تونس-أفريكان مانجر
يعود الناطق السابق باسم تنظيم أنصار الشريعة المحظور في تونس، سيف الدين الرايس، بتصريحاته الصحفية ليثير الحديث من جديد عن حقيقة “تنظيم أنصار الشريعة”و عن من يقف وراء الأموال التي كانت تضخ له و عن مدى صحة اختراقه من جهات داخلية و خارجية .
فيقول القيادي السابق في تصريح لوكالة الأناضول التركية:”لقد تم اختراق التنظيم حتى تحول لـ”صبغة عنيفة”، قائلا “الأشخاص الذين تعلقت بهم قضايا حمل السلاح وإراقة الدّماء، أغلبهم جاؤوا من خارج تونس″، مضيفا “العنف لم يكن من الداخل، ولم يكن ثقافة منتشرة”.
تلميحات من قيادي بارز في التنظيم-كان ناطقه الرسمي- تثير الجدل حول حقيقة تحول هذا التنظيم من “جانبه الدعوي الى جانبه “الجهادي” ليظهر سر وجود جناحين ,تميزت بها جل الحركات الإسلامية, بين “الجناح الخيري ” و الجناح العسكري ” .
و الجدير بالملاحظة أن “كل العمليات الإرهابية التي جدت بعد سنة 2013 –تاريخ تصنيفه كتنظيم إرهابي- تم تنفيذها من قبل “كتيبة عقبة ابن نافع التابعة للتنظيم –أو ما تعرف بالتنظيم العسكري له على الرغم من ان الفترة الأخيرة ,خاصة بعد سفر عدد كبير من قيادات تنظيم أنصار الشريعة الى القطر الليبي, أثبت أن الكتيبة أصبحت موالية أكثر لتنظيم القاعدة و تتلقى التعليمات من القيادات الجزائرية لهذا التنظيم الإقليمي .
اختراق داخلي :حركة النهضة
و لتحليل بعض “الكلمات المفاتيح “التي جاءت في تصريحات –الرايس- علينا العودة إلي بدايات هذا التنظيم الذي تأسس في تونس في أفريل عام 2011 بعد حوالي ثلاثة شهور فقط من الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي, لتكون انطلاقته مع حكومات الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية.
و تُعتبر سنة 2012 مهمة بالنسبة لـ”أنصار الشريعة”. وبالنسبة لزعيمها أبي عياض، ففي هذه السنة قام التنظيم باجتماع عام كبير في 20 ماي 2012 حشد فيه أبو عياض ما بين (5) و(6) آلاف مشارك. وقد لوحظ من بين المشاركين تيار السلفية الجهادية، وهو الأوفر عددا ويصل عددهم إلى حوالي (4) آلاف، أما البقية فكانوا من تيار السلفية العلمية بالاضافة الى حضور عدد من قيادات التيارات الاسلامية على غرار حركة النهضة.
و بتسارع الأحداث أصبح عدد من المراقبون يعتبرون أن حركة النهضة من المساندين لهذا التنظيم و للسلفية الجهادية عامة ليأتي تصريح رئيس الحركة راشد الغنوشي الشهير في تونس :”هؤلاء الشباب الذين يبشرون بثقافة جديدة ويذكرونه بشبابه”.
غير ببعيد عن تاريخ هذه المقولة سربت وثائق سرية أفادت بأن اجتماعات عقدت بين الغنوشي وبين قيادات أنصار الشريعة عقب الثورة، دعا فيها الغنوشي زعيم التنظيم إلى تجنيد شباب في الجيش بقصد اختراقه، وكذلك في الحرس الوطني، حتى رصد المتابعون نجاح أنصار الشريعة في الاستظلال والاحتماء بـالنهضة، مستفيدة من موقعها القوي في السلطة، ومن قاعدة الحركة الإخوانية التي هي، في الجزء الأكبر منها، صاحبة ميول سلفية ، إلا أن تفجير السفارة الأمريكية-في عهد حكومة الترويكا- كان منعرجاً حاسماً في علاقة النهضة مع هذا التنظيم، وبدأ معه سيناريو المواجهة .
و الغريب في الأمر هو اعتراف عدد من قيادات أنصار الشريعة بتمويل النهضة للتنظيم واختراقه، وهو ما بدا من اعترافات رياض الورتاني القيادي بالتنظيم، والذى أشار فيه إلى اختراق تنظيم أنصار الشريعة بوجه خاص و تيار السلفية الجهادية بشكل عام من خلال ضخ أموال طائلة بشكل مباشر وغير مباشر لتمويل عمليات تسفير الجهاديين إلى سوريا ليس خدمة للجهاد بل لإفراغ الساحة منهم.
تصريحات أكدها مركز معهد واشنطن للدراسات في اكتوبر 2013 عبر نشر ورقة دراسية فريدة من نوعها تؤكد تورط النهضة في التواطؤ مع تنظيم أنصار الشريعة منذ اعتقال أنصارهما من النظام السابق كما كشف عن طلب حركة النهضة من أنصار الشريعة اختراق المؤسسة العسكرية للسيطرة على مفاصل الدولة التونسية.
اختراق خارجي:تشتت التنظيمات الإقليمية
و يبقى السبب الأول لضعف هذا التنظيم هو –اختفاء زعيمه أبو عياض في القطر الليبي ” بالإضافة الى انضمام عدد كبير من قياداته و الموالين له لتنظيم جبهة النصرة و أو لتنظيم داعش,في كل من سوريا و العراق لتصبح عدد من قيادات التنظيم موالية لتنظيمات إقليمية تمرست على حمل السلاح.
جاء ذلك بعد قرار الحكومة التونسية سنة 2013 برئاسة علي العريض إعلان “تنظيم أنصار الشريعة تنظيما إرهابيا ارتبط بتنظيم القاعدة وتورط في اغتيال السياسيين التونسيين البراهمي وبالعيد بالاضافة الى ضلوعه في العمليات الإرهابية في الشعانبي وغيرها وإدخال وتخزين الأسلحة للبلاد .
من جهتها صنفت الولايات المتحدة جماعة أنصار الشريعة بتونس منظمة إرهابية، واعتبار أميرها سيف الله بن حسين المعروف بأبي عياض “إرهابياً عالمياً”، كما أعلنت واشنطن عن مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن رؤوس التنظيم الكبيرة، وأعلن بيان الخارجية عن مكافاة 10 ملايين دولار على موقع مكتب التحقيقات الفيدرالية لكل من يدلي بمعلومات عن جماعة أنصار الشريعة، بمن فيهم قادتها في بنغازي والدرنة وتونس، وهم أحمد أبو خطالله وسفيان بن قومو وسيف الله بن حسين.
و يبقى في النهاية “تنظيم أنصار الشريعة” و زعيمه أبو عياض هو اللغز الوحيد للكشف عن سر الاغتيالات السياسية في تونس و عن حقيقة الأعمال الإرهابية في تونس و مخازن الأسلحة و عن مدى قوة التنظيمات الإرهابية الإقليمية في البلاد.
للإشارة فانه لم يتم إلى حد الآن تحديد مكان زعيم التنظيم “ابو عياض” حيث توارى عن الأنظار، بعد حادثة اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد يوم 6 فيفري 2013,على الرغم من أن تقارير أمنية محلية و دولية تتحدث عن تواجده بليبيا…فهل اختفى التنظيم باختفاء زعيمه ؟.