تونس- أفريكان مانجر
أصدر البنك المركزي التونسي اليوم الأربعاء 30 افريل 2014 بيانا كشف فيه عن وضع اقتصادي صعب في تونس ترجمه بالأساس العجز التجاري الذي بلغ مستويات قياسية أدى إلى تراجع احتياطي تونس من العملة الأجنبية بالاضافة إلى تقلص أداء الصناعة والسياحة وسط تدني سعر الدينار وبقاء التضخم في مستويات مرتفعة.
وقد عكست هذه الوضعية العامة المهددة للتوازانات الاقتصادية في تونس على السوق النقدية والادخار البنكي حيث بلغ معدل تدخل المركزي لضخ نقود للبنوك بقيمة 5 مليارات كمعدل يومي في انعكاس سلبي على التضخم فيما تراجع نسق الادخار والايداع لدى البنوك بنحو 2%.
وأعلن المركزي عن تطلعه بأن يتمكن السياسيون ومنظمات المجتمع المدني في تونس من ايجاد حل لهذه الوضعية الصعبة من خلال الحوار الاقتصادي الوطني المزمع تنظيمه نهاية الشهر المقبل.
وجاء في البيان أن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي استعرض أمس أهم المعطيات الاقتصادية والنقدية والمالية على الصعيد الوطني،التي تميزت بالتطورات الإيجابية التي يشهدها القطاع الفلاحي حيث تشير آخر المؤشرات القطاعية إلى وفرة الإنتاج، خاصة بالنسبة للمواد الحساسة، وهو ما من شأنه أن يساهم في الحد من ارتفاع أسعار هذه المواد.
تطورات سلبية
في المقابل، سجل المجلس تطورات سلبية شملت بقية القطاعات لاسيما انخفاض الإنتاج الصناعي خلال شهر ديسمبر 2013 0,3-) ٪ بحساب الانزلاق السنوي ( وتراجع جل المؤشرات المتقدمة للنشاط في القطاع خلال شهر مارس 2014، بالإضافة إلى الانكماش الذي شهدته أهم مؤشرات القطاع السياحي في نفس الشهر 0,4-) ٪ للمبيتات السياحية الجملية و-13,6٪ للعدد الجملي للسياح (بالتوازي مع تباطؤ نسق حركة النقل الجوي.
أما فيما يتعلق بتطور التضخم، فقد عرف مؤشّر أسعار الاستهلاك العائلي في شهر مارس 2014 تحسنا في نسقه ليبلغ 5٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 5,5٪ قبل شهر و 6,5 ٪ في نفس الشهر من السنة الماضية وذلك بالعلاقة خاصة مع تراجع نسق التضخّم الأساسي ) أي دون أسعار المواد الطازجة والمؤطرة (.
وعلى مستوى التطورات النقدية، لاحظ المجلس تواصل ازدياد حاجيات البنوك من السيولة خلال شهر أفريل 2014، حيث بلغ حجم تدخلات البنك المركزي لتعديل السوق النقدية حوالي 5.280 م.د بالمعدل اليومي إلى غاية 28 من الشهر مقابل 4.688 م.د في نهاية شهر مارس الماضي وهو ما دفع بنسبة الفائدة الوسطية في هذه السوق إلى الارتفاع لتبلغ 4,73٪ خلال نفس الفترة مقابل 4,72٪ في شهر مارس .
وبخصوص نشاط القطاع المصرفي، أشار المجلس إلى تباطؤ نسق الإيداعات خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية (1,9٪ مقابل 2,6٪ قبل سنة) وذلك نتيجة تباطؤ قائم حسابات الإدخار وتراجع شهادات الإيداع.
كما شمل نفس المسار عمليات تمويل الجهاز المالي للاقتصاد، حيث تطورت هذه الأخيرة بـ1,1٪، خلال نفس الفترة، مقابل 1,9٪ قبل سنة، نتيجة تراجع القروض قصيرة الأجل وشبه استقرار القروض متوسطة وطويلة الأجل .
انخفاض في قيمة الدينار
وفيما يتعلق بالتطورات في سوق الصرف، سجل المجلس انخفاضا طفيفا في قيمة الدينار مقابل أهم العملات خلال الشهر الحالي في حين تبقى هذه القيمة في ارتفاع مقارنة ببداية السنة، إذ بلغ سعر صرف الدينار يوم 28أفريل الحالي مستوى 1,5965دينار للدولار الأمريكي (+3,1 ٪ ) و 2,2071دينار مقابل الأورو (+2,7٪ ).
عجز تجاري غير مسبوق
وبخصوص القطاع الخارجي، لاحظ المجلس تواصل تفاقم العجز الجاري خلال الربع الأول من العام الحالي ليبلغ 2,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 1,8٪ في نفس الفترة من سنة 2013، بالعلاقة مع توسع غير مسبوق للعجز التجاري خصوصا تحت ضغط واردات كل من ميزان الطاقة و الميزان الغذائي، اللذان يمثلان لوحدهما حوالي 43٪ من العجز الجملي. و قد أفضى هذا الوضع إلى تراجع الموجودات الصافية من العملة الأجنبية لتبلغ حوالي ما يعادل 97يوم توريد، بتاريخ 29أفريل الجاري، مقابل 102 يوم في نفس التاريخ من سنة 2013 .
وبالنظر إلى هذه التطورات، أكد المجلس انشغاله بالخصوص بالتطورات الأخيرة المسجلة على مستوى التجارة الخارجية والتي تجعل من أوكد الأولويات اتخاذ التدابير الضرورية العاجلة لاحتواء انزلاق العجز التجاري الذي أصبح يمثل تهديدا جديا لتوازن القطاع الخارجي.
ودعا لتظافر جهود الجميع للعمل على ترشيد الواردات بتحديد الأولويات الضرورية من ناحية، ودفع الصادرات في ظل الآفاق الإيجابية للطلب العالمي من ناحية أخرى، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بدون تغيير .
وفي سياق آخر، ويرى المجلس أن انطلاق الأعمال للإعداد للمؤتمر الاقتصادي الوطني يمثل فرصة سانحة للمشاركة الفاعلة لكل الاطراف المعنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمساهمة في إيجاد الحلول الآنية الملائمة لاجتياز الوضعية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، ورسم ملامح التوجهات المستقبلية الكبرى لمنوال تنموي قادر على تحقيق الطموحات الوطنية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وفق ذات البيان.