اثار الفصل 28 الذي ناقشته لجنة “الحقوق والحريات” صلب المجلس الوطني التأسيسي، جدلا كبيرا اذ اعتبرته بعض الاطراف نكوصا عن الحداثة وتراجعا عن المكاسب التي حققتها المرأة التونسية مبينة ان صيغة “التكامل” الواردة في هذا الفصل، تحيل بحسب راي هذه الاطراف، “الى الاستنقاص من دور المرأة ومن مكانتها باعتبارها متساوية مع الرجل وشريكة له وليست طرفا تابعا له”.
فبالنسبة لأستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، فان تناول مسألة المساواة بين الرجل والمرأة يجب ان يتم وفقا لمستويين اثنين يتعلق الاول بمبدا اساسي وجوهري لا يمكن اغفال التنصيص عليه في الدستور القادم ويتمثل في المساواة بين المواطنين وهو مبدا لا يمكن ان يتجاهله اليوم اي دستور في العالم” بحسب تأكيده.
أما المستوى الثاني فهو يتصل بمجلة الاحول الشخصية، التي تختلف بحسب قيس سعيد عن الدساتير، معتبرا ان الفضاء الخاص للمرأة وعلاقاتها العائلية ينظم بالأساس بناء على قواعد هامة ابرزها هذه المجلة”.
وللخروج من هذه التجاذبات، اقترح قيس سعيد تضمين حقوق المرأة التونسية ومكتسباتها في نص “اعلان تونسي لحقوق الانسان والمواطن” يضعه المجلس الوطني التأسيسي ثم يعرض على الاستفتاء ليكون له بذلك قيمة قانونية اعلى من الدستور.
واعتبر استاذ القانون أنه “ليس هناك مبرر لادراج صيغة “التكامل” في نص الدستور القادم، باعتبار انها “صيغة لا يمكن ان يترتب عنها أي اثر قانوني” على حد تعبيره.
ومن جانبها، أوضحت فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات عن حركة “النهضة” ان الصيغة الاولى من الفصل التي صوت لها 12 نائبا من النهضة ومن كتلة الحرية والكرامة ومن كتلة حركة “وفاء” ومن كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية، فيها “تأكيد واضح وصريح على حماية حقوق المرأة ودعم مكاسبها” بحسب رايها.
واعتبرت ان التكامل المقصود في هذا الفصل هو في “تقاسم الادوار بين المرأة والرجل ولا يعني البتة ان المرأة اقل من الرجل او ان الرجل اعلى درجة من المرأة كما يتم الترويج له حاليا من قبل بعض الاطراف” بحسب قولها.
ولاحظت أن مسالة المساواة بين الرجل والمرأة وردت واضحة وصريحة في الفصل 22 من الدستور الذي يؤكد ان ” المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون دون تمييز باي شكل من الاشكال”.
وفي مقابل هذا الطرح، اعتبرت كل من “الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات” و”جمعية النساء التونسيات للبحث والتنمية” و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ” و”لجنة المرأة العاملة بالاتحاد العام التونسي للشغل” و”منظمة العفو الدولية فرع تونس” و”المجلس الوطني للحريات بتونس”، في بيان مشترك صدر يوم 4 أوت الجاري، ان “اقرار هذا الفصل بصيغته هذه يشد الشعب التونسي الى الوراء” مطالبة بالتخلي عنه.
واعتبرت الصيغة الاولى من الفصل 28 من دستور تونس الجديد “ضربا للمكاسب وتكريسا لمنظومة ابوية تمنح السلطة المطلقة للرجل وتسلب المرأة حقوقها بوصفها مواطنة كاملة الحقوق وتتمتع بالشخصية القانونية”.
كما أصدرت مجموعة من الأحزاب والمنظمات بيانات، بمناسبة الاحتفال يوم الاثنين بالعيد الوطني للمرأة، وذلك وسط جدل حول مقترح الفصل 28 من مشروع الدستور الجديد والمتعلق بحقوق المرأة والذي تم فيه استبدال مبدأ “المساواة” ب”التكامل”.
فقد اعتبر حزب العمال، في بيان له، المساس بمبدأ المساواة التامة والفعلية “عملا عدائيا” للنساء و”التفافا” على مبادئ الثورة
ومن جهتها عبرت الحركة الديمقراطية للإصلاح والبناء عن خشيتها مما أسمته “التفاف قوى الردة وأصحاب المرجعيات المتشددة” على مكتسبات المرأة ولاسيما مجلة الأحوال الشخصية .
وأكدت الجامعة العامة التونسية للشغل، في بيان أصدرته الأحد، تمسكها بما جاء في مجلة الأحوال الشخصية من حقوق لفائدة المرأة التونسية وسعيها لدعم مكانة المرأة العاملة خاصة من خلال مقترحات تثري هذا المكسب. (المصدر”وات”)