تونس-افريكان مانجر
في الوقت الذي أقرّ فيه العالم تقريبا بأجمعه بأنّ محمد البوعزيزي-بقطع النظر عن ملابسات إقدامه على إضرام النار في جسده- كان الشرارة الأولى للثورة التي أطاحت بنظام بن علي في تونس بعد 25 سنة من الحكم، فقد صرّح مؤخرا الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عدنان منصر في حوار مع صحيفة أردنية (الدستور) أن حكاية البوعزيزي ليست سوى “دعاية كاذبة استفادت منها عائلته لتحقيق مكاسب شخصية”.
تصريحات منصر أثارت استياء كبيرا خاصة لدى أهالي سيدي بوزيد حيث طالبوا في بيان أصدره الإتحاد الجهوي للشغل بالجهة رئاسة الجمهورية بالاعتذار عمّا صدر على لسان ناطقها الرسمي.
و في اتصال أجراه “افريكان مانجر” مع عدد من المراقبين أكدوا أنّ منصر لم يتصرّف بموقف مسؤول على حدّ قولهم، مُعتبرين أنّ ما قاله لصحيفة”الدستور”الأردنية “فضيحة”.
تصريحات غير مسؤولة
اعتبر رئيس جمعة”عتيد”معز بوراوي في تصريح ل”افريكان مانجر”أنّ عدنان منصر كان عليه أن يحترم منصبه قبل أن يدلي بأي تصريح يخصّ معطيات دخلت في التاريخ الحديث لتونس، و أضاف أنّ تعمّد القول إنّ البوعزيزي”لم يكن مظلوماً فيما حصل بل كان ظالماً”فيه إهانة للشعب التونسي الذي اعترف به مُفجرّا لثورات”الربيع العربي”.
و أفاد محدثنا أنّه بقطع النظر عن آرائنا الشخصية في البوعزيزي فإنّه لا يختلف اثنان على أنّه كان”القطرة التي أفاضت الكأس”و جعلت الشعب ينتفض ضدّ العنف و الإستبداد و تُوجهت بالإطاحة بنظام زين العابدين بن علي.
من جانبه أوضح الخبير في العلوم السياسية وديع بن عيسى أنّه و بالرغم من اختلافنا حول شرعية ما أقدم عليه البوعزيزي في 17 ديسمبر سنة 2010 عندما أضرم النار في جسده فإنّ الثابت أنّه أصبح أنموذجا للثورة، و أكد بن عيسى في تصريح ل”افريكان مانجر”أنّ تصريحات عدنان منصر “أقلّ ما يُقال عنها أنّها غير مسؤولة” وفق تعبيره.
و أفاد المصدر ذاته أنّ اسم محمد البوعزيزي اقترن باسم الثورة التونسية، مُؤكدا أنّه إذا كان تصرف البوعزيزي بإقدامه على إحراق جسده لا يستقيم من الناحية الشرعية فإنّه و من الناحية الواقعية مقبول.
و في سياق متصلّ استنكر الأستاذ الجامعي ما صرّح به منصر عندما قال للصحيفة الأردنية إنّ الصورة التي انتشرت للبوعزيزي ليست صورته على اعتبار أن الصورة التي تُروجها وسائل الإعلام لبن علي وهو يعود البوعزيزي في مستشفى الحروق البليغة ببن عروس ليست صحيحة و قد اتضح وفق قول منصر فيما بعد أنه يعود شخصا آخر لأن البوعزيزي توفي، و أوضح محدثنا أنّه إذا كانت لدى رئاسة الجمهورية معلومات بخصوص هذا الموضوع فكان من الأفضل مصارحة الشعب التونسي بها.
قضية في الأفق
هذا و كانت عائلة محمد البوعزيزي قد قررت مقاضاة مدير الديوان الرئاسي بعد اتهامهم بالمتاجرة بدماء ابنهم والحصول على هدايا من أمراء من بينها منزل في أحد الضواحي الراقية بالعاصمة.هذا و أكد سالم البوعزيزي في تصريح إعلامي أنّه “لولا شقيقه لما نعم التونسيّون بالحرية والكرامة” حسب قوله، و استغرب تصريحات منصر المذكورة .
و للإشارة فإنّ ممثل رئاسة الجمهورية قال لصحيفة الدستور الأردنية إنّ البوعزيزي هو الذي اعتدى على عون التراتيب البلدية، وأهانها بالكلام وبالعنف، لكن كل الشباب الذين بنوا هذه الأسطورة خاصة عن طريق الفيس بوك والومضات المسجلة بالهاتف والتي كانت تبثها قناة الجزيرة أحدثوا حالة معينة.و لفت منصر إلى انه بعد ستة أشهر أو سبعة أشهر من الثورة لم يعد أحد يتحدث عن البوعزيزي في تونس، بل بالعكس أصبحت عائلته مكروهة نوعاً ما على حدّ قوله، فبعض أفراد هذه العائلة استفادوا من الصورة أو من هذه الدعاية، أبناء البلدة يعرفون بأنها دعاية كاذبة ولكن العائلة استفادت من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
و تابع المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن بعض الأمراء كانوا يستدعون والدة البوعزيزي ويستضيفونها ويعطونها أموالا، فالمرأة تركت قريتها واشترت مسكنا في ضواحي العاصمة الراقية، وفق تعبيره.
بسمة المعلاوي