تونس-افريكان مانجر
ما تزال موجة الاحتجاجات متواصلة ضدّ مصحة الروابي بمدينة بنزرت،حيث وجهت عائلة إمرأة توفيت مباشرة بعد ولادتها أصابع الاتهام إلى الطاقم الطبي بالمصحة. و بالعودة إلى تفاصيل الواقعة -التي جدّت يوم 16 أكتوبر الماضي- كما وردت في صفحة على الفيسبوك بادر بإنشاءها نشطاء تحت عنوان”معا لمحاسبة قاتلي سميّة بوعشير”،فإن المتضررة دخلت إلى المصحة لإجراء عمليّة قيصريّة لتوليدها لتوأم و أثناء العمليّة تعرضت لتمزق في أحشاؤها جرّاء خطأ طبّي ناتج عن تقطيع جزء من أحشائها و عدم الاكتراث و اللّامبالاة من الطّبيب المباشر و الإطار الطّبّي ممّا تسبّب في تعفّن بكامل جسدها و تركها في حالة سيّئة بحسب ما روته عائلة الهالكة.
ثقب في الأحشاء…مسؤولية من؟
ويفيد نفس المصدر أنه و بإجراء التحاليل اللازمة تبيّن أن المريضة كانت في حاجة إلى إجراء عمليّة جراحيّة إستعجاليّة لترقيع الأحشاء المثقوبة في أجل لا يتجاوز 36 ساعة و كون هذه العمليّة لا تنجح إلّا باستعمال تقنية اللّيزر فما كان من الإطار الطبي إلّا أن تكتّم على الموضوع،تاركين أم التوأمين حديثي الولادة وفق ما ذكرته الصفحة الرسمية المساندة للضحية تعاني وتتعذّب من الآلام الشّديدة و كلّ ما كانوا يفعلوه هو حقنها بالمهدآت حتّى لا ينكشف أمرهم ، و كانوا يتعمّدون على تلفيق الأكاذيب بشأن حالتها الصحية.
هذه الحادثة خلفت استياء في نفوس عدد كبير من أهالي بنزرت الذين خرجوا في مسيرة احتجاجية يوم 3 نوفمبر الجاري للتنديد بهذا الخطأ و مطالبين السلطات المعنية بالتدخل السريع و كشف الحقيقة.
المصحة تنفي الاتهام
و بإتصال مع المصحة المعنية بالأمر أفاد مسؤول إداري- رفض الكشف عن اسمه- لـ”أفريكان مانجر”أن الوفاة لم تكن ناتجة عن خطأ طبي بحسب ما أكده لهم الطبيب المباشر لحالة الأُمّ، مشيرا إلى أن الهالكة تعرضت فعلا إلى تعكر صحي مباشرة بعد ولادتها لتوأم لتُبيّن التحاليل فيما بعد أنها تعرضت إلى ثقب في أحشائها وقد نفى الطبيب الجرّاح مسؤوليته أو ارتكابه لأي خطأ مفسرا ما حدث بأنه قضاء وقدر.
أخطاء طبية متكررة
و بقطع النظر عن مدى مسؤولية مصحة الروابي في وفاة هذه المرأة التي كانت تنتظر بفارغ الصبر لحظة قدوم طفليها،فإن” الروابي” ليست سوى عيّنة من التشكيات و الانتقادات الموجهة للمستشفيات ولقطاع المصحات الخاصة في تونس التي يُفترض أن تكون النموذج الأمثل في تقديم خدمات صحية يسدد لأجلها المواطن فواتير باهظة الثمن.
ولا يكاد يمر يوم دون أن يطالعنا خبر عن الأخطاء الطبية فهذه حادثة وفاة “شيراز الهمّامي نوّار”38 سنة، إطار في بنك بجهة المرسى ،أم لطفل يبلغ من العمر 7 سنوات، دخلت إلى المصّحة لإجراء عملية جراحية تتمثل في وضع حلقة في المعدة لإنقاص بعض “الكيلغرامات” الزائدة رغم أن وزنها لا يتعدى 94 كلغ،لكن بسبب جملة من الأخطاء الطبية والإهمال والاستهتار من قبل الطبيب الذي وعدها بنتيجة باهرة ونجاح شبه مضمون، كان مصيرها الموت بعد أن عانت الويلات من الأوجاع والآلام والتي انتهت بمفارقتها للحياة بحسب ما تناقلته تقارير إخبارية،و في خبر آخر تقول بعض التقارير إن امرأة تبلغ من العمر 34 عاما توفيت بسبب ضمادة نسيها الأطباء في داخل رحمها بعد أن اجروا لها عملية قيصرية أثناء الولادة بمستشفى في صفاقس.و أول أمس طالعنا خبر مواطن في المستشفى الجهوي بمدنين نسي له الأطباء مقصا ببطنه وكنّا قد إتصلنا بالمدير الجهوي للصحة بولاية مدنين لكنه رفض توضيح الأمر.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن عمادة الأطباء تتلقى سنويا أكثر من مائة عريضة أو شكوى منها ما يتعلق بالأخطاء الطبية.و في كل هذا يبقى المواطن المتضرر الرئيسي من حالات الإهمال سواء في المستشفيات أو في المصحات الخاصة، ليظل التساؤل بدوره مطروحا حول مدى سرعة تدخل وزارة الإشراف للحدّ من مثل هذه التجاوزات في قطاع حساس كقطاع الصحة والتساؤل عن اسباب غياب الملاحقات القضائية وصمت السلطات إزاء مثل هذه الجرائم المرتكبة في حق المواطن تحت غطاء الأخطاء المهنية.
بسمة المعلاوي