تونس-افريكان مانجر
خلافا للسنتين الماضيتين، لم يكن محافظ البنك المركزي مروان العباسي ضمن الوفد المرافق لرئيس الحكومة أحمد الحشاني الذي يشارك من 16 الى 18 جانفي 2024 في أشغال الدورة 53 للمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس تحت شعار “إعادة بناء الثقة”.
و يُعتبر المنتدى الاقتصادي العالمي” دافوس” مناسبة للقاء أكبر و أهم رؤساء الدول و المؤسسات و الهيئات المالية الدولية وكبار المستثمرين الدوليّين، وقد جرت العادة أن تكون محادثات رئيس الحكومة بحضور وزيرة المالية و وزير الاقتصاد و التخطيط و محافظ البنك المركزي، إلا أن هذه السنة تغيّب عن هذا اللقاء السنوي محافظ البنك المركزي، فيما تُمثل وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية وزارة الاقتصاد و التخطيط بالنيابة.
في الواقع، فان حضور محافظ البنك المركزي في هذا المنتدى الاقتصادي، ليس ضروريا إلا أنه في السنتين الماضيتين سجلنا حضوره ضمن الوفد التونسي بدعوة من رئيسة الحكومة آنذاك نجلاء بودن خاصة عندما كانت المحادثات متواصلة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، و ما يدفع للتساؤل عن غياب العباسي في هذه المناسبة الاقتصادية هو اللقاء الذي جمع أمس أحمد الحشاني رئيس الحكومة بمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا على هامش مشاركته في المنتدى و الذي أكد خلاله أن تونس قد أوفت بجميع تعهداتها المالية الخارجية بعنوان سنة 2023″، مشيرا إلى أن تونس ماضية في مسار الإصلاحات التي تستجيب لانتظارات الشعب التونسي.
وتطرق رئيس الحكومة خلال اللقاء، إلى مسار التعاون المالي والفني مع الصندوق، حسب ما ورد في بلاغ لرئاسة الحكومة.
و يُشار إلى أن اللقاءات مع الهيئات المالية الكبرى على غرار صندوق النقد الدولي على هامش منتدى دافوس تكون مُبرمجة بصفة مسبقة و ليست اعتباطية.
فهل أن عدم حضور العباسي في منتدى دافوس يعود إلى عدم وجود أسباب قوية تستدعي تواجده، أم أن هذا الغياب يؤكد تواصل اختلافات وجهات النظر بين الحكومة و محافظ البنك المركزي التونسي و أنه لن يتم تجديد تعيينه لنيابة جديدة سيما و أن النيابة الأولى و المُحددة بست سنوات تنهي في شهر فيفري القادم وهي قابلة للتجديد مرة واحدة؟
و هل يحمل في طياته توجه فعلي نحو تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي خاصة و انه تم الحديث سابقا عن إمكانية التوجه نحو مراجعة القوانين بتمكين البنك المركزي من تمويل ميزانية الدولة بشكل مباشر وهو ما حذّر منه مروان العباسي.
و للتذكير كذلك فان محافظ البنك المركزي لعب دورا جوهريا في المحادثات مع صندوق النقد الدولي طيلة السنوات الماضية، الى أن أعلن رئيس الدولة صراحة رفضه لشروط النقد الدولي.
و يرى مراقبون للشأن الاقتصادي، أن الحكومة تتجه نحو تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي حيث توضع في أدراج مجلس نواب الشعب مبادرة تشريعية في هذا الصدد، وقد نظم البرلمان في أكتوبر المنقضي يوما دراسيا حول “استقلالية البنك المركزي وفاعلية السياسة النقدية في تونس”.
بدوره رئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال زيارة لمقر البنك المركزي سبتمبر الماضي، شدد على ضرورة تطوير النص القانوني حتى تلعب هذه المؤسسة المالية دورها على أكمل وجه، مشيرا إلى أنه يجب التفرقة بين الدور النقدي للبنك في مواجهة التضخم ودوره في تمويل الميزانية، مضيفا أن البنك المركزي مؤسسة عامة وليس مستقلا عن الدولة.
من جهته أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية آرام بلحاج، اعتبر أن تغيب محافظ البنك المركزي في أشغال منتدى دافوس 2024، يبعث بالعديد من الرسائل الداخلية والخارجية.
وفي تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، قال بلحاج إن أهم رسالة للداخل هي التوجه نحو تعويض محافظ البنك المركزي مروان العباسي إبان انتهاء ولايته في الشهر المقبل.
و أضاف: “أما أهم رسالة للخارج فهي التوجه نحو فك الارتباط نهائيا بصندوق النقد الدولي”، مضيفا: “سيكون لهاتين الرسالتين المذكورتين تداعيات جد سلبية على الاقتصاد التونسي”.
و ينص الفصل 46 من القانون الأساسي للبنك المركزي، على أنه محافظ البنك المركزي يُعين وفقا لمقتضيات الفصل 78 من الدستور لمدّة ست سنوات قابلة للتجديد مرّة واحدة، لم يتطرق دستور 25 جويلية إلى مسألة تعيين محافظ البنك المركزي.
و يبقى السؤال المطروح اليوم هل يُغادر مروان العباسي البنك المركزي التونسي فيفري القادم و تتغير مع انتهاء ولايته أساليب عمل هذه المؤسسة المالية؟