تونس-افريكان مانجر
تفيد كل المعطيات و المؤشرات ان الاقتصاد الوطني ينزف و تونس دخلت في أزمة اقتصادية غير مسبوقة وربما تكون الأخطر في تاريخها، ذلك ما أكده عدد من الخبراء الاقتصاديين خلال ندوة حول مشروع قانون المالية لسنة 2021، بمجلس نواب الشعب نظمتها لجنة المالية والتخطيط و التنمية للتباحث حول الحلول الممكنة لتجاوز الصعوبات المالية التي يطرحها مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021.
حلول لتجاوز الأزمة
وفي تشخيص للوضع الاقتصادي الحالي، اعتبر الوزير السابق و الخبير الاقتصادي توفيق الراجحي أن المشكل الأساسي المطروح اليوم هو ان الحكومة مطالبة بتوفير حوالي 29 مليار دينار في ظرف 13 شهرا موزعة بين الميزانية التكميلية 2020 و قانون المالية 2021.
وفي هذا السياق، قدم الراجحي، مقترحا يرتكز على 5 نقاط أولها ترشيد نفقات الدولة عبر التقليص بحوالي 2 مليار دينار في ميزانية 2021 من خلال مراجعة نفقات السنة القادمة و ترشيد الزيادة في كتلة الأجور.
ولفت الى ان حصول تونس على تمويل من الخارج مرتبط أساسا بصندوق النقد الدولي مؤكدا انه بسبب ما تم تداوله عن عجز الميزانية تم الترفيع في نسبة الفائدة التي تتحصل بها تونس على القروض من الخارج بـ 3 نقاط .
واكد المتحدث، في تصريح لافريكان مانجر، ان مظلة صندوق النقد الدولي ضرورية للاقتراض من الاسواق و المؤسسات المالية الدولية، وفق تعبيره.
كما اقترح الراجحي تسهيل صندوق يمكن الدولة من الحصول على تمويل موسمي للعجز من البنك المركزي في شكل تسهيل للخزينة يحدد بضوابط على غرار العديد من الدول.
ورابعا، اعتبر الخبير الاقتصادي ان بعث صندوق للتصرف في الديون الاجتماعية يعد من بين الحلول الضرورية التي يجب اعتمادها في هذه الأزمة خاصة و ان ديون المؤسسات العمومية هي في الواقع ديون الدعم الاجتماعي التي لم توفرها الدولة، وفق تقديره.
واشار الى ضرورة ايلاء اهمية لديون المؤسسات الاجتماعية التي بحل مشاكلها تتحسن عديد الخدمات.
كما دعا الى إحداث وكالة للخزينة تتصرف في الدين العمومي و تبحث عن موارد لتمويل الدولة و تستبق الإشكاليات و تجد لها الحلول.
وخلص الراجحي إلى أن ترشيد النفقات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي و تسهيل الصندوق و إحداث صندوق للتصرف في الديون الاجتماعية ووكالة الخزينة بتطبيقهم يمكن الخروج من إشكاليات تمويل الميزانية.
من جهته الخبير الاقتصادي، حسين الديماسي، اعتبر في تصريح لافريكان مانجر، ان الخلل الكبير في الميزانية ناتج أساسا عن الأخطاء الكبيرة والمتراكمة التي قامت بها الحكومات المتعاقبة في السنوات الماضية في مجال المالية العمومية.
و اشار الديماسي الى ان ابرز الإصلاحات التي يجب القيام بها في السنوات القادمة هو تنضيج النفقات والتخفيف منها بصفة تدريجية على غرار التقليص من حجم الأجور الذي بلغ 20 مليار دينار بنسبة تتجاوز 16% من الناتج القومي الخام في حين أن المعايير المعمول بها في العالم لاتتجاوز 10%.
كما دعا الى ضرورة التقليص من حجم نفقات الدعم و إرجاع المكانة لنفقات الاستثمار والتنمية مشددا في ذات السياق على أهمية وضع مخطط استراتيجي واضح للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد.
اما الخبير الاقتصادي الحبيب كراولي، اعتبر ان مشكل الميزانية هو مشكل نفقات اكثر من مسألة توفير موارد بالتالي لا بد من الضغط على النفقات، وفق قوله.
ووفق ما قدمه كراولي، فانه بإمكان وزارة المالية على مستوى قانون مالية 2021، الاقتصاد بحوالي 5،3 % من ميزانيتها عبر التقليص من النفقات و الحد من التبذير و سوء التصرف و تحديد الأولويات، وفق قوله.
وأضاف “اعتقد ان وزارة المالية بإمكانها ان تطلب من كل الوزارات التقليص بـ 15%من النفقات سنويا باستثناء وزارة التربية ووزارة العدل ووزارة الصحة ووزارة الثقافة”.
واستنادا لما اكده الخبير الاقتصادي، فان الدولة قادرة على توفير بعض الموارد دون اللجوء إلى الاقتراض و ذلك عبر التفويت في مساهمتها في بعض البنوك.
وقال المتحدث، “من غير المعقول ان تكون الدولة مساهمة في 11 بنكا من بين 23 مؤسسة بنكية في تونس خاصة و ان هذه المساهمات تعتبر ضعيفة لا تمكنها حتى من المشاركة في اخذ القرارات”.
ولفت الى ان التفويت في هذه الحصص على غرار حصة الدولة في بنك البركة و البنك التونسي الاماراتي من شأنه خلق إرادات إضافية يمكن وضعها في صناديق للمساهمة في إعادة هيكلة عديد القطاعات.
واجمع خبراء الاقتصاد على أن الخروج من الأزمة يتطلب وضع رؤية واضحة وتحديد للاوليات العاجلة للإنقاذ على غرار الضغط على النفقات و ترشيدها و التخفيض من كتلة الأجور.
تحليل جيد ودقيق لما اقترحه بعض الوزراء السابقيين والخبراء في المسائل الاقتصادية والمالية ولكن هذا يدعو الى عديد التساؤلات حول مراجع هذه التحاليل لاصحابها الذين شغلوا مناصب سامية على مستوى القرار ولكن لم نسمع بمثل هذه الاقتراحات وهم وزراء الشيء الذي يجعل كل تدخلاتهم خالية من المصداقية خصوصا وانهم يتحدثون على اخطاء تراكمت عبر الحكومات السابقة و المتتالية وهم كانو يمسكون فيها بزمام الامور, ولا يمكن الحديث عن مراجعة كتلة الاجور ومازالت قرارات الانتداب متواصلة على مستوى الوظيفة لتهدءة الاوضا ع في بعض المناطق هذا من ناحية من ناحية اخرى كتلة الاجور وقع ضبتها بميزانية 2021 وبالتالي لا يمكن مراجعتها الا اذا سحب قانون المالية لسنة 21 لاعادة تعديله وهذا امر مستبعد لان القانون مرتبط باجال قانونية لمناقشته بمجلس نواب الشعب. الشيء الاخر الذي لم يتعرض اليه المتدخلين هو اعادة تشغيل ضخ النفط بالكامور وقريبا اعادة الانتاج بمناجم الفسفاط وهما العاملين الاساسيين لتمويل الميزانية الى جانب الاقتراض من صندوق النقد الدولي دون الضغط على البنك المركزي وما الذي يدفع بالدولة الى التفويت في حصصها ببعض البنوك بينما يكفيها المطابة بالفوائد المتخلدة بذمة هذه البنوك التي اقرضتها سابقا