تونس- افريكان مانجر
في مشهد غير معهود… رفوف فارغة وملصقات للتنبيه على الحرفاء بإقتناء كمية محددة من المواد الغذائية الأساسية – إن وُجدت- داخل الفضاءات التجارية الكبرى ولدى “العطارة”.
تونس، اليوم تعيش تحت ضغط شحّ المواد الغذائية والتي تسببت بدورها في إيقاف عجلة انتاج المصانع التي تعتمد مثلا على مادة السكر، حيث يقدّر الاستهلاك الاسري والصناعي بنحو 1000 طن يوميا.
زيادات “غير مسبوقة”
وقد عبر العديد من المواطنين عن استياءهم من تواصل فقدان العديد من المواد، مُستنكرين الإرتفاع المشط لاسعار الزيت النباتي التي لامست الـ 50 دينار، فيما بلغ سعر الكلغ الواحد من اللحوم الحمراء الـ 34 دينار، أما سعر اللحوم البيضاء فقد سجلت زيادة غير معقولة وقارب سعر الكلغ الـ 10 دنانير….
“أسعار غير مقبولة بالمرّة في بلد يقدر فيه الاجر الأدنى المضمون بـ 420 دينار”، بحسب ما صرّح به عدد من أرباب الأسر إلتقتهم “افريكان مانجر” بفضاء تجاري بالعاصمة، مُؤكدين أنّهم كانوا يشتكون غلاء الأسعار أما اليوم فقد “إزداد الطين بلة بتواصل فقدان مواد أساسية لا يمكن الاستغناء عنها”.
وأكد بعض ممن جمعنا بهم حديث أنّهم يواجهون صعوبات في توفير المواد الغذائية للاستهلاك اليومي، مشددين على أنّ بعض التجار استغلوا الوضع العام في البلاد ورفعوا في الأسعار بطريقة غير قانونية.
ويُجمع الأغلبية منهم على أنّ “الرواتب لم تعد تكفي لأكثر من 10 ايام فيما يلجؤون الى التداين والإقتراض لاستكمال الفترة المتبقية من الشهر”، وفقا لتصريحهم.
وتفقد السوق المحلية التونسية الى العديد من المواد الأخرى على غرار القهوة والمياه المعدنية والحليب وبعض مشتقاته…
بداية انفراج
ولمعرفة وضعية تزويد الفضاءات التجارية بالمواد الأساسية، إلتقى “افريكان مانجر” رئيس الغرفة الوطنية للمساحات التجارية الكبرى الهادي بكور، فأكد لنا تحسن نسق التزويد منذ يوم أمس الثلاثاء، مشيرا الى النقص المسجل في كميات المياه المعدينة يُعزى الى ارتفاع الطلب جراء تواصل ارتفاع درجات الحرارة.
وأكد ان الازمة في طريقها الى الانفراج تزامنا مع شروع الديوان التونسي للتجارة في توزيع مادة السكر على مختلف الوحدات الصناعية والتي ستستأنف الإنتاج من عصائر ومشروبات غازية وبسكويت…
وفي سياق متصل، أفاد المصدر ذاته على ان المساحات التجارية لا تدخل في تسعيرة المواد، وتعمل على احترامها طبقا لما ينص عليه القانون.
من جانبه، قال رئيس مدير عام الديوان التونسي للتجارة إلياس بن عامر في حديث مع “افريكان مانجر”، أن أزمة السكر التي تعيش على وقعها تونس تعود بالأساس إلى أزمة الغذاء العالمية بسبب جائحة كورونا و الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار نتيجة قرارات بعض الدول وقف التصدير بالإضافة إلى إخلال مزود أجنبي بعقد أبرمته الدولة معه لتوريد 22 ألف طن
و نفى وجود أي صعوبات مالية في خلاص المزودين الأجانب من طرف الدولة التونسية .
أما بالنسبة لمادة القهوة ، فقد أكد بن عامر بان النقص الذي شهدته هذه المادة بالسوق المحلية يعود لنفس الأسباب المذكورة سابقا ، مشيرا إلى أن الديوان قام بتوفير مخزون ب7 ألاف طن سيمكن من توفير حاجيات شهرين و نصف من طلبات المزودين .
و شدد على أن سعر القهوة قد ارتفع بنسبة تتراوح بين 40 إلى 50 بالمائة في الأسواق العالمية، مبينا بان استهلاك التونسي بهذه المادة يبلغ سنويا 30 ألف طن .
“حرب بين الدولة والمهربين”
ويرى لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك أنّ الحكومة مطالبة باتخاذ قرارات عاجلة للحد من الوتيرة التصاعدية للأسعار في تونس، وذلك من خلال تحديد أعلى سقف لهامش ربح المواد الحرة وتوسيع قائمة المواد المؤطرة.
وأكد في تصريح لـ “افريكان مانجر” أنّ النقص الحاصل في المواد الغذائية سببه “الحرب بين الدولة والمهربين”، بحسب تقديره، لافتا الى المستهلك هو الحلقة الأضعف والمتضرر الرئيسي.
وقال ان المقدرة الشرائية تراجعت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مبينا ان الأجور في تونس لا تكفي لاكثر من أسبوعين.
جدير بالذكر ان الأرقام المتوفرة حول متوسط الأجور في الدول العربية تشير إلى أن تونس تأتي أسفل الترتيب بنحو 286 دولارا.
الحلّ في ترشيد الاستهلاك
وتعليقا على الازمة التي تعيش على وقعها البلاد، أكد مدير عام المعهد الوطني للاستهلاك عبد القادر التيمومي أنّ الاسر لها دور في التصدي لظاهرة غلاء الاسعار من خلال ترشيد الاستهلاك، وذلك بالسعي لتحقيق التوازن بين الدخل والنفقات والتداين المفرط.
وشدد التيمومي في تصريح لـ “افريكان مانجر” على عدم الاغترار بالعروض والاعلانات والدعايات والتثبت من مستوى الاسعار بالمسالك المنظمة.
كما اقترح التوجه إلى الشراءات الجماعية من محلات البيع بالجملة بإعتبار ان الاسعار ستكون أقلّ مقارنة ببقية الفضاءات، داعيا الى تجنب اللجوء لتخزين السلع حتى لا يحدث ضغط على السلع ويسهم في تنامي ظاهرة الاحتكار والترفيع في الأسعار.
واعتبر مصدرنا ان التحكم في الاسعار مجهود جماعي، مشيرا الى ان وزارة التجارة اتخذت كافة الاجراءات لتزويد السوق خلال الفترة القادمة بالمواد التي تشهد نقصا.
وقال ان الارتفاع المسجل في الأسعار خلال شهر جويلية الماضي شمل خاصة المواد الغذائية والترفيه والثقافة والمطاعم والنزل…، مُرجعا هذا التطور النسبي الى ارتفاع أسعار المواد الحرة بـ 1,2 بالمائة في حين لم تتجاوز نسبة نسبة تطور اسعار المواد المؤطرة 0,3 بالمائة.