تونس-افريكان مانجر
قرر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) رفع سعر الفائدة امس الأربعاء بنسبة 0.75%، للمرة الخامسة على التوالي منذ بداية العام الجاري، و تُنبأ هذه الزيادة بتوجه عالمي لرفع نسبة الفائدة بسبب ارتفاع مستويات التضخم دوليا .
و في هذا السياق توقع الأستاذ في الإقتصاد والعضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي فتحي النوري ، ان يتوجه البنك المركزي التونسي الى الرفع من نسية الفائدة المحلية .
و قال النوري بان البنوك المركزية تسير نحو هذا التوجه باعتبار انه الحل الوحيد للحفاظ على الاقتصاديات المحلية باعتبار ان التضخم الذي يعيشه العالم ليس بالظرفي بل هو “تضخم مستمر و متواصل ” مع الزمن .
حلول استباقية ووقائية
و تساءل استاذ الاقتصاد حول موقف البنك المركزي التونسي في حال ان نسبة التضخم في تونس تصل الى 10 بالمائة مع نهاية هذه السنة ، مشيرا الى ان الترفيع في نسب الفائدة تبقى من الحلول الاستباقية و الوقائية الممكنة حاليا .
وكان المركزي التونسي قد اتخذ قراراً بترفيع نسبة الفائدة الرئيسة بقيمة 75 نقطة قاعدية في ماي 2022 لتبلغ 7 بالمائة وذلك بهدف احتواء العجز والحفاظ على احتياطي العملات ، كما طالب الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لإنعاش الاقتصاد .
و اعتبر فتحي النوري، ان ابقاء نسبة الفائدة المديرية في حدود ال7 بالمائة ، لن يمكن الاقتصاد التونسي من الصمود مستقبلا و ذلك في حالة مواصلة مستوى التضخم في تونس نسقه التصاعدي ليبلغ 8.6 في المئة خلال شهر أوت المنقضي مقابل 8.2 في المئة في شهر جويلية الماضي حيث سجلت الأسعار ارتفاعاً لم يتوقف عند المواد الاستهلاكية والسلع فحسب بل امتد إلى الخدمات.
لا بديل سوى الترفيع
و اشار محدثنا في ذات السياق الى ان العالم يعيش اليوم على وقع تنفيذ مقولة رئيسة الوزراء بريطانيا من سنة 1979 الى سنة 1990 “مارغريت تاتشر” و التي تقول :”لا بديل لنا اليوم سوى الترفيع في الاسعار”.
و اوضح النوري بان ارتفاع مستويات التضخم في العالم يعود اساسا الى ارتفاع الطلب العالمي بعد الخروج من أزمة كورونا ، اضافة الى تعطُّل سلاسل الإمدادات و الزيادة الغير مسبوقة في اسعار النفط بسبب الحرب الروسية الاوكرانية .
و يتم تحديد أسعار الفائدة في البداية على القروض التي تحصل عليها البنوك من البنك المركزي، وبناء عليها تضع البنوك خططها في آلية احتساب جديدة لأسعار الفائدة على القروض التي تقدمها للحرفاء ، فكلما ارتفع سعر الفائدة ، تزيد نسبته بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة.
كما لا تظهر النتائج المترتبة على التغيير في سعر الفائدة على الفور، بل تحتاج إلى نحو عام، حيث تقوم البنوك برفع قيمة الفائدة المترتبة على الاقتراض سواء للأشخاص أو الشركات فتنخفض الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي للأفراد.
ركود اقتصادي سنة 2023
هذا و كشفت دراسة جديدة شاملة للبنك الدولي أنّ انخفاض التضخم العالمي إلى المستويات المستهدفة قد يتطلب من البنوك المركزية زيادة أسعار الفائدة نقطتين مئويتين إضافيتين ومواصلة جهود احتواء التضخم دون التسبب في ركود اقتصادي عالمي.
قد أشارت الدراسة التي صدرت، الى أنّ العالم قد يتجه نحو ركود اقتصادي سنة 2023 وسلسلة من الأزمات المالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ستُسبِّب لها ضررا دائما وذلك مع قيام البنوك المركزية في أنحاء العالم بزيادات متزامنة لأسعار الفائدة.
وتلفت الدراسة إلى أنّ البنوك المركزية في أنحاء العالم قد أقدمت على رفع أسعار الفائدة سنة 2022 بدرجة من التزامن لم تسجل خلال العقود الخمسة الماضية ضمن اتجاه من المرجح أن يستمر سنة 2023 .
واعتبرت ان المسار المتوقع، حاليّا، لزيادة أسعار الفائدة والإجراءات الأخرى على صعيد السياسات قد لا تكفي للنزول بمعدلات التضخم العالمية إلى المستويات التي كانت سائدة قبل تفشِّي جائحة كورونا.
تحسين الانتاجية و توليد الاستثمارات
وقال رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالباس، تعقيبا على الدراسة، ” لتحقيق معدلات تضخم منخفضة، واستقرار العملات، وتسريع وتيرة النمو ينبغي لواضعي السياسات تحويل تركيزهم من تخفيض الاستهلاك إلى تعزيز الإنتاج”.
وأضاف “يجب أن تسعى السياسات إلى توليد استثمارات إضافية، وتحسين الإنتاجية وتخصيص رأس المال، وهي عوامل ضرورية لتحقيق النمو والحد من الفقر”.
وتعتمد الدراسة على الدروس المستفادة من نوبات الكساد العالمي السابقة لتحليل تطور النشاط الاقتصادي في الآونة الأخيرة وتعرض حزمة سيناريوهات محتملة للسنوات 2022-2024.
ورجّح القائم بأعمال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات، آيهان كوسي، “أن يكون تشديد السياسات النقدية والمالية العامة في الآونة الأخيرة مفيدا في الحد من التضخم”.
وأضاف قائلا: “لكن تشديد هذه السياسات بشكل متزامن في مختلف البلدان قد تفاقِم بعضها بعضاً في تقييد الأوضاع المالية وزيادة تباطؤ النمو العالمي”.