تونس-افريكان مانجر
يصف رئيس الحكومة الياس الفخفاخ، الوضع الراهن الذي تعيشه تونس بالاستثنائي، قائلا” اننا نعيش حالة حرب”.
قال ذلك، و اعلن ان الحكومة ستتخذ مزيدا من الاجراءات الحاسمة لانقاذ النسيج الاقتصادي الوطني، الذي يعيش في ازمة خانقة ووضع مالي صعب بسبب الاجراءات الصحية المتبعة للحد من انتشار فيروس كورونا.
حيث اكد وزير المالية محمد نزار يعيش، في عدة مناسبات، ان صعوبات متعددة ومتنوعة تواجه الاقتصاد التونسي في الوقت الحالي، ومصاعب عدة ستبرز خلال فترة قصيرة في ظل الركود الذي ميز الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى ضعف حجم الصادرات وتراجع موارد الدولة ونقص السيولة المالية.
وأكد أن الوضع الاقتصادي الحالي في تونس «صعب جداً»، ويتطلب «الجرأة وتغيير المسار، وتكاتف كل الجهود والابتعاد عن كل التجاذبات السياسية».
هذا الوضع الصعب، فرض على الحكومة اقتطاع يوم عمل من القطاعين العام و الخاص لفائدة خزينة الدولة في شكل مساهمة ظرفية استثنائية بعنوان سنة 2020 لفائدة ميزانية الدولة.
ويخضع لهذه المساهمة، وفق المرسوم عدد 5 لسنة 2020 و المؤرخ في 14 افريل 2020، والصادر بالرائد الرسمي، الأشخاص الطبيعيون من الأجراء وأصحاب الجرايات ذوي الجنسية التونسية.
و استنادا للفصل الثاني من هذا المرسوم، فان المساهمة الظرفية تحدد بما يساوي مرتب أو أجر أو جراية يوم عمل تقتطع بعنوان شهر أفريل 2020 وتدفع للخزينة حسب نفس الطرق والآجال المتبعة في مادة الخصم من المورد.
ويستثنى من هذه المساهمة الأجراء وأصحاب الجرايات الذين لا يتجاوز دخلهم السنوي الصافي 5000 دينار.
و اعتبر رئيس الحكومة، الياس الفخفاخ، في حوار تلفزي ليلة الاحد 19 افريل 2020، ان هذا الاقتطاع هو مجرد مساهمة و تبرع من الأجراء والموظفين بيوم عمل في إطار المد التضامني لمجابهة جائحة كورونا وليس اقتطاعا.
و اكد رئيس الحكومة اننا لم ندخل مرحلة التضحيات بعد بل ان التضحيات ستأتي لاحقا…
في المقابل، منظمة الاعراف و على لسان عضو مكتبها التنفيذي خليل الغرياني، في تصريح اذاعي، قال ان المؤسسات الخاصة بذلت مجهودا كبيرا لخلاص اجور شهر افريل ولكن شهر ماي سيكون صعب جدا لانه سيكون بعد شهرين ونصف من توقف النشاط وفي ظل غياب السيولة الكافية لتغطية الرواتب.
كل هذه الاعباء و الصعوبات الاقتصادية، لا يمكن ان يتحملها الا المواطن فرغم ارتفاع الاسعار و غلاء المعيشة و موطن شغله المهدد فعليه رغم كل ذلك المساهمة لفائدة خزينة الدولة، و الامر الذي لا يمكن ان يختلف عليه اثنان فكلنا واحد من اجل وطننا و الدفاع عن مؤسساته، ولكن لماذا دائما الحمل الثقيل يحمله المواطن؟
خاصة ان اشكال المساهمة و الدفع الوطني لا يقتصر فقط على الاقتطاع فبالامكان البحث عن سبل اخرى للدفع اكثر نحو الانتاج و الرفع من الانتاجية لانقاذ المؤسسات.
الا ان حكومة الفخفاخ يبدو انها مصرة على الاقتطاع من المواطن الاجير، فلا يمكنها مثلا الحد او التخفيض من عدد وزرائها او من عدد كتاب وزارئها او كذلك مستشاريها، او اقتطاع نصف رواتبهم…
و لا يمكن لحكومة الفخفاخ الا ان تسير على منهج الحكومات التي سبقتها، فبالرغم من انه وعد في اول لقاء صحفي له بفريق حكومي مصغر الا اننا نجد ان هذا الفريق الذي انطلق بـ 30 وزيرا وكاتبتي دولة، بدأ في الارتفاع بعد تعيين عددا جديدا من المستشارين الذي قد يدخل في اطار اتفاقات سياسية و حزبية سابقة و قد يكون الوقت قد حان لارضاء حركة النهضة لضمان دعمها له مستقبلا، حيث شهدت نهاية الاسبوع الماضي اعلان تعيينات حكومية جديدة و اضافة مستشارين للحكومة وهم القيادي في حركة النهضة عماد الحمامي تم تعيينه مستشاراً لدى رئيس الحكومة إلياس الفخفاح برتبة وزير، و القيادي في حركة النهضة و مؤسس قناة الزيتونة غير المرخص لها أسامة بن سالم في منصب مستشار لدى رئيس الحكومة برتبة كاتب دولة.
وقد كشف محمد عبو وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد ، في تصريح لموزايك اف ام، ان لرئيس الحكومة 5 مستشارين حاليا وقد اعفى السادس، ويعتزم تعيين 5 مستشارين آخرين “وقد يضيف مستشارين اثنين في وقت لاحق ليصل العدد الجملي لمستشاريه الى 12 مستشارا”، لافتا إلى ان المستشارين في حكومة يوسف الشاهد كانوا في حدود الـ15 لكن الفخفاخ سيكتفي بـ12 مستشارا، حسب تعبيره.
وفي تامل في هذه الاوضاع الاقتصادية و السياسية، التي تعيشها البلاد اليوم لسائل ان يسال”كيف يمكن لدولة على حافة الإفلاس، و في حالة حرب ووضع استثنائي، وهي غارقة في الديون والمديونية، أن تٌرفع في عدد مستشاريها، وتثقل كاهلها برواتب مستشارين جدد و هي التي اغلقت باب الانتداب في الوظيفة العمومية منذ زمن؟