تونس-افريكان مانجر
مع تولى فتحي زهير النوري، منصب محافظ البنك المركزى التونسي، خلفًا لمروان العباسي المنتهية ولايته، يُطرح سؤال عن مهام المحافظ الجديد سيّما و أن الجدل مطروح اليوم في الساحة الاقتصادية حول قانون البنك المركزي في النقطة المتعلقة باستقلاليته، إلى جانب دوره في تمويل خزينة الدولة و المحافظة على التوازنات المالية للبلاد و الحد من ارتفاع نسب التضخم.
في الواقع عديدة هي الأسئلة التي تطرح اليوم خاصة و أن منصب محافظ البنك المركزى يُعد المنصب الاقتصادي الأهم في هرم المناصب الرسمية و سيكون دوره هاما في الفترة القادمة في تعبئة موارد الدولة لمساعدتها على تسديد حاجيات التمويل بمقتضى القانون المصادق عليه مؤخرا من قبل مجلس نواب الشعب و المتعلق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامّة للبلاد التونسية عدد 07 /2024، و الذي يهدف بالأساس إلى تمكين المركزي التونسي من ترخيص قانوني لتمويل الميزانية والترخيص له منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد بمبلغ 7.000 مليون دينار وذلك في إطار إيجاد الحلول الممكنة لتمكين الدولة من تسديد النفقات الضرورية والمتأكدة وخاصة المتعلقة منها بسداد الديون.
و يرى مراقبون للشأن الاقتصادي، أن مساهمة البنك المركزي في تمويل خزينة الدولة تطرح أمامه تحديات كبرى باعتبار ما قد ينجر عنها من تداعيات على الاقتصاد الوطني حيث أن هذا الاجراء يعد من بين أخطر الإجراءات التي تم اتخاذها في العشرية الأخيرة، نظرا لتداعياته السلبية على الاقتصاد وخاصة على الثقة في الدولة ومؤسساتها باعتبار أن الدولة تعطي حاليا الأولوية في نفقاتها للاستهلاك والأجور بما سيجعل الأجيال القادمة تتحمل ما سينجر عن ذلك من ديون وتدهور للخدمات العامة.
و يعتبر المختصون في الِشأن الاقتصادي، أن الأثر الآخر لهذا الإجراء يتعلق بالتضخم « عندما تمول طباعة النقود الهدر العمومي، فإن الكتلة النقدية سوف تتضخم بشكل أسرع وأكثر كثافة من كتلة السلع المنتجة. لذلك ستحتاج إلى المزيد من الأوراق النقدية لشراء نفس المنتوج . ومن أجل التعامل مع التضخم، تم التوجه نحو زيادة سعر الفائدة الرئيسي، الأمر الذي سيزيد من تسارع التضخم، بالإضافة إلى معاقبة الاستثمار الخاص والعام “.
و بالتالي، فان كل ما سبق ذكره يجعل مسؤولية محافظ البنك المركزي”ثقيلة” في الفترة القادمة، وأكثر من السنوات السابقة.
وجدير بالذكر، فأن الحكومة تتجه نحو تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي حيث توضع في أدراج مجلس نواب الشعب مبادرة تشريعية في هذا الصدد، وقد نظم البرلمان في أكتوبر المنقضي يوما دراسيا حول “استقلالية البنك المركزي وفاعلية السياسة النقدية في تونس”.
كما أدلى رئيس الدولة قيس سعيد في عديد المناسبات برأيه حول دور البنك المركزي التونسي في تمويل خزينة الدولة، وشدد سابقا على ضرورة تطوير النص القانوني حتى تلعب هذه المؤسسة المالية دورها على أكمل وجه، مشيرا إلى أنه يجب التفرقة بين الدور النقدي للبنك في مواجهة التضخم ودوره في تمويل الميزانية، مضيفا أن البنك المركزي مؤسسة عامة وليس مستقلا عن الدولة.
واعتبر أن أحكام قانون البنك المركزي الصادر سنة 1958 أفضل من قانون 2016 بالنسبة لمسألة استقلالية مؤسسة الإصدار مبرزا ان بعض فصول القانون 2016 تخدم مصالح البنوك التجارية مباشرة وتمكنهم من الاستحواذ على نسب هامة من فوائض القروض الممنوحة.
وقال سعيد، أن « استقلالية البنك المركزي التونسي لا تعني الاستقلال عن الدولة بل لا بد من الانسجام مع سياسات الدولة ولابد من التفريق بين الاستقلالية في المجال النقدي والاستقلالية في المجال المتصل بميزانية الدولة ». يذكر أن الفصل 25 من قانون 2016 للبنك المركزي التونسي ينص على انه « لا يمكن للبنك المركزي ان يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات او قروض او يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة ».
وأكد سعيد أن الدور الأساسي للبنك المركزي في الاقتصاد الوطني يكمن في السيطرة على التضخم المالي وان تنسجم ادارات البنك كذلك مع سياسات الدولة.
و للإشارة، فان البنك المركزي التونسي هي المؤسسة المالية المركزية المكلفة بإصدار النقد والإشراف على القطاع البنكي في تونس كما تقوم بإدارة احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي وإدارة السياسة النقدية. يقوم البنك أيضا بإصدار تقارير يقيّم فيها الوضع الاقتصادي العام ويقوم بإقتراح الإجراءات الممكن إتخاذها لتحسينه.
أنشئ البنك في 19 سبتمبر 1958 وهو مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدنية وبالاستقلال المالي وله 12 فرعا في كل من تونس العاصمة، بنزرت، سوسة، صفاقس، نابل، ڨابس، ڨفصة، الڨصرين، القيروان، المنستير، جندوبة، مدنين. يشرف على البنك محافظ ونائب له ومجلس إدارة يجتمع شهريا.