مشروع قانون المخدرات يثير الجدل من جديد في تونس… و دعوات بإنهاء عقوبة السجن للمتعاطين
اثار مشروع قانون المخدّرات من جديد جدلا في صفوف الحقوقيّين والخبراء والمختصين في الشأن السّياسي وقد قالت في هذا الإطار “هيومن رايتس ووتش” و”محامون بلا حدود” و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” نهاية الأسبوع المنقضي، في رسالة مشتركة إلى البرلمان التونسي، إن عليه تعديل مشروع قانون المخدرات المطروح أمامه حاليا، لتعزيز أحكام حقوق الإنسان.
كما قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس أنّ ” قانون المخدرات القاسي في تونس تَسبب في عواقب كارثية على حياة آلاف المواطنين، ان هذه السياسة القمعية لا تتماشي مع التوجه الديمقراطي الذي اتخذته تونس”.
نسخة معدلة من مسودة القانون
ويذكر أنّ الحكومة وافقت على مشروع تعديل قانون 1992 رقم 92-52 للمخدرات (القانون 52)، وأرسلته إلى البرلمان في 30 ديسمبر 2015، وقد بدأت لجنة التشريع العام في البرلمان في مناقشة المشروع في 3 جانفي 2017 وقدمت وزارة العدل نسخة معدلة من مسودة القانون في 12 جانفي ألغت بعض التحسينات التي كانت واردة في المسودة الأولية.
ويشار إلى أنّ القانون 52 يفرض عقوبة إلزامية لا تقل عن سنة في السجن لمن يتعاطى أو يمتلك كمية صغيرة من المخدرات غير القانونية، بما فيها الحشيش (القنب الهندي).
وتؤدي جريمة العود في استهلاك المخدرات الى عقوبة لا تقل عن 5 سنوات سجن، حتى في حالات حيازة سيجارة حشيش واحدة، لا يتمتع القضاة بسلطة فرض بدائل عن السجن، مثل العقوبات المجتمعية أو العقوبات الإدارية الأخرى.
وقد ألغى مشروع القانون الاصلي عقوبة السجن للمخالفين لأول وثاني مرة في جميع حالات الحيازة للاستخدام الشخصي، ويمكن أن يمنح القضاة سلطة تقديرية لفرض عقوبات بديلة للمعاودين، وتركيزا أكبر على الخدمات العلاجية. لكن المشروع المقدم في 12 جانفي الجاري أعاد عقوبة السجن للمخالفين للمرة الأولى والثانية.
وفي هذا الإطار، نشرت هيومن رايتس ووتش، محامون بلا حدود والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان تقريرين يبينان كيف أدى تطبيق القانون 52 إلى مختلف أشكال انتهاكات حقوق الإنسان.
قانون المخدرات التونسي القمعي وخارطة طريق لإصلاحه
و قد قابلت هيومن رايتس ووتش أشخاصا تحدثوا عن الضرب والإهانات أثناء الاعتقال والاستجواب، وسوء المعاملة خلال اختبارات البول، وتفتيش منازلهم دون مذكرات قضائية. بعد إدانة الشخص الذي كانت “جريمته” تدخين سيجارة حشيش ، يجد نفسه مسجونا مع مجرمين خطيرين في زنازين مكتظة.
وبعد خروجه من السجن، تؤثر عليه سوابقه الجنائية سلبا عندما يبحث عن عمل في ظروف اقتصادية غير ملائمة.
من جهة أخرى، وثّق محامون بلا حدود و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” وعمادة المحامين التونسيين” في تقرير:” تطبيقات القانون 52 المتعلق بالمخدرات أمام المحاكم التونسية” انتهاكات الحق في سلامة الاجراءات أثناء المحاكمات، حيث أكدوا أنّ هناك 6700 شخص في سجون تونس لتعاطيهم المخدرات عام 2016، من مجموع 23553 سجينا، وفقا لتصريح صادر عن وزير العدل أمام لجنة التشريع العام في مجلس نواب الشعب في 3 جانفي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المشروع المنقح يتضمن أحكاما قد تنتهك الحق في حرية التعبير والخصوصية ويوسّع المشروع صلاحيات الشرطة في إجراء المراقبة والتنصت على الهواتف واعتراض الاتصالات خلال عمليات مكافحة المخدرات، وأضاف “التحريض العلني” كجريمة ويمكن لجميع هذه التدابير التداخل بشكل كبير مع الحق في الخصوصية.
كما ينصّ مشروع القانون على أن الشخص الذي يرفض الخضوع لفحص [البول] يمكن أن يحكم عليه بالسجن لمدة عام و/أو غرامة تصل إلى 5000 دينار (2430 دولار) وارتبط فحص البول في الماضي بانتهاكات الشرطة، بما فيها أمر الناس تعسفا بالخضوع للفحص، والاعتداء عليهم جسديا قبل أو أثناء الفحص. وفي هذا السياق، قال أنطونيو مانغانيلا، مدير مكتب محامون بلا حدود في تونس: “على البرلمان تبني مقاربة قائمة على حقوق الإنسان، من خلال إلغاء العقوبات الجنائية لتعاطي المخدرات، وإلغاء عقوبة السجن لرفض الخضوع لفحص البول”.