أحدث مؤخرا صندوق لتمويل المشاريع الاستثمارية في المناطق ذات الاولوية في تونس على غرار سيدي بوزيد والقصرين وغيرها من الولايات, وقد أطلق عليه صندوق الاستثمار والتمويل Maxula Bourse ويذكر أن هذا الصندوق جاء نتيجة الوعي بأهمية إحداث مشاريع ومؤسسات بالجهات المحرومة قادرة على امتصاص البطالة ومعاضدة مجهود التنمية في البلاد.
“اليوم” حاورت المدير العام للصندوق للتعرف أكثر على هذا الهيكل المالي الجديد وأهدافه وكذلك مصادر تمويلاته والمشاريع التي سيستهدفها و الضمانات التي يطلبها ,فضلا عن المقاييس المعتمدة في عملية التمويل والاضافة التي سيقدمها مثل هذا المشروع لتلك المناطق المنكوبة.
1-لو تعرفنا أكثر بالصندوق وبأهدافه؟
لقد كانت الانطلاقة الفعلية لهذا الصندوق منذ حوالي شهر ونصف حيث أحدث من طرف شركة Maxula Bourse الوسيط في البورصة للتصرف في صناديق الاستثمار.
وهو صندوق وليد للثورة التونسية أي و بعد ما تم اكتشاف ما تعانيه المناطق الداخلية من حرمان وتهميش وضعف للنسيج الاقتصادي بها قررنا إحداث هذا الصندوق الذي سيوجه خدماته وتحديدا 80 بالمائة من موارده المالية لتمويل المستثمرين الراغبين في بعث مشاريع مشغلة في الجهات الداخلية.
وقد قام الفريق المشرف على هذا الصندوق بالتنقل داخل هذه الجهات والتحادث مع عدد من الراغبين في إحداث مشاريع وللتعرف أكثر على خاصيات هذه المناطق ورصد حاجياتها.
2- وماذا عن رأسمال الصندوق ومصادره؟
يبلغ رأسمال الصندوق 35 مليون دينار أما موارده فهي متأتية بالأساس من مساهمات محلية من طرف عدد من البنوك وشركات التأمين وكذلك أخرى خارجية ستكون خاصة من البنوك العالمية ونحن نعمل إلى حد اليوم على إيجاد اتفاقيات مشتركة.
3-هل يمكن أن تذكر لنا بعض المساهمين الاجانب منهم او المحليين؟
للأسف لا أستطيع ذلك لأن بعض العقود أبرمت وأخرى لا تزال في طور الاعداد كما لدينا العديد من الوعود من طرف مستثمرين خواص أو بنوك عالمية على غرار البنك الاوروبي للاستثمار أو الصندوق الذي أعلن عنه أوباما لدعم المناطق الداخلية في دول الربيع العربي.
4-كم عدد الملفات التي وردت عليكم إلى حد الآن ؟ ما هي أصناف المشاريع المقترحة أو التي تشهد إقبالا متزايدا ثم ماهي الجهات التي تستهدفونها في مرحلة أولى؟
بحوزتنا إلى حد اليوم قرابة30 ملفا تتعلق بمجالات عدة على غرار استغلال المياه المعدنية ومناجم الطين وتربية الدواجن وتصنيع المواد الغذائية والسياحة الايكولوجية…. لكننا قمنا باختيار 5 مشاريع ليتم عرضها على اللجنة الاستشارية ومن ثمّ المصادقة عليها.
وقد زرنا في مرحلة أولى ولايات الشمال الغربي كما أننا سننتقل غدا إلى دبي لمزيد التحادث مع المستثمرين الراغبين في المشاركة في هذا الصندوق.
5-وما هي المقاييس التي تعتمدونها في اختيار المشاريع؟
يتم اختيار المشاريع التي ستحظى بالتمويل بعد دراستها ومعرفة مدى جديتها وآفاقها والمردودية التي يمكن أن تحققها وكذلك إحداثات الشغل التي ستوفرها في تلك المناطق الداخلية.
