تراهن اليوم حكومة الوحدة الوطنية على الندوة الوطنية حول موضوع ” البحث و التجديد: طريقنا نحو التكنولوجيا الحديثة و القطاعات الواعدة : اي دور للكفاءات التونسية بالخارج؟”، قصد مزيد ربط الصلة بين الكفاءات التونسية في الداخل و الخارج من اجل بناء شراكة مثمرة قادرة على المساهمة الفعالة في بلورة منوال تنمية شامل يرتكز على القطاعات الواعدة و التكنولوجيات الحديثة..
هذه التظاهرة المتواصلة ليوم الغد قد شهدت مشاركة كل الاطراف و الجهات الفاعلة يتقدمها رئيس الحكومة فضلا عن ممثلين عن الكفاءات التونسية بالخارج و مكونات للمجتمع المدني.
مشاركة تعكس رغبة الحكومة في ايلاء ملف التونسيين بالخارج المكانة اللازمة نظرا لاهمية دورهم في تحقيق التطور و النمو.حضور اهم الوزارات على غرار الخارجية و الاجتماعية و التعليم العالي و البحث العلمي هو خير دليل لما ترنو اليه حكومة الشاهد..
لكن السؤال البديهي: كيف يمكن تحقيق ذلك علما و ان كل الحكومات المتعاقبة تقريبا قد حاولت بلوغ هذا الهدف لكن دون تحقيق نتائج تذكر؟
الاجابة واضحة و اجمع عليها جل الوزراء المتدخلين الذين شددوا اليوم على ضرورة تجميع القوى المؤسساتية و البشرية لا فقط من اجل ارساء منظومة شراكة مع جاليتنا المتواجدة في مختلف بلدان العالم ليتم بذلك تبادل الخبرة و المعرفة لصالح بناء مجتمع المعرفة و التقدم و انجاح الانتقال الديمقراطي بل ايضا لمجابهة التنافس الصعب على المستوى الدولي.
شبكة رقمية فعالة
بالنسبة لوزير وزير التعليم العالي و البحث العلمي سليم خلبوس،؛ فان الرهان واعد لكن ذلك ينبغي السعي الى تركيز شبكة رقمية حديثة تضمن دعم التواصل بين الهياكل المعنية و الجالية التونسية.
شبكة رقمية ترتكز اساسا على كل البيانات و المعطيات المحينة الخاصة ببلادنا الى جانب الاحصائيات الخاصة بجاليتنا بما يساعد على تبادل المعلومات و ضمان المزيد من التشاور بين كل الاطراف، على حد قوله.
وهو الامر الذي دفع بوزارة الشؤون الخارجية الى اعداد قاعدة بيانات متكاملة خاصة بالتونسيين بالخارج. قاعدة ستضم كل الكفاءات و اصحاب الاعمال و الرياضيين و المثقفين و التونسيين الفاعلين بالخارج، على حد قول الزير خميس الجهيناوي الذي شدد على اهمية هذه الخطوة التي ستساعد في تركيز استراتيجية وطنية خاصة بالكفاءات التونسية المهاجرة بما يساعد على تعزيز دورهم في النهوض بالاقتصاد الوطني و تحقيق التطور المطلوب.
نحو انشاء هيكل وطني خاص
خطوة ايجابية، لكن تطبيق ذلك يتطلب ايضا انشاء هيكل وطني للكفاءات بالخارج.
مقترح حاول الجهيناوي تدعيمه بالقول ” ان هذا الهيكل الذي سيضم كل الاطراف و الجهات الفاعلة و المعنية بملف التونسيين بالخارج سيساعد في استعادة الجالية التونسية بالخارج لسمتها الاصيلة و لعب دورها الاساسي في تحقيق التنمية و النهوض بالاقتصاد الوطني فضلا عن مساهمتها في تشكيل صورة ايجابية لتونس بالخارج”.
من اجل مساهمة اكبر في دائرة الانتاج المحلي
“خطوة هي اليوم بمثابة التحدي”، حسب ما صرح به من جانبه وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي مستندا في ذلك الى جملة من الارقام و الاحصائيات..ذلك ان تونس تحتل المرتبة الاولى حسب مؤشر هجرة الادمغة المعتمد ضمن منهجية قياس المعرفة للبنك الدولي، لكن هذا لا يعكس المساهمة الفاعلة في دائرة الانتاج المحلي. فحسب اخر الاحصائيات،فان حصة الكفاءات المهاجرة لم تزود الاقتصاد الوطني و لم تسهم في التراكم في راس المال الانتاجي و ان تقدير هذه الخسائر بالنسبة للاقتصاد الوطني يحتاج الى بيانات دقيقة.
و قد تبين من خلال الدراسات التي تمت على الاقتصادات المستقبلية للهجرة في 15 دولة اوروبية، ان زيادة تعادل 1% من سكان تلك البلدان ناجمة عن الهجرة تؤدي الى زيادة في الناتج المحلي الاجمالي و التي تترواح بين 1.25% و 1.5%. اما بالنسبة للدول المصدرة للعمالة الماهرة فان الفارق سيكون اكبر من ذلك نتيجة ان متوسط سنوات التعلم بالنسبة لتلك الفئة من المهاجرين تفوق بدرجة كبيرة متوسط سنوات التعلم للعاملين في الاقتصاد الوطني اي ان حصتهم من راس المال تكون اكبر من المتوسط الوطني.
استراتيجية وطنية في الافق…
كل هذه المقترحات تحاول حكومة الوحدة الوطنية تجسيمها من خلال استراتيجية وطنية خاصة بالكفاءات الوطنية بالخارج، وفقا لما اعلن عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد مضيفا ان هذه الخطوة ستساعد في تعزيز دور الجالية بالخارج في المساهمة الدورة الاقتصادية خاصة في الجانب المتعلق بالاستثمار. فبلغة الارقام، تعمل اليوم حكومة الشاهد على تعزيز حجم تحويلاتهم لبلادنا لتبلغ 7 مليون دينار في غضون 2020 مقابل 4 مليون دينار في 2016، هذا بالاضافة الى تنويع هذه التحويلات بما يساعد على استقطاب الكفاءات التونسية و يشجعها على الاستثمار في بلدها الام.
و رغم ذلك، يبقى استقطاب التونسيين بالخارج رهين اتخاذ عديد الاجراءات منها ارساء مناخ ثقة و تكثيف التنسيق مع كل التونسيين بالخارج و تشريكهم في الدورة الاقتصادية، بحسب قول رئيس الحكومة.
وئام الثابتي