تونس-أفريكان مانجر
شهد الخطاب السّياسي خلال الحملة الانتخابيّة السّابقة للدّور الأوّل من الانتخابات الرّئاسيّة درجة كبيرة من التّشنّج والاحتقان وتسميم الجوّ العامّ، لتحتدّ هذه الظّاهرة خلال الفترة الحاليّة السّابقة للدّور الثّاني من الرّئاسيّة، وينزلق الخطاب الى حضيض المزايدات الشّعبويّة التي تكرّس العنف والفتنة والانفلات على جميع المستويات…، رغم أنّ القانون الانتخابي جرّم مثل هذه الخروقات الخطيرة، ووضع عقابا زاجرا لمثل هذه الأفعال.
وفي هذا الإطار، أكّد رشدي بوعزيز عضو الهيئة المدير بمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التّحوّلات الدّيمقراطيّة أنّه لقياس ما يحدث الآن من انحرافات خطابية خطيرة مع ما نصّت عليه النصوص القانونية، يذكّر بأنّ الفصل 52 من القانون الانتخابي وهو أوّل فصل يتطرّق إلى “المبادئ المنظمة للحملة” قد نصّ بالخصوص على “احترام الحرمة الجسدية للمترشحين والناخبين وأعراضهم وكرامتهم” وعلى “عدم الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصّب والتمييز” .
الانحراف الكلامي يدخل في باب الجرائم الإنتخابية
وأضاف نفس المصدر أنّ القانون أضاف في فصله الـ 56 أنّه “تحجّر كل دعاية انتخابية تتضمّن الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصّب والتمييز”، مبرزا أنّ كل مخالفة للفصل 56 تعدّ جريمة انتخابية حيث نصّ الفصل 159 من القانون الإنتخابي على أنّه “يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنة كل مخالف لأحكام الفصل 56 من هذا القانون”.
وأوضح نفس المصدر أنّ ما يحدث اليوم من انحراف كلامي يدخل في باب الجرائم الإنتخابية وعلى المترشحين وأنصارهم على حدّ تعبيره تحمّل مسؤوليّاتهم وعلى الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات تحمّل مسؤوليّاتها لأنّها هي المكلّفة دستوريّا وقانونيّا بالمحافظة على سلامة المسار الإنتخابي.
وفي سياق متّصل، قال النّاصر الهرّابي المدير التّنفيذي لمرصد شاهد أنّه رغم تجريم القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالإنتخابات والإستفتاء جميع مظاهر العنف والدعوة إلى الكراهية والتعصب، فإن الساحة السياسية التونسية شهدت في الفترة الأخيرة تشنجا على مستوى الخطاب السياسي غير المسؤول من شأنه الزج بالشعب التونسي في متاهات الجهويات والشعور بالغبن وهو مايشكل إستقطابا جهويا على حساب الدولة والمجتمع.
وأضاف محدّثنا أنّ هذا الخطاب سينعكس على الحملة الإنتخابية لكلا المترشحين للدور الثاني من الإنتخابات الرئاسية التي نخشى على حدّ تعبيره أن يزداد تشنجا في جو قابل لتغذية التفرقة والعروشية بين الشعب الواحد، ودعا نفس المصدر الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات ضمان ديمقراطية وشفافية ونزاهة الإنتخابات، حيث أنّ الدستور التونسي أوكل لها هذه المهمة، كما دعاها الأستاذ الهرّابي الى ضمان سبل سير العملية الإنتخابية بكل سلاسة وأن تعكس الإنتخابات الإرادة الحرة لكل تونسي أو تونسية يتوجه إلى مكاتب الإقتراع.
الخروقات الخطابيّة وعقابها في القانون
من جهة أخرى، بيّن مصدرنا أنّ الباب الرابع من هذا القانون المتعلق بالفترة الإنتخابية وفترة الإستفتاء وخاصة الفصلين 52 و56 منه يمنع كل أشكال الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصب والتمييز، كما أن الباب السادس المتعلق بالجرائم الإنتخابية من القانون المذكور وخاصة الفصل 159 منه ينص على أن :” يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنة كل مخالف لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 53 والفصل 56 من هذا القانون “. وشدّد النّاصر الهرّابي على ضرورة مساهمة كلا المترشحين في تهدئة الوضع والدخول في الدور الثاني للإنتخابات الرئاسية على نفس المسافة من الشعب التونسي وأن يحافظا على وحدة الشعب والوطن.
وحول نفس الموضوع، حمّل معزّ بوراوي رئيس جمعيّة عتيد الأطراف السّياسيّة مسؤوليّة تشنّج الخطابات والتّصريحات السّياسيّة، معتبر ايّاها في “غير محلّها”، حيث أنها من شأنها أن “تفتح الأبواب أمام تزايد موجة العنف”، مع الإشارة الى أنّ “عتيد” سبق وأن نبّهت الى خطورة الخطابات المتشنّجة من قبل بعض الأطراف السّياسيّة خلال الحملة الانتخابيّة في الدّور الأوّل من الانتخابات الرّئاسيّة، خاصّة وأنّ بعضها أدّى الى تفاقم عمليّات العنف اللّفظي والجسدي حسب تصريحات سابقة لـ “عتيد”.