تونس-افريكان مانجر
اعتمدت وزارة المالية في إعدادها لمشروع قانون المالية لسنة 2024 سياسة مالية حذرة ولم يتم تضمين إمضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي كفرضية في إعداد مشروع الميزانية باعتباره يفرض جملة إصلاحات هيكلية وأخرى تتعلق برفع الدعم وما لذلك من مس بالجانب الاجتماعي الذي يمثل أولوية وخط أحمر بالنسبة لرئيس الجمهورية، بحسب ما أكدته وزيرة المالية سهام البوغديري نمضية.
تونس و صندوق النقد
وأوضحت الوزيرة، خلال جلسة استماع صلب لجنة المالية بمجلس نواب الشعب الأربعاء الماضي حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024.، أن علاقة تونس متواصلة مع صندوق النقد الدولي إلى حين التوصّل إلى اتفاق يراعي السيادة الوطنية والأبعاد الاجتماعية التي تعتبر جوهر كل السياسات المعتمدة.
ولاحظت، بحسب ما أورده مجلس نواب الشعب، أن تونس تحصّلت على عديد القروض لم يُشترط فيها إمضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي على غرار البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير وكذلك الطرف السعودي.
و في معرض حديثها عن الفرضيات التي بُني عليها مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، بينت بأنه تتمثل في تحقيق نسبة نمو بالأسعار القارة في حدود 2.1% واعتماد معدل سعر برميل النفط في حدود 81 دولار واعتماد معدلات سعر الصرف المسجلة لسنة 2023. وبيّنت أن مداخيل ميزانية الدولة تقدّر بـ 49160 م.د أي بتطور بـ 8.4% مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023 وتمثل نسبة 63.1 % من جملة موارد ميزانية الدولة، وستبلغ نفقات مشروع الميزانية 59805 م.د أي بتطور بـنسبة 6.7% أو +3734 م.د مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023.
وأضافت الوزيرة أن النفقات الموجهة للدعم ستشهد تراجعا بـــ 1,2 ـــ % مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023، حيث تقدر هذه النفقات بـــ 19 % من نفقات الميزانية. كما يتوقع أن تبلغ حاجيات دعم المحروقات حوالي 7086 م.د وذلك باعتبار مردود الإجراءات المتعلقة بتحسين أداء الشركات والتحكم في الاستهلاك ومراقبة مسالك توزيع قوارير الغاز المنزلي، وتقدّر نفقات دعم المواد الأساسية بـ 31.7% من جملة نفقات الدعم حيث ستبلغ حوالي 3591 م.د وهي مرتبطة بتراجع معدل سعر القمح على الأسواق العالمية إلى مستوى 327 دولار للطن وتراجع معدل سعر الزيت النباتي إلى مستوى 1100 دولار للطن واستقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار وتعزيز إجراءات مراقبة مسالك التوزيع.
كما بيّنت أن نفقات التنمية قدّرت بـــ 10347 م.د ، وتهم تدخلات ذات صبغة تنموية بحوالي 5006 م.د ونفقات بعنوان الاستثمار ب 274 م.د منها 1775 م.د مشاريع ممولة عن طريق القروض الخارجية المباشرة ونفقات العمليات المالية في حدود 67 م.د.
وتبلغ خدمة الدين العمومي 24701 م د تتوزع بين أصل الدين 17863 م د وفائدة بـــ 6838 م د. وباعتبار كل المعطيات المقدمة، ويبلغ حجم ميزانية الدولة 77868 م.د مقابل 71239 م.د محينة لسنة 2023 أي زيادة بـ 6629 م.د أو 3.9% وسيبلغ عجز الميزانية -11515 م.د أي ما يعادل -6.6% من الناتج المحلي الإجمالي كما أن حاجيات تمويل هذا العجز وتسديد أصل الدين تقدر بـ 28708 م.د مقابل 25879 م.د محينة سنة 2023.
وبيّنت الوزيرة أن اعتماد فرضية برميل النفط بـ81 دولار تمّ بالاستئناس بالمؤشرات الصادرة عن المنظمات الدولية والعقود الآجلة والاتفاق بين روسيا والمملكة العربية السعودية وتقارير خبراء في المجال. كما تمّ اعتماد آخر توقع صدر في أكتوبر 2023 عن صندوق النقد الدولي 81.2 دولار للبرميل.
كتلة الأجور
وبخصوص ارتفاع كتلة الأجور، بيّنت وزيرة المالية، أنه يجري العمل على تقليص هذا المؤشر من خلال إقرار عديد البرامج، وذكّرت بعمليات التدقيق الجارية حاليا حول الانتدابات العشوائية التي تم القيام بها بعد الثورة، بحسب ما جاء في الصفحة الرسمية لمجلس نواب الشعب.
وبيّنت أن هناك عديد الآليات غير الجباية والاقتراض بإمكانها أن تساهم في تنمية موارد الدولة مثل كراء أملاك الدولة وتفعيل الأوامر القديمة وكذلك مزيد توجيه الدعم لمستحقيه.
واكّدت أنه يجب العمل على تطوير قطاع الفسفاط وإعطائه الأولوية قصد تعزيز مساهمته في تمويل ميزانية الدولة، مبيّنة أنه سيتم العمل على تجاوز كل الإشكاليات التي تحول دون رجوع نسب الإنتاج إلى مستوياتها المعهودة.
إجراءات غير ثورية
من جهتهم نواب الشعب، اعتبروا أن مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 لا يتضمّن إجراءات ثورية تترجم المسار الجديد وما يحمله من رهانات. وبيّنوا عدم التناغم بين الفرضيات المعتمدة في مشروع ميزانية الدولة كنسبة النمو وسعر برميل النفط مقارنة بالفرضيات المعتمدة على المستوى العالمي.
وأكّدوا من جهة أخرى العمل على توجيه الدعم لمستحقيه وعلى ضرورة إيجاد الآليات للتقليص من الدين وإنجاح سياسة التعويل على الذات. وأوصى بعض النواب بالتفكير في حلول جديدة لتعزيز الموارد الذاتية، مؤكّدين ضرورة مواصلة محاربة التهرب الضريبي، واقترحوا عفوا جبائيا من شأنه تعزيز الموارد المالية للدولة.