تونس-افريكان ممانجر
تتواصل إلى غاية اليوم عمليّات غلق ومغادرة الشّركات الأجنبيّة، حيث قررت مؤخّرا مؤسسة صناعية مختصة في صناعة كوابل السيارات ببرج السدرية “لير كوربوريشن” وضع حد لنشاطها في تونس.
وقد قال الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، محمد علي البوغديري في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء إن الشركة الام والتي مقرها الولايات المتحدة الأمريكية قررت غلق المصنع الذي يشغل حوالي 600 عامل بشكل نهائي ودون سابق إعلام وتركّزت في المغرب. أكثر من 2500 شركة أغلقوا وغادروا تونس .
ويشار إلى أنّ الإحصائيّات الغير الرّسميّة أكّدت أنّ أكثر من 2500 شركة أغلقوا وغادروا تونس (خاصّة في اتجاه المغرب) منذ سنة 2011 أي بمعدّل 400 شركة سنويّا وفق ما صرح به الخبير الإقتصادي وجدي بن رجب لـ ″أفريكان مانجر″.
و ابرز بن رجب أنّ تقرير وكالة النّهوض بالصّناعة (متعلّق بالشّركات الصّناعيّة) بيّن أنّه تمّ سنة 2011 خسارة 37.5 ألف موطن شغل مقابل خسارة 20 ألف موطن سنة2014 و13 ألف موطن شغل سنة 2015.
وأوضح مصدرنا أنّ مواطن الشّغل التّي تمّ خسارتها هي في الحقيقة أكبر من الأرقام التّي تضمّنها التّقرير، حيث أنّ وكالة النّهوض بالصّناعة لا تأخذ بعين الإعتبار الشّركات التّي تنشط في مجال السّياحة والخدمات، مبرزا أنّه للحصول على الأرقام الحقيقيّة لمواطن الشّغل التي تمّت خسارتها يمكن إضافة نسبة في حدود 30 بالمائة على حدّ تقديره.
وأضاف الخبير الإقتصادي أنّ مؤسسة “لير كوربوريشن” التي وضعت حدّا لنشاطها في تونس واجهت على مدى سنوات الإضرابات والإحتجاجات، ضف على ذلك رفع الدّعم جزئيّا على الطّاقة الشّيء الذي زاد من نسبة التّكاليف لديهم، مبيّنا أنّ هذه الشّركات تركّزت سابقا في تونس لقربها من الأسواق الأوروبيّة وتوفّر اليد العاملة بكلفة محدودة وتخصّصها في التّركيب حسب البنك الدّولي، هذا علاوة على توفّر عنصر السّلم الإجتماعي والإستقرار السياسي والأمني، لتغيب جلّ هذه العناصر بعد الثّورة وتدفع هذه المؤسّسات إلى الغلق والمغادرة.
وفي سياق متّصل، بيّن بن رجب أنّ الشّركات التّي أغلقت وغادرت تونس تعمل أساسا في التّصدير ووقف نشاطها له انعكاسات كبيرة على التّصدير وعلى دخول العملة الصّعبة وعلى الميزان التّجاري وعلى سعر صرف الدّينار وعلى الإقتصاد ككلّ.
وعن الحلول، قال نفس المصدر إنّ الشّركات الأجنبيّة المتركّزة في تونس تشغّل عادة يد عاملة مختصّة في التّركيب (كانت مطلوبة في مجال النّسيج واليوم في مجال الصّناعات غير الثّقيلة) لا من خرّيجي الجامعات، وعلى خلفيّة ذلك تبقى نسبة البطالة من خرّيجي الجامعات مرتفعة جدّا في تونس .
و دعا وجدي بن رجب إلى ضرورة تغيير المنظومة الإقتصاديّة وتركيز إقتصاد المعرفة مثل العديد من الدول على غرار الهند (والعمل حتّى من داخل المنزل)، حيث يوفّر هذا النّوع من الإقتصاد الكثير من الأموال بأقلّ إستثمارات في البنية التّحتيّة وبأقلّ تكاليف، مشيرا إلى أنّ هذا حلّ يمكن اعتماده على المدى الطّويل، في حين دعا الخبير الإقتصادي بالنّسبة للحلول على المدى القصير إلى ضرورة إرساء هدنة إجتماعيّة وخريطة طريق واضحة ووضع حدّ للإحتجاجات والمطلبيّة.