تونس-افريكان مانجر
بعد حوالي شهر من الحرب الروسية الاكرانية ، و ما ترتب عنها من زيادة في اسعار النفط الخام و بعض السلع الاخرى و تسجيل ارتفاع غير مسبوق في نسب التضخم دوليا ، فان عدد من البنوك في العالم اتجهت نحو الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية .
و اتفق معظم الخبراء على اتجاه جميع بنوك العالم لرفع أسعار الفائدة متأثرين بزيادة الفيدرالي الأمريكي لأسعارها بنسبة 0.25% و هي الزيادة الاولى له منذ سنة 2016 .
و كان هذا الإجراء متوقعاً على نطاق واسع من قبل السوق البنكية وذلك على خلفية التعافي الاقتصادي القوي وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته لعدة عقود ، وقد قدم بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً توقعات مستقبلية بإجراء ستة زيادات لأسعار الفائدة في عام 2022.
و على هذا الاساس فانه من غير المستبعد ان يكون لذلك انعكاسات على الوضع البنكي المحلي ، حيث يتوقع مراقبون ان يتجه بدوره البنك المركزي التونسي الى الرفع من نسب الفائدة وذلك تحسبا لكل التدابير المستقبلية بالاسواق الدولية .
عربيا ، رفعت البنوك المركزية في السعودية والكويت والبحرين و قطر و الامارات أسعار الفائدة بنفس القدر بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي سعرها الاسبوع المنقضي ، وسط توقعات بقيام البنك المركزي في عمان بنفس الخطوة.
وليست المصارف الخليجية المركزية والفيدرالي الاميركي فحسب، فقد أعلن البنك المركزي المصري، بشكل مفاجئ رفع أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 100 نقطة أساس، أي بنسبة 1 بالمئة، بالاضافة الى بنك انكلترا حيث رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25 بالمائة، لتصل إلى 0.75 بالمائة، محققة أعلى مستوى لها منذ مارس 2020، قبل تفشي جائحة كورونا “كوفيد-19″.
و بالعودة الى اسباب رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة فان سببها الرئيسي يعود الى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصادات المحلية أو الدولية اي تسجيل زيادة في أسعار السلع خاصة منها النفط الخام والخدمات وبالتالي ترتفع قيمة المال وتقل نسبة الاقتراض ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك .
و يتم تحديد أسعار الفائدة في البداية على القروض التي تحصل عليها البنوك من البنك المركزي، وبناء عليها تضع البنوك خططها في آلية احتساب جديدة لأسعار الفائدة على القروض التي تقدمها للحرفاء ، فكلما ارتفع سعر الفائدة ، تزيد نسبته بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة.
كما لا تظهر النتائج المترتبة على التغيير في سعر الفائدة على الفور، بل تحتاج إلى نحو عام، حيث تقوم البنوك برفع قيمة الفائدة المترتبة على الاقتراض سواء للأشخاص أو الشركات فتنخفض الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي للأفراد.
واستنادا الى ما أورده صندوق النقد العربي في العدد الرابع والعشرين من سلسلة موجز سياسات بعنوان «الموجة التضخمية العالمية: المسببات والانعكاسات على الاقتصاديات العربية» فانه في ظل المخاوف من الارتفاعات المؤقتة في الأسعار و استمرار الضغوطات التضخمية ، فقد تضطر البنوك المركزية العربية إلى تبني سياسات نقدية انكماشية و التوجه نحو رفع مستويات الفائدة و ذلك عبر سياسة استهداف التضخم ، نظرا لكون عدد من اقتصاديات الدول العربية لم يتعاف بعد من جائحة كوفيد 19 وهو ما سيتطلب من البنوك المركزية الإبقاء على تدابير السياسة النقدية غير التقليدية.
من جانبه توقع أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوّح في تصريح لافريكان مانجر الترفيع في نسب الفائدة المديرية من قبل البنوك المركزية ، قائلا:” من الطبيعي أن يتم الترفيع في نسب الفائدة المديرية في الأسواق على ان يتم إقرار نسب معقولة.”
للاشارة فقد قرر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسة للبنك المركزي دون تغيير، أي في مستوى 6,25 بالمائة وذلك خلال اجتماعه المنعقد بتاريخ 2 فيفري الماضي لبحث التطورات الأخيرة على الصعيدين الاقتصادي والمالي والأفاق الاقتصادية الكلية على المدى المتوسط.