تونس-افريكان مانجر
مازال الجدل متواصلا حول مسألة تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية المتعلق بقضايا الشيك دون رصيد، حيث عقدت لجنة التشريع العام بالبرلمان الاثنين المنقضي، جلسة استماع لعدد من الهياكل المهنية الممثلة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي تطالب بتنقيح هذا الفصل.
واستنادا لما أكده، الناطق الرسمي باسم الجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص في تصريح لافريكان مانجر، فقد تم خلال الجلسة التي عقدت بحضور عدد من أعضاء الاتحاد التونسي للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، الى التداعيات السلبية لقضايا الشيك دون رصيد على الاقتصاد الوطني والمجتمع.
وبين حواص، ان الدراسات أثبتت ان الشيك المؤجل واعتماد الصكوك كضمان في المعاملات التجارية لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني، وانجر عنها ارتفاع في أسعار السلع سواء عند الشراء او البيع، الى جانب تداعيات الشيكات على تداول العملة.
وأشار الى أن استعمال الشيك كضمان في المعاملات نتج عنه ما يُسمى باقتصاد الفقاعات، ودورة اقتصادية وهمية، الى جانب الاداءات الجبائية على نشاط اقتصادي هو في الواقع لم يُنجز.
ولفت مٌحدثنا، الى أن الدراسات كشفت أن قضايا الشيك دون رصيد والعقوبة السالبة للحرية لها تداعيات كبرى على العائلات اذ أن حوالي 78%من العائلات المتضررة عرفت حالات طلاق وانفصال بين الأزواج، كما أن 13% نتج عمليات انتحار وأمراض نفسية لدى الأطفال.
مقترح قانون
وبحسب محدثنا، فقد عرضت الهياكل المهنية مقترح قانون لرفع العقوبة السالبة للحرية وتعويضها بالتتبع المدني والعقل ليصبح الشيك وسيلة تنفيذ.
واعتبر حواص أن إلغاء العقوبة السجنية سيساهم في إعادة الشيك إلى موضعه الاصلي كورقة تجارية تعتمد كوسيلة دفع حينية وليس كوسيلة ضمان أو اقتراض أو دفع مؤجل، وفق تعبيره.
وقال رئيس الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، إن 7200 تونسي في السجون بسبب عدم خلاص الشيكات، فيما تشير بعض الأرقام والمعطيات الى ان عدد الفارين من الأحكام في حدود 420 ألفا من بينهم 10800 هربوا خارج التراب التونسي.
وشدد حواص على أن أحكام الشيك دون رصيد لها تداعيات كبرى على ديمومة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وكذلك صغار الحرفيين وعلى الحفاظ على الاستقرار الأسري والاجتماعي، داعيا إلى ضرورة تعديلها ومراجعتها بإلغاء العقوبة السّجنية بعد أن ثبت عدم نجاعتها في الحد من ارتفاع نسبة مرتكبي جريمة اصدار الشيك دون رصيد.
مقترح وزارة العدل
كما أكد مصدرنا، انه بحسب ما رجحه أعضاء اللجنة البرلمانية فان وزارة العدل بصدد اعداد مقترح قانون لتنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية سيتم عرضه منتصف اوت الجاري على انظار مجلس نواب الشعب، وفق قوله.
جدير بالذكر، فقد التقى رئيس الجمهورية قيس سعيد بداية شهر جويلية الماضي وزيرة العدل ليلى جفال، حيث تم التطرق إلى تقدم الدراسات حول إعداد مشروع قانون لتنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية يحفظ حقوق الدائنين ويمكن في الآن ذاته من أصدر صكا بدون رصيد من أن يسوي وضعيته، وهو حل ممكن كما تظهر ذلك عديد التجارب المقارنة ولأن الوضع الحالي لا يستفيد منه لا الدائن ولا من هو قابع وراء القضبان، وفق بلