تونس-أفريكان مانجر
رغم تحذيرات المراقبين، ورغم توقّعات بحدوث عمليّات إرهابيّة في اخر أسبوع من شهر رمضان، تتواصل العمليّات الإرهابيّة في تونس، وترتفع حصيلة شهداء الوطن من أربعة جنود في الأسبوع الأوّل من شهر رمضان الى 19 جندي مع منتصف رمضان الى 21 جندي مع قرب نهايته، هذا دون ذكر لحصيلة الجرحى والمصابين، والمشكل أنّه في كلّ مرّة تقع فيها عمليّة ارهابيّة تكون الخسائر من جانب الوحدات العسكريّة، دون تسجيل خسائر تذكر في صفوف المجموعات الإرهابيّة، التّي أصبحت تقوم بعمليّاتها في نفس التّوقيت وبأريحيّة دون خوف من مباغتتها أو إعتقالها أو قتلها، ودائما على الحدود الجزائريّة أو في المناطق المتاخمة لها رغم أنّ وضع حدودنا مع ليبيا أكثر كارثيّة (أسلحة وثوّار ومهرّبون…).
وفي هذا الإطار، قالت بدرة قعلول رئيسة المركز الدّولي للدّراسات الإستراتيجيّة الأمنيّة والعسكريّة في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ المجموعات الإرهابيّة تتعمّد القيام بعمليّاتها في المناطق المتاخمة لحدودنا مع الجزائر بهدف خلق أزمة مع هذا البلد الشّقيق ومع مخابراتها للاتهامها بتورّطها في هذه العمليّات، كي تجد هذه المجموعات الإرهابيّة متنفّسا وتتحرّك بأكثر أريحيّة وفاعليّة، بعد أن تضعف ثقة الدّولة التّونسيّة في الحاجز الأمني والعسكري الجزائري إثر إضعاف العلاقات التّونسيّة الجزائريّة، مبرزة أنّ الجزائر بحكومتها ومخابراتها حريصة جدّا على ملفّ الإرهاب في تونس خوفا من تداعياته عليها بعد أن حصدت خلال عشر سنوات 300 ألف قتيل.
حكومة ضعيفة أو متورّطة
من جهة أخرى، أوضحت محدّثتنا، أنّ تواتر العمليّات الإرهابيّة في شهر رمضان وحدوثها تقريبا بنفس الشّكل وفي نفس التّوقيت، رغم كلّ تحذيرات المراقبين والخبراء -باعتبار أنّ الإرهابيين يعتبرون شهر رمضان شهر “جهاد” يضاعف فيه “الثّواب” عند اللّه- يفتح المجال أمام فرضيّتين، فإمّا أن تكون الحكومة ضعيفة جدّا وإمّا أن تكون متواطئة، مضيفة أنّه في كلتا الحالتين، ترك المجال للعناصر الإرهابيّة لتفعيل مخطّطاتها ولكسب مزيد من الثّقة في النّفس، خاصّة وأنّه بعد عمليّة الشّعانبي وبعد الحداد لمدّة ثلاثة أيّام، وبعد خطابات هزيلة، عادت الحياة الى طبيعتها وكأنّ شيئا لم يكن.
وعن قراءتها للمرحلة القادمة، قالت بدرة قعلول أنّه إذا واصلنا بهذا الشّكل في التّخاذل وعدم تنظيم الصّفوف، سنتكبّد على حدّ تعبيرها خسائر أكبر وأعمق، لأنّ هذه العصابات الإرهابيّة بمجرّد احساسها بنشوة الانتصار، تسارع بتنفيذ عمليّات أخرى مشابهة، استخفافا بالمؤسّسة العسكريّة، واعتدادا بنفسها وبمخطّطاتها، مبرزة أنّ الإرهاب استوطن في تونس ولديه أمكنته وعتاده وتجهيزاته وامدادته… في الوقت الذي لم تحسّن فيه المؤسّسة العسكريّة والأمنيّة من إمكانيّاتها رغم كلّ الخسائر التّي تكبّدتها، ورغم الحاجة الماسّة لذلك، ولهذا تدعو محدّثتنا الى اعتقال كلّ من يشتبه في تورّطه من بعيد أو قريب في العمليّات الإرهابيّة وتجاوز الدّعاوي القائلة بحقوق الإنسان، فلا مجال على حدّ تعبيرها لاحترام حقوق الإنسان في ملفّ الإرهاب، لأنّ هؤلاء لم يحترموا حقوق الأشخاص في الحياة التي أنعم الله عليهم بها ولم يحترموا حقوق الانسان، فكيف لنا أن نمتّعهم بهذا الحقّ وهم يقتلون أبناءنا من حماة الوطن.
ضرورة التّركيز على العمل الميداني
وحول نفس الموضوع، قال مختار بن النّصر في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ هذه العمليّة الإرهابيّة تأتي في إطار مخطّطهم لتصعيد أعمالهم الإرهابيّة، وهي ردّ فعل على الإيقافات الأخيرة التّي بلغت منذ أحداث الشّعانبي حوالي 120 عنصر من العناصر الفاعلة بهذه الشّبكات، هذا علاوة على اعتقال أحد قياداتهم والنّاطق الرّسمي باسمهم فجر أمس السّبت، مضيفا أنّ العناصر الإرهابيّة مازالت موجودة في الجبال، وتعمل حاليّا بتنفيذ هذه العمليّات على ادخال الرّعب في صفوف المواطنين والأمنيين والعسكريين وضرب معنويّاتهم، ولهذا لابدّ من سيطرة كليّة على مناطق استيطان الإرهاب وتفكيك العصابات المتمركزة بها وضرب مخطّطاتهم، والتركيز على العمل الميداني وإلاّ سيستفحل الأمر ويخرج من تحت سيطرة الجيش والأمن ويصبح من غير المستبعد استهداف المناطق الحيويّة ومؤسّسات الدّولة والمدنيين… وفي نفس الإطار قال نفس المصدر أنّ احتمال وقوع عمليّات ارهابيّة مشابهة في الفترة القادمة يبقى أمرا واردا مادام لم يتمّ القضاء نهائيّا على هذه المجموعات.
ويذكر أنّ العميد المتقاعد بالجيش الوطني وعضو المركز التونسي لدراسات الامن الشامل مختار بن نصر دعا سلطة الاشراف قبل العمليّة الإرهابيّة التي جرت أمس بجبال ورغة -وذلك خلال مسامرة ليليلة نظمتها الجمعية الثقافية لأعوان الخطوط التونسية يوم الجمعة المنقضي حول موضوع الارهاب من الذعر والاستنفار الى التجاهل واللامبالاة- الى الاسراع في احتلال جبل الشعانبي بالكامل والسيطرة على جميع منافذه وتوحيد القيادة السياسية والامنية للتصدي للإرهابيين والتعامل بجدية مع ملف الارهاب.
واكد نفس المصدر أن عدم احترام مبادئ الحرب على الارهاب ومكافحته أدى الى تفاقم الموجة الارهابية في تونس وتوسعها في اكثر من مكان، معتبرا أن التردد السياسي في اخذ القرار والفشل في تحديد الهدف بدقة وتشتت الجهود الامنية والعسكرية وعدم السعي لأخذ المبادرة وانعدام الاستشراف في مجال مقاومة الظاهرة الارهابية من العوامل التي ساهمت في تفشيها على حد قوله.
وفي نفس السياق، طالب العميد بإعادة النظر في قانون التجنيد والحاق الحرس الوطني بالجيش لأن التعاون بينهما يمكن أن يكون اكثر نجاعة وفاعلية على حد اعتباره، مشيرا الى اهمية تأهيل الوحدات الامنية والعسكرية وجعلها خاضعة للمراقبة الديمقراطية والحياد السياسي. هدى