تونس-أفريكان مانجر-وكالات
دعا “مركز كارنجي للشرق الأوسط”، القريب من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة الأميركية، الحكومة التونسية وسائر الجهات السياسية والدينية الفاعلة، إلى “أن تعمل معاً لوضع استراتيجية لمواجهة التطّرف، تؤدّي إلى إصلاح المجالين السياسي والديني”.
تصاعد التيار الجهادي
و جاء في ورقة بحثية، تحت عنوان “سوق الجهاد: التطرف في تونس”، ساهم في كتابتها الباحثان جورج فهمي وحمزة المؤدب، ونشرت خلال شهر أكتوبر الجاري، تمت الإشارة إلى تصاعد التيار السلفي الجهادي بعد ثورة 14 جانفي في تونس.
حيث اعتبر البحث أن تونس تحولت إلى بلد مصدر للشباب “الجهادي” أو المتطرف، نحو بؤر التوتر في سوريا والعراق وليبيا، مشيرا إلى وجود ما بين 5 و6 آلاف “مقاتل” من أصول تونسية.
وأكدت الدراسة، على وجود مفارقة بين نجاح الانتقال الديمقراطي، وتنامي المد السلفي التكفيري، مشيرة إلى أنه “بينما تُعَدّ تونس البلد العربي الوحيد الذي يمرّ في عملية انتقال ديمقراطي ناجحة حتى العام 2015، إلا أنها شهدت أيضاً حركة سلفية متطرفة متنامية منذ سقوط الرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير 2011.
وبين البحث أيضا أن “احتكار بن علي للمجال الديني وإهماله للقضايا الاجتماعية-الاقتصادية فتح البابَ أمام التطرّف. وأدت هذه العوامل، إضافةً إلى خيبة أمل الشباب وسوء التعامل مع التيارات السلفية بعد الثورة، إلى تصاعد العنف في تونس وتصدير المتطرفين إلى سوريا والعراق وليبيا”.
توصيات إلى الحكومة والنهضة
و لتجاوز هذه الوضعية، اقترحت دراسة مركز “كارنجي” على الحكومة التونسية وحركة “النهضة” الإسلامية، التي تشارك في الحكومة الائتلافية ضرورة الانكباب على معالجة المظالم الاجتماعية-الاقتصادية.
إذ يعتبر المركز، “أن الشباب التونسيين منجذبون إلى التطرف بسبب استمرار الركود وغياب الآفاق وشعورهم بخيبة الأمل. لذا ينبغي إعطاء الأولوية لتعزيز الاندماج والترقي الاجتماعيَّين ومواجهة الإحباط في صفوف الشباب”.
كما اقترحت الدراسة، توطيد الإدماج السياسي للحركة السلفية، مشيرة إلى أنه “ينبغي السماح للأفراد الراغبين في العمل ضمن الأطر السياسيّة المنظّمة والمجتمع المدني القيام بذلك بحرية في ظل احترام القوانين”.
وطالبت بمزيد من “تحقيق التوازن في سيطرة الدولة على المجال الديني.”، مشيرة إلى أنه “يتعيّن على الدولة السماح للقوى الدينية السلمية بالتعبير عن نفسها، وتشجيع الأئمة الرسميين على التنافس مع الدعاة السلفيين لإنشاء سوق أكثر تنوعاً للأفكار الدينية”.
كما شددت على أهمية “الفصل بين الأنشطة الدينية والسياسية”، موضحة أن هذا الوضع ” سيتيح وجود هيكلين تنظيميين مختلفين داخل النهضة إمكانية عمل الحزب السياسي من دون تدخّل الحركة الدينية، وأيضاً عمل الحركة الدينية من دون استغلالها من جانب الحزب للحصول على مكاسب سياسية”.
ودعا مركز “كارنجي” إلى بعث “ائتلافات لمواجهة التطرّف”، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه “ينبغي على الجهات الدينية والعلمانية التنسيق مع بعضها البعض لصياغة وتنفيذ سياسات ترمي إلى مواجهة التطرّف، وفك ارتباط وإعادة إدماج أعضاء الجماعات المتطرّفة في المجتمع”.