكومة لتفعيل احدى اولويات برنامج عملها في هذه المرحلة والمتمثلة في مكافحة الفساد والفاسدين في القطاع العام .
و في نفس السياق، أفاد محدثنا ” انه سيقوم فور عودته الى تونس بعد الزيارة التي يقوم بها حاليا الى دولة الامارات، بمراجعة مشروع القانون المذكور في نسخته الحالية بعد ادخال عديد التعديلات عليه” .
مخاوف النواب
تأتي تطمينات وزير الوظيفة العمومية في وقت تتزايد فيه المخاوف من إمكانية سحب مشروع القانون من البرلمان بعد تنقيح أغلب الفصول و إضافة فصول أخرى نظرا ل”رداءة الصيغة الواردة “، حيث وصفت نسخته الأولية بالهزيلة لدرجة انها تحمي الفاسدين أكثر من المبلغين عن الفساد.
و لم يستبعد العديد من النواب اعتماد الحكومة لمثل هذه الخطوات خاصة و أنها أقدمت في مناسبة قديمة على سحب مشروع قانون الحق في النفاذ للمعلومة بتعلة إدخال تعديلات عليه.
و تزايدت هذه المخاوف خاصة بعد تأجيل موعد الجلسة العامة المخصصة للنظر في المشروع. الأمر الذي خلق حالة من الاحتقان و الغليان في صفوف عدد من ممثلي الشعب.
حيث عبر البعض عن استهجانه لأسلوب الحكومة في التعامل مع مجلس نواب الشعب، والذي “لا يتلاءم معه كسلطة أولى في الدولة وإستهانتها بأهمية دوره في ممارسة السلطة التشريعية نيابة عن الشعب.”وهوما دفع البعض منهم الى اتهام حكومة الشاهد و شن حملات ضدها.ففي هذا السياق، اعتبر النائب عن حركة مشروع تونس عبد الرؤوف الماي أن الحكومة الحالية قد “مزبلت” البرلمان في اكثر من مناسبة.
من جهتها، وصفت الجمعية التونسية لمكافحة الفساد تأجيل الجلسة بالغير المبرر باعتبار انه لم يقع تحديد موعد آخر للجلسة العامة. و يتزامن هذا الوصف مع موقف منظمة أنا يقظ التي استنكرت هذا التأجيل الذي جاء في وقت مباغت ودون إعطاء أي تفاصيل داعية مجلس نواب الشعب إلى عدم إنتظار الحكومة من أجل تمرير هذا القانون خاصة وأن هناك نسخة ثانية قدمتها المنظمة مودعة لدى المجلس وممضاة من طرف 27 نائبا.
هذا و تم ادخال عديد التغييرات على مشروع القانون عدد 41/2016الذي انطلقت فيه لجنة الحقوق و الحريات يوم 15 نوفمبر الفارط و انتهت منه يوم 8فيفري الحالي، و ذلك بعقد 14 اجتماعا بمعدل 52ساعة و 30دقيقة عمل بهدف تطويره.
و من أبرز التعديلات التي أدخلت على هذا المشروع الذي يتضمن 29 فصلا مدرجة ضمن ثمانية ابواب ، نذكر حذف الفصل العاشر تماشيا مع التعديل المنجز في الفصل السابع، إذ بات التبليغ عن ملفات الفساد لدى الهيئة الدستورية المكلفة بمكافحة الفساد عوضا عن الهياكل الإدارية المختصة بالإضافة الى تغيير اسم المبلغ عن الفساد بال”كاشف” عن الفساد مع تحويل صبغة القانون من عادي الى أساسي و توسيع نطاق القانون في العقوبات و كيفية الحماية .كما تم تغيير الفصل المتعلق بحذف المؤسستين الامنية و العسكرية من التبليغ، و لم تعد استثناء في النص الذي أعدته اللجنة و أصبحت المؤسستان مشمولتين بهذا القانون.
نحو توتر العلاقة بين الحكومة و البرلمان؟
هذا و يرى عدد من المراقبين، أن العلاقة بين الحكومة و مجلس نواب الشعب بدأت تتخذ منهج التصدع. فبعد معضلة رفض لجنة المالية للأمر الحكومي المتعلق بالسكن الأول، تجد الحكومة نفسها في خلاف جديد و في اقل من أسبوع مع ممثلي السلطة التشريعية فيما يتعلق بالنظر في مشروع قانون حماية المبلغين عن الفساد.
الأمر الذي حتم، وفقا للمتابعين للشأن السياسي، وضع حكومة الشاهد في قفص الاتهام رغم التزامها بتوفير ارادة سياسية قوية لمكافحة الفساد باعتبارها اولوية من الاولويات التي وقع التنصيص عليها ضمن وثيقة قرطاج والتأكيد عليها خلال الجلسة العامة للمصادقة على حكومة يوسف الشاهد يوم 26 اوت الفارط..
وئام الثابتي