تونس-افريكان مانجر ..
شهدت الفترة الأخيرة في تونس والمجتمعات العربية عموما تفاقم ظاهرة الطلاق، حيث أصبحنا نسمع يوميا عن حالات طلاق أزواج حديثين، مما يجعلها تهديدا للتركيبة المجتمعية.
و في هذا السياق ، قالت مليكة الورغي، مديرة الأسرة بوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن،في حوار مطول “لافريكان مانجر” ، أن ظاهرة الطلاق في ارتفاع متواصل خلال السنوات الأخيرة في تونس حيث أن سنة 2018 سجلت حوالي 16 ألف حالة طلاق لتصل سنة 2019 إلى أكثر من ال17 ألف حالة وذلك على الرغم من المجهودات المبذولة من طرف كل المتدخلين في مجال الأسرة .
و قالت الورغي بان هذا الارتفاع سيكون له انعكاسات سلبية على الأطفال سواء على المدى القريب أو البعيد حيث سيتسبب في نشأة غير متوازنة للأجيال القادمة على غرار انتشار العنف و المخدرات و التسرب المدرسي المبكر و ذلك يعود لأسباب نفسية و مادية بالأساس.
العنف احد الأسباب الرئيسية
و أوضحت مصدرنا بان العنف يبقى من الأسباب الرئيسية للطلاق في تونس بالإضافة إلى أن الأزمة الصحية الأخيرة و الاقتصادية للبلاد قد ساهمت كذلك في تعمق الأزمات و المشاكل بين الزوجين .
و تحدثت المسؤولة بوزارة المرأة عن توجهم مؤخرا إلى القيام بدراسة مفصلة حول هذه الظاهرة من “منظور متعدد الاتجاهات ” على غرار المسألة الاجتماعية و القانونية و السوسيولوجي .
و أشارت الورغي إلى وجود توجه نحو مراجعة النفقة في تونس ، مع دراسة إمكانية بقاء المرأة المطلقة لمدة سنة واحدة مع طليقها في دفتر المعالجة بعد إيجاد تفاهم مع الصناديق الاجتماعية و ذلك في إطار سياسة إدراج التغطية الصحية للمرأة المطلقة دون عائل بصندوق النفقة .
و ذكرت مديرة الأسرة بوزارة المرأة ، بوجود برنامج”التكوين للحياة الزوجية ” و هو موجه للمقبلين على الزواج يتم فيه تأطير الشباب حول ماهية الحياة الزوجية ، بالإضافة إلى برنامج التربية “الوالدية” و الذي يرتكز على كيفية التربية السليمة القائمة على الحوار و المساواة بين الجنسين داخل الأسرة الواحدة .
و دعت ذات المتحدثة إلى تدعيم برامج الوزارة المذكورة عبر تحسين الخطة الاتصالية للمؤسسة للتعريف ببرامجهم عبر وسائل الإعلام التقليدية و وسائل التواصل الاجتماعي لتوعية الناشئة و الأزواج بأهمية التمسك الأسري ، مشيرة إلى أن التجارب أثبتت بان الأبناء عادة ما تقوم بإعادة عيش نفس تجارب الخلافات و العنف و الطلاق.
كما شددت على انه في صورة “انعدام الحلول الصلحية ” بين الزوجين فيجب التوجه إلى اعتماد تجربة الطلاق الايجابي و الذي يراعي فيه الطرفين مصلحة الطفل الفضلى .
مشاريع اقتصادية
و قالت مليكة الورغي بان الدولة التونسية عن طريق وزارتهم تعمل على الدعم الاقتصادي للام المطلقة و التي تبقى دون عائل و ذلك عبر “برامج ما بعد الطلاق” و الذي يتنزل في إطار التمكين الاقتصادي للأسر ذات الوضعيات الخاصة ،قائلة :”ّ تستطيع كل أم مطلقة و لا تملك عائلا أو دخلا ماديا قارا التوجه للمندوبية الجهوية للمرأة و الأسرة بولايتها و التقدم بمطلب للتسجيل في قائمة خاصة بالنساء المنتفعات بالمشاريع الاقتصادية .”
و أشارت في السياق ذاته إلى أن الدعم يكون في إطار “هبة مشروطة ” تصل قيمتها إلى حدود 10 ألاف دينار ليتم تقديمها لصاحبات المشاريع الصغيرة أو الحرفية و التي تمكن المرأة المطلقة من مورد رزق قار لتربية الأطفال و تعليمهم دون انقطاع .
بالإضافة إلى الهبات المشروطة ، تحدثت مصدرنا عن برنامج لدفع المبادرة الاقتصادية النسائية “رائدة أو رائدات ” و الذي تنتفع به كذلك الأم المطلقة و ذلك عن طريق توفير قروض بشروط ميسرة لتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة، و بقيمة مالية تصل قيمتها إلى حدود 200 ألف دينار .
و يتم تمويل هذه المشاريع بالتعاون بين وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن والبنك التونسي للتضامن “BTS” حيث تقوم الوزارة بتمويل 70 بالمائة من قيمة المشروع فيهما يساهم البنك التونسي للتضامن في تمويل 30 بالمائة .
و عددت المسؤولة مشاريع القوانين المنجزة من طرف الوزارة لمساعدة المرأة و الأسرة التونسية و ذلك على غرار مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة و الذي سيساهم في تخفيف العبء و التشنجات بيت الزوجين .
و في الختام شدد مليكة الورغي، مديرة الأسرة بوزارة المرأة على أهمية تغيير العقليات حول مفهوم الطلاق و النظر بصفة اشمل و أعمق لهذه الظاهرة التي ستكون مستقبلا سببا لآفات اجتماعية أخرى .