قام مؤخّرا العديد من الجمعيات التونسية و منها جمعية” الغابات الزراعية “و جمعية “من اجل تونس نظيفة و خضراء “بالإضافة الى عدد من المختصين في المجال البيولوجي و عدد اخر من المواطنين بوقفة احتجاجية امام المجلس الوطني التأسيسي احتجاجا على استخراج الغاز الصخري من تونس و بالتحديد من منطقة القيروان .
فماهي مخاطر هذا الغاز ؟ و هل يسبب امراضا سرطانية ؟ و هل لديه تأثير على الثروة المائية في تونس ؟
عبر المنسق العام لجمعية الغابات الزراعية اشرف الغربي ” لافريكان مانجر “ان استخراج الغاز الصخري سيساهم في استنزاف الثروة المائية مبينا بان حفر بئر واحد لاستخراج هذا الغاز يتطلب 11 مليون لتر من الماء العذب و اضافت اسماء المتدلجي استاذة التعليم العالي في الهندسة البيولوجية ان كل “حفرة” لبئر لاستخراج هذا الغاز تتطلّب استهلاك قرابة 1000 مواطن لسنة كاملة على حد تعبيرها .
و قال احمد الغربي المنسق العام للجمعية بأنه في عملية استخراج الغاز الصخري يتم استعمال حوالي 700 مادة كيميائية سامة و سرطانية مبينا بان عملية الاستخراج تتم عن طريق انابيب و هذه الانابيب تتسبب في بعض الافرازات من هذا الغاز مما يسبب تلوث المادة المائية بالمواد الكيمائية السامة عن طريق هذه الافرازات.
و اضافت الاستاذة اسماء المتدلجي المختصة في المجال البيولوجي بان المواد المستعملة في استخراج الغاز الصخري هي مواد خطيرة و سامة بالإضافة الى احتوائها على اشعة نووية يتم تسريبها الى الماء في عملية الاستخراج مما يتسبب في تلوث المائدة المائية و التي يقوم المواطن باستهلاكها مما يتسبب مع طول المدة في العديد من الامراض السرطانية على حد تعبيرها .
و من جهة اخرى بينت رئيسة جمعية “من اجل تونس نظيفة و خضراء ” كميليا مثلوثي ان هذا الغاز يتسبب في العديد من المخاطر على البيئة و الصحة عن طريق التقنية التي يتم استخدامها في استخراجه حيث يعتمد على آلية الحفر بطريقة أفقية مما يجعل هذا الاسلوب مرتبطا بالتكسير الهيدلوجي (المائي ) وهذا التكسير يتسبب في العديد من الكسور و الثغرات الصغيرة في الصخور التي يستخرج منها الغاز مما ينتج عنه تسرب هذا الغاز الى الآبار المائية العميقة و بالتالي الى المائدة المائية .
و اضافت المثلوثي بانه وفقا لدراسات حديثة تم التوصل الى ان الآليات المستعملة في الحفر تستعمل العديد من المواد الكيمائية و التي يمكن ان تتسرب الى الماء الصالح للشراب و التي تسبب في الامراض السرطانية .كما اشارت الى ان دراسة بريطانية حديثة اثبتت ان استخراج الغاز الصخري يتسبب بنسبة كبيرة في الزلازل الأرضية وذلك نتيجة للعلاقة الكبيرة بين تقنية التكسير الهيدرولوجي و الزلازل .
و اكد “شكري يعيش “عضو بالمجلس التأسيسي انه ضد استخراج هذا النوع من الغاز في المناطق الخضراء و في المناطق العمرانية مبينا بان حفر عدد كبير من الآبار سيتسبب في تصحر هذه المناطق من ناحية و في العديد من المشاكل البيئية الاخرى .
و اضاف عضو المجلس التأسيسي بان الرخصة التي ستقدمها الدولة لشركة “شال “لاستخراج هذا الغاز من منطقة القيروان سيتم استخدامها كمخبر لتجارب هذه الشركات الكبرى مؤكدا بان الفترة الأولى من استغلال هذه الاراضي ستكون لدراسة الامكانيات البيولوجية للمنطقة حيث سيتم استغلالها لمدة 25 سنة و من ثم ستعمد هذه الشركات الى استخراج الزيت الصخري و الذي له مردودية اقتصادية كبيرة تستطيع ان تنافس أسعار النفط في المستقبل .
و قد دعا المحتجون و المختصون في هذا المجال الى التجميد الفوري لعمليات الاستكشاف و التنقيب عن الغاز الصخري و الى سحب الرخصة المسندة الى شركة “شال” بالإضافة الى منع أى نوع من الحفريات و الاستكشاف كما طالب هؤلاء بمراجعة قانون استغلال المناجم بالإضافة الى انشاء لجنة محايدة متكونة من خبراء تونسيين مستقليين يعهد اليها بدراسة المطالب المتعلقة بإسناد رخص الاستكشاف و التنقيب عن المحروقات غير التقليدية .
رأي السلطات الرسمية:
يذكر ان ممثل وزارة الصحة أكّد في ندوة صحفية انه لم يتم الى حد الان تحديد مواقف الخبراء من استخراج مثل هذا النوع من الغاز لأنن اراء الخبراء متضاربة حسب قوله ، ملمحا الى أن هنالك العديد من التأثيرات التجارية من طرف الشركات الاقتصادية على نتائج البحث العلمي في العالم وشدّد على عدم حسم موضوع الغاز الصخري من اية دولة او طرف الى حد الآن .
و اضاف في هذا السياق بان هذا الوضع يفسر الازمة الاخلاقية التي يعيشها مجال البحث العلمي في مختلف مجالاته و في العالم ككل مبينا بان لدى تونس خيارين للبت في هذا الموضوع فأما ان تعتمد مبدأ التحفظ او ان تتبنى موقفا علميا معينا شريطة ان تكون لها القدرة على معالجة الآثار الجانبية لهذا الخيار على حد تعبيره.
و اكدت وزارة الصناعة في بيان صادر لها على صفحتها الرسمية بأنه “ لم يقع إلى حدّ الآن إسناد أيّة رخصة إلى أيّة جهة كانت تتعلق بالغاز الصّخري” كما فندت الوزارة ما راج من انباء حول اتفاق بين مصالحها و شركة ” شال” قصد منح هذه المؤسسة رخصة لاستغلال الغاز الصخري في تونس مشيرة ضمنيا الى الأخطار التي يمكن أن يتسبب فيها هذا النوع من الغاز .
وبينت الوزارة ان اهتمام تونس بتجربة الغاز الصخري كوسيلة لتلبية الحاجيات الوطنية المتزايدة للطاقة خاصة أمام النفاذ التدريجي للمخزون التقليدي للنفط مشيرة الى ان عددا كبيرا من البلدان المنتجة للنفط أصبحت لا تستبعد التعامل مع الغاز الصخري مستقبلا كبديل للنفط .
و قد اقرت وزيرة البيئة مامية البنا ر أنه” لا مانع للوزارة في أن تقوم شركة شال بعمليات التنقيب في تونس عن الغاز الصخري ” وذلك بهدف تقدير الكميات الموجودة من هذا النوع من الغاز في البلاد موضحة بان عملية التنقيب ستكون بطريقة عمودية وهي طريقة تقليدية لا ضرر فيها على حد قولها مشيرة الى انه تم احداث لجنة مشتركة بين وزارة الصناعة والبيئة والفلاحة لاتخاذ جميع الاحتياطات ودراسة مؤثرات الغاز الصخري على المحيط.