كما أننا نستهدف كافة المشاريع باستثناء المشاريع العقارية التي لا تحظى بالامتيازات والحوافز. 6- وماذا عن الضمانات التي يطلبها المساهمون الأجانب او المحليون في الصندوق وكذلك التي تطلبونها أنتم من المستثمرين المرشّحين للتمويل؟
نحن لا نطلب ضمانات كبرى مثلما تفعل البنوك و هياكل التمويل الأخرى بل كل ما نشترطه هو الجدية والالتزام بالشفافية والحوكمة الرشيدة التي سنعمل كخبراء ووسطاء في البورصة على تعزيزها في هذه المشاريع إذ نعتبر أن ما كان يمثل عائقا حقيقيا للاستثمار في زمن الرئيس السابق هو غياب هذه العناصر التي هي أهم بكثير من التمويل نفسه.
كما أننا سنكون شركاء في هذه المشاريع بنسبة 35 بالمائة وبعلاقاتنا سنستطيع مساعدة المستثمرين الجدد مثلا على إيجاد مسالك توزيع لمنتجاتهم و توفير أسواق لعملية الترويج خاصة بالأسواق الخارجية. أما بالنسبة للمساهمين في الصندوق فستكون الضمانات بقيمة الاستثمار الذي سيضعونه كما سيكون الاربع أو الخمس المستثمرين الكبار عناصر فاعلة في لجنة المستثمرين.
7- لكن ألا تعتبر أن هذه التجربة هي مغامرة خاصة أمام العزوف المتواصل على الاستثمار في هذه الجهات؟ نحن نعتمد على الفلسفة المالية القائلة: “يجب أن نكون السبّاقين” كما أنني أؤمن بتلك الجهات وأعتقد أن هناك الكثير لنقوم به داخلها رغم ضعف النسيج الاقتصادي بها.
8-هناك حديث عن إمضاء اتفاقية تعاون بينكم وبين وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية فهل تحدثنا عنها؟ بالفعل هناك مشاورات تجري في هذا الشأن ,حيث أننا بحاجة إلى مساندة مثل هذا الهيكل الحكومي خاصة في تشخيص المستثمرين الراغبين في الانتفاع بخدمات هذا الصندوق,كما أننا نتعاون مع الشركات الجهوية ذات رأس مال مخاطرة التابعة للحكومة المتواجدة بالجهات نظرا لمعرفتها وإلمامها بخصوصية المناطق التي تنشط فيها.
9- هل يعني هذا أنكم تعززون تدخل الشركات ذات رأس مال مخاطرة خاصة بعد أن أثبتت هذه الأخيرة محدودية تدخلها؟
قطعا لا يمكن الحديث عن منافسة بين متدخلين من نفس الطبيعة بل يجب أن نعمل في إطار التعاون والشراكة لأن النهوض بتلك الجهات في اعتقادي لا يكون من طرف واحد بل بتظافر مختلف الجهود وخاصة بالنسبة للقطاع الخاص فمسؤولية خلق الثروات ليست من مشمولات الحكومة ولكن القطاع الخاص بإمكانه فعل ذلك.
10-وجهت العديد من الانتقادات لمصادر التمويل التي حادت عن مسارها و لم توفق في الاستجابة لهذه المشاريع فما رأيك؟
ليس هناك آليات حقيقية للتمويل في تونس باستثناء الشركات ذات رأس مال مخاطرة الحكومية والتي لم تستطع بدورها الاستجابة لمختلف الحاجيات التي فاقت إمكانياتها كما أعتقد أن البنوك ليست مهمتها تمويل المشاريع بقدر منح قروض على المدى المتوسط وكما أشرت سابقا فإن التمويلات الضخمة يجب أن تتأتى من المستثمرين الكبار كما علينا أن نتوجه اليوم خاصة في الجهات المعزولة إلى نوع آخر من الاستثمار وهو الاستثمار في الاقتصاد الافتراضي الذي حسب رأيي لا يتطلب بالضرورة بنية تحتية من طرقات وغيرها ولذا يجب على بعض الشركات المختصة بالتحديد في الاتصالات التوجه إلى تلك المناطق واستثمار جزء من مرابيحها فيها.
شادية الهلالي