أصدرت المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين العدد الثالث من التقرير الصناعي العربي، وصرح القطري محمد بن يوسف المدير العام للمنظمة، الذي توقع معدل نمو بـ4.4 % هذا العام بالمنطقة العربية، صرح بأن التقرير يتناول تحليلا شاملا للقطاع الصناعي العربي، بالإضافة إلى عرض تفصيلي لكل بلد عربي في الفترة 2008-2009، وتوقعات 2010، حسب الإعلام المحلي في قطر.
ويشتمل التقرير الصناعي على ثلاثة فصول تتناول ملامح موجزة حول أداء الاقتصاد والصناعة في الدول العربية عام 2008 والتطورات الرئيسية لكل بلد تبعا لأهم مؤشراتها الاقتصادية، بالإضافة على عرض تحليلي شامل لتطورات القطاع الصناعي العربي بشقيه الاستخراجي والتحويلي.
وقال محمد بن يوسف إن التقرير اشتمل على عرض موجز لتداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصادات والصناعات العربية، من خلال استعراض التطورات الاقتصادية التي مر بها العالم العربي 2009، وتحليل آثار الأزمة على الصناعة العربية، لا سيما الصناعات النفطية والبتروكيماوية، صناعات الحديد والصلب والألومنيوم وصناعات النسيج والمنتجات الكهربائية والإلكترونية والصناعات التحويلية الأخرى، وأوضح بن يوسف أن الأزمة المالية العالمية وضعت نهاية للازدهار الاقتصادي الذي شهدته المنطقة العربية باسرها خلال الأعوام الستة الأخيرة، حيث شكلت الأزمة الغذائية التي تلاها الانخفاض الحاد لأسعار النفط تحديا كبيرا للمنطقة التي تعتبر أكبر مصدر للنفط وأكبر مستورد للمواد الغذائية.
وأضاف أن المنطقة العربية شهدت تراجعاً للنمو الاقتصادي بشكل ملحوظ حيث قدر معدله في المنطقة بنسبة 2.9% في عام 2009 مقابل 6% في عام 2008، كما تراجعت توازنات الاقتصاديات الكلية وعانت الكثير من البلدان من اتساع العجز في حسابها الجاري وفي ميزانيتها، ولقد أدت الأزمة المالية العالمية إلى انخفاض كبير في التبادلات التجارية العالمية التي كانت تعتبر العامل الرئيسي وراء الأداء الجيد الذي شهده النمو الاقتصادي للدول العربية في الآونة الأخيرة، ولقد سجلت الدول المصدرة للنفط أكبر الخسائر، حيث انخفضت صادرات السلع فيها بنسبة 38% مما ترتب عنه خسائر في عائدات التصدير لجميع دول مجلس التعاون الخليجي لتصل إلى 469 مليار دولار في عام 2009 مقابل 753 ملياراً في عام 2008، كما أثرت الأزمة العالمية أيضا نتيجة انخفاض الطلب العالمي على وجه الخصوص على القطاعات الصناعية العربية المصدرة الرئيسية مما أدى إلى انخفاض صادرات السلع المغربية بنسبة 24% والأردنية بنسبة 20% و18% بالنسبة لتونس و14% بالنسبة لصادرات السلع المصرية، وارتفع بالتالي العجز في ميزانيات هذه البلدان.
وقال الأستاذ محمد بن يوسف إن التقرير الصناعي العربي أوضح أن الازمة العالمية تسببت في انخفاض تدفق الاستثمار الأجنبي في المنطقة العربية، حيث قدر بحوالي 30% مقارنة مع المعدل المسجل في العام الماضي، وتراجعت تحويلات العمال المهاجرين وعائدات قطاع السياحة.
علاوة على ذلك، فاقمت الأزمة المالية الدولية عدم التوازن الاجتماعي الذي تشهده معظم البلدان العربية، حيث أدى انكماش النشاط الاقتصادي إلى إغلاق العديد من الشركات وزيادة البطالة في المنطقة، كما اضطر العديد من الدول إلى خفض الدعم الذي تقدمه للسلع الأساسية ذات الاستهلاك الشعبي الواسع كواردات الأغذية واللوازم الطبية مما أثر على القدرة الشرائية للمواطن العادي، خاصة على السكان الأشد فقراً، مشيرا إلى أن التقرير أوضح أن القطاع المالي في الدول العربية تأثر بشكل محدود من الأزمة في حين كان للأزمة تأثير سلبي على القطاع الحقيقي، خاصة القطاع الصناعي للدول العربية المصدرة وكان تأثيرها أكبر على الصناعات النفطية وصناعات السلع الأساسية مثل الفوسفات والبوتاس والنحاس باعتبارهما الأكثر عرضة لتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية.
نمو
وأوضح بن يوسف أن آثار الأزمة المالية بدأت تنحسر فقد تعافت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من آثارها بشكل متزامن مع الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تتحسن الآفاق بالنسبة للمنطقة العربية لعام 2010، حيث ينتظر أن يرتفع معدل النمو ليصل إلى 4.4% في عام 2010 مقابل 2.9% عام 2009، نتيجة مواصلة ارتفاع الطلب المحلي وارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش الاقتصادي العالمي تدريجيا.
ويتوقع أن تشهد البلدان المصدرة للنفط تسارعا في نموها الاقتصادي ليبلغ 4.2% في عام 2010 مقارنة مع 2.2% في عام 2009، وأن تشهد اقتصادات الدول العربية المصدرة للنفط ارتفاع وتيرة انفاقها العام وزيادة الاستثمار، لا سيما في القطاع النفطي وغير النفطي، وأن تستأنف الصناعات الرئيسية نشاطها بفضل الانتعاش في الطلب العالمي، وليس من المنتظر حدوث أي ضغوط أخرى على أسعار النفط في الوقت الراهن، ويرجع أساسا إلى محدودية الطاقات الإنتاجية للدول النفطية واستقرار الطلب على النفط في أهم البلدان الصناعية.
أما بالنسبة للبلدان غير النفطية فمن المتوقع أن تستأنف نموها الاقتصادي بشكل أبطأ مما كان متوقعاً لأن البلدان الأوروبية لم تتمكن حتى اللحظة من استعادة عافيتها الاقتصادية، وبهذا يرتقب أن يتباطأ النمو في البلدان غير النفطية ليصل إلى 4.5% في عام 2010 مقابل 4.8% في عام 2009.
ومع ذلك، فمن المنتظر أن يستأنف حجم الاستثمار الأجنبي المباشر فاعليته في الأعوام القادمة نتيجة الانتعاش الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، وأن ترتفع صادرات الدول غير النفطية بنسبة 7.7% في عام 2010 بعد أن انخفضت بنسبة 18% في عام 2009، وبالتالي يتوقع أن تشهد الصناعات الرئيسية المصدرة تحسنا في نشاطاتها وأرباحها، وأن ترتفع تدفقات التحويلات المالية بنسبة 1.3% في عام 2010، على الرغم من أن هذا المعدل أقل من الذي سجل في السنوات التي سبقت الأزمة. تحديات
وحول التحديات التي ستواجه المنطقة العربية خلال المدى الطويل قالت الدكتورة سناء الخبيرة الاقتصادية بالمنظمة إن التقرير تناول هذا الجانب في عدد من النقاط وهي ركود مستويات المعيشة في المنطقة العربية بسبب تباطؤ نمو العائدات وارتفاع معدل النمو السكاني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تدني معدل الاستثمار الخاص في المنطقة العربية على الرغم من السياسات التشجيعية الحكومية للقطاع الخاص. ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، وانخفاض نسبة مشاركة المرأة، وأكدت أن من بين التحديات الرئيسية الأخرى التي ستشهدها المنطقة على المدى الطويل، تنويع الصناعات وقدرتها التنافسية في البلدان العربية ومحدودية الحصول على التمويل، حيث إن نسبته ضعيفة في المنطقة العربية، وسيكون ضمان الحصول على التمويل واحدا من أكبر التحديات التي ستواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لأن الأزمة زادت من مشكلة الحصول على التمويل، خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.