تونس-أفريكان مانجر
في ظل تعطّل مسار الحوار الوطني وتعثّر المفاوضات بين الأطراف الرّاعية للحوار، وضبابيّة المشهد السّياسي تضاربت الآراء والمواقف حول ضرورة مواصلة هذا الحوار الذي أصبح على حدّ تعبير العديد من المراقبين والمحلّلين السّياسيين فرصة لحركة النّهضة لكسب الوقت والبقاء في السّلطة، في حين اعتبره البعض الأخر الطّريقة الوحيدة لخروج البلاد من هذا المأزق.
هذا التّباين في الآراء والاختلاف في المواقف يعكس بصفة غير مباشرة حالة الغليان التّي يعيشها اليوم المواطن التّونسي في بعض المناطق على غرار سليانة وقفصة وقابس وحتّى تونس العاصمة ويؤكّد على حدّ تعبير سلوى الشّرفي الأستاذة الجامعيّة والمحلّلة السّياسيّة أنّ : “الشّعب أخذ مرّة أخرى بزمام المبادرة خارج هذا الحوار وهو اليوم يتحرّك بمفرده ويمكن أن يكون الحلّ عن طريق هذه الاحتجاجات”.
الحوار أصبح انتحارا
وعن رأيها حول الحوار الوطني قالت محدّثتنا إنّ : ” الحوار شكّل أملا كبيرا بالنّسبة للتّونسي وجعله يعتقد بأنّه سيحلّ كلّ مشاكل البلاد، غير هذا الفشل الذّريع للمفاوضات رغم عدم الإقرار بذلك علنا، أوصلنا إلى الإحساس بأنّه لم يعد لا حوارا ولا “حمارا”، بل انتحارا”، مضيفة :” في رأيي المزيّة الوحيدة للحوار هي أنّ الرّباعي يلعب دور قوّات الأمم المتّحدة التّي تمنع المتقاتلين من إشعال الفتيل (الحرب)، بمعنى أنّ تواصل المفاوضات يمنع حدوث اشتباكات ومواجهات بين مختلف الأطراف يمكن أن تصل إلى حرب أهليّة”.
من جهة أخرى قالت المحلّلة السّياسيّة : ” ما ألومه شخصيّا على المعارضة أنّها تصرّ على إخراج النّهضة من الحكم ، في حين أنّ بقاءها اليوم في هذه الأوضاع المزرية أفضل وفي مصلحة الشّعب، لأنّ النّهضة بهذا الشّكل ستتحمّل نتائج كلّ هذه الأزمات كسلطة وسيعاقبها الشّعب في الانتخابات بعدم انتخابها، أمّا إذا خرجت اليوم فإنّ من سيخلفها، سيتحمّل مسؤوليّة أخطائها، وهنا يطرح السّؤال نفسه هل المعارضة غبيّة لهذه الدّرجة، حتّى تواصل إصرارها على خروج النّهضة من الحكم ؟”.
وفي ذات السّياق، تجدر الإشارة إلى أنّ حسين الدّيماسي الخبير الإقتصادي والوزير السّابق للماليّة قد أكّد منذ أيّام في تصريحات إذاعية أنّ الوضع الحالي للبلاد لا يتطلّب حكومة كفاءات، بل يتطلّب أشخاص تخاف على مصلحة البلاد وتغلّب المصلحة العامّة على المصالح الشّخصيّة.
تهديد بانهيار الدّولة
وحول نفس الموضوع، أبرز معزّ بوراوي رئيس جمعيّة عتيد أنّه : ” يجب تحكيم العقل ومواصلة الحوار، لأنّنا أصبحنا اليوم مهدّدين بالافلاس وبانهيار الدّولة في ظرف عامين إن تواصلت الأوضاع بهذا الشّكل”، مضيفا أنّ : ” غياب عامل الثّقة بين الرّباعي هو أكبر ركيزة لفشل الحوار، الذي أصبح مسألة شخصيّة لا وطنيّة”.
وفي إطار أخر، أضاف مصدرنا أنّ :” سياسة المماطلة التّي تعتمد حاليّا، تعطي فرصة ايجابيّة لبعض الأحزاب لمزيد كسب الوقت والاستفادة من مناصبهم، وللأسف الخاسر الوحيد في هذه المسألة هي تونس، ولهذا نحن نصرّ على ضرورة التّسريع في الانتخابات لانتخاب حكومة قارّة وتحقيق الاستقرار السّياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
وعن الحلول، قال محدّثنا إنّ : الحوار تشخصن ولا توجد أيّ بادرة ايجابيّة حتّى الآن تدلّ على إمكانية الوصول إلى توافق حول شخصيّة وطنيّة مستقلّة ومحايدة، ولهذا نرى أنّ إدماج المجتمع الوطني والإتّحاد التّونسي لصّناعة والتّجارة والصّناعات التّقليديّة… في الحوار يمكن أن يحلّ المسألة ويساعد على تجاوز الاختلافات، خاصّة وأنّ بلادنا لا تنقصها كفاءات”.
انتظار الإعلان عن فشل الحوار
وفي انتظار الإعلان عن فشل الحوار، النّتيجة الأقرب إلى الواقع، يبقى الشّارع التّونسي والتّحرّك الميداني الأمل الوحيد في تعدّي هذه المرحلة الكارثيّة (الأسوأ في تاريخ تونس) وتغيير مسار خرائط الطّريق المزمع تنفيذها مستقبلا من قبل أحزاب ومنظّمات لا يهمّها سوى مصالحها الذّاتيّة.
هدى هوّاشي