تونس-افريكان مانجر
يعتبر التكوين المهني من أهم المسالك المطروحة أمام الشاب للولوج لسوق الشغل، سيما و أن النظرة للقطاع تحولت من بديل للفشل الدراسي الى طريق للنجاح، بحسب ما أكده المدير العام للوكالة التونسية للتكوين المهني مروان بن سليمان.
و افاد بن سليمان، في حوار مُطول لموقع أفريكان مانجر، بأن التكوين المهني في تونس خلال السنوات الأخيرة عرف تطورا هاما من خلال تعدد الاختصاصات و مواكباتها لمختلف التغييرات التكنولوجية، كما أصبح أكثر تناغما مع حاجيات المؤسسات الاقتصادية و متطلبات سوق الشغل.
محرّك للاقتصاد
ويقول المدير العام للمؤسسة، ان مراكز التكوين المهني تساهم في توفير الموارد البشرية للمؤسسات الاقتصادية ما يجعلها محرك فعلي للاقتصاد الوطني.
ويوجد في تونس 136 مركز تكوين موزعة على كامل تراب الجمهورية تقدم تكوين في 12 قطاعا تتضمن بدورها اختصاصات متعددة، و قد توجهت الدولة نحو التركيز على ما هو مطلوب في سوق الشغل المحلية و الدولية، الى جانب ملائمة البرامج الوطنية و الأجنبية لتقريب المهارات المطلوبة في تونس و خارجها، وفق تقديره.
و اعتبر بن سليمان، ان شروط نجاح مرحلة التكوين المهني تكمن في تكامل اختصاصات التكوين مع الوضع الاقتصادي للبلاد.
و بشكل عام تنقسم مستويات التكوين الى أساسي و مستمر، وهو يرتبط بالمستوى الدراسي للمتكون.
و أبرز مصدرنا، أن التكوين الأساسي يتضمن 3 مستويات دراسية مستوى السادسة ابتدائي و هي شهادة المهارة، و مستوى شهادة التقني المهني الخاصة بالسنة الثانية من التعليم الثانوي، و شهادة مؤهل تقني سامي خاص بأصحاب شهادة الباكالوريا.
أما التكوين المستمر، فيتمثل في شهادة يتم إسنادها لمدة تكوين قصيرة تتراوح بين 3 و 6 أشهر وهي في الغالب تقترن بطلب مباشر من المؤسسة الاقتصادية.
و في حال طلبت المؤسسة الاقتصادية اختصاص غير متوفر فانه يتم العمل على إيجاد الصّيغ الملائمة لإحداث هذا الاختصاص و توفير الإمكانيات اللوجستية لإدراجه، مشيرا إلى وجود مشروع تكوين يتضمن جملة من الاختصاصات لطالبي الشغل بالاشتراك مع التعاون السويسري.
و تتمثل هذه الاختصاصات في النجاعة الطاقية و الصناعة 4.0 و برمجة الهواتف الذكية android الى جانب التسويق الرقمي.
و لفت الى أن مجالات التكوين المهني تتعزز كل سنة باختصاصات جديدة تتماشى مع متطلبات سوق الشغل و تواكب التطور الرقمي و التكنولوجي، وقريبا سيتم إحداث تخصص جديد ingénierie de commande (Prompt engineering) ، بالإضافة الى اختصاص آخر في مجال التصرف في الذكاء الاصطناعي، مشددا على ان بلادنا ستكون سباقة في هذا المجال في إطار التكوين المهني.
و أبرز في ذات السياق أنه تم تخصيص 34 ألف موطن تكوين جديد في مجال التكوين الأساسي و 12 ألف عقد تدريب مهني، مقابل حوالي 15 الف موطن تكوين قصير الأمد سنويا، مؤكدا أنه يتم في مختلف مستويات التكوين انتداب حوالي 80 % من المتكونين.
وأفاد مصدرنا، بأنه مؤخرا تم انتداب 40 متكونا في قطاع البناء و توابعه للعمل بمؤسسات اقتصادية بايطاليا، و ذلك في إطار اتفاقية مع الجمعية الإيطالية للبناء والأشغال العامة، مشيرا إلى أن مراكز التكوين تتكفل بتدريس اللغة الإيطالية و القانون الإيطالي لمدة شهرين و تحمل مصاريف التأشيرة و السكن.
و ردا عن سؤال يتعلق بتكلفة التكوين في مثل هذه الاتفاقيات، بين أن الاتفاق مع الجانب الإيطالي يقضي بتحمله مصاريف التكوين انطلاقا من المتطلبات اللوجستية الى المكونين.
و في ذات السياق، أفاد بن سليمان، بأن الانتداب بايطاليا لن يقتصر فقط على قطاع البناء، حيث سيتم في غضون شهرين تشغيل حوالي 100 متكون في قطاع اللحام، مشيرا إلى أنه تم توقيع اتفاقيات مماثلة مع كل من ألمانيا و كندا.
و يرى مُحدثنا، أن النظرة إلى التكوين المهني في تونس تغيرت و التكوين بدوره أصبح مختلفا و قد ساهمت التكنولوجيات الحديثة في تخفيض كلفته و تحسن ظروف التكوين وبالتالي ارتفاع عدد المتكونيين.
و خلص الى أن التكوين المهني مستقبل جيد جدا للشباب وتطوره يهدف أساسا الى الاستجابة الى متطلبات سوق الشغل و حاجة المؤسسات الاقتصادية إلى يد عاملة ذات كفاءة عالية و بالتالي التخفيض من نسب البطالة.
اختصاصات جديدة
و استنادا لما أكده المسؤول بالوكالة التونسية للتكوين المهني، فقد تم إحداث اختصاص جديد لأول مرة في تونس سواء في القطاع الخاص أو العام لفائدة أصحاب شهادة الباكالوريا، يتمثل في La mécatronique وهو تكوين يُقدم شهائد منظرة.
و في علاقة بالتكوين المستمر، فانه يقدم اختصاصات تتلائم مع مستواهم العلمي و يمكنهم من تعزيز مهاراتهم و خبراتهم و بالتالي تمكينهم بسهولة من الالتحاق بسوق الشغل.
و في معرض حديثة، عن الاختصاصات الأكثر طلبا في سوق الشغل، أفاد بأنها تتمثل في اللحام و الميكانيك و الصيانة الصناعية و تكنولوجيات الاتصال، مؤكدا أنه من الضروري التوجه نحو مراجعة بعض المجالات على غرار النجارة و الصناعات التقليدية، موضحا أن النمط التقليدي للتكوين فيها لا يتماشى مع المتغيرات الحالية، فضلا عن أن السلع الموردة من البلدان الأجنبية بطريقة تقليدية تهدد ديمومتها.
وأقر بن سليمان، أنه تم فعلا التوجه نحو إلغاء معظم الاختصاصات و تغييرها حسب المتطلبات و تطوير نمط التكوين و التشجيع على الابتكار و اعتماد التكنولوجيات الحديثة.
عقود الشغل
وفي علاقة بعقود الشغل التي يتم يبرمها المتكونين، أكد بن سليمان أنه في بعض الاختصاصات يتم امضاء عقود شغل مسبقة قبل نهاية فترة التكوين.
و شدد على أن الدراسات أثبتت أن 80% من المتكونين يتم انتدابهم في غضون 3 أشهر من نهاية التكوين.
و بحسب مصدرنا، فان عقد التدريب المهني يكتسي أهمية بالغة وهو يجمع 3 أطراف المُتكون و مؤسسة التكوين و المؤسسة المشغلة.
وتُقدر عقود التدريب المهني سنويا بحوالي 12 ألف عقد في مختلف القطاعات و الاختصاصات، ويتم في نهاية السنة التكوينية تنظيم لقاءات ثنائية تجمع أصحاب المؤسسات بالمتكوينن بهدف الانتداب.
المراكز المعطلة
و بخصوص مراكز التكوين المهني المُعطلة أو التي تتطلب تهيئة و صيانة، بين بن سليمان، أنه تم عقب الثورة غلق حوالي 36 مركز تكوين، و خلال الثلاث سنوات الأخيرة تم إعادة فتح عدد هام من المراكز و سيتم خلال السنة الجارية إعادة فتح 10 مراكز، وفق تقديره.
في المقابل، فقد تم خلال سنة 2022 إعادة فتح 6 مراكز ، الى جانب 12 مركزا السنة الماضية.
و أشار الى ان إعادة فتح مراكز التكوين المهني يحتاج إلى اعتمادات مالية كبرى و تعمل الهياكل التابعة لوزارة التكوين المهني على إيجاد التمويلات اللازمة دون إثقال كاهل الدولة من خلال التوصل الى إبرام اتفاقيات هبة مع الشركاء الدوليين على غرار البنك الدولي و التعاون الألماني GIZ.
ولفت الى ان إيجاد اعتمادات مالية إضافية يُمكن من بعث مزيد من الاختصاصات، مؤكدا انه تم في ولاية صفاقس في إطار هبة من التعاون التركي بعث اختصاص جديد في مجال الطاقات المتجددة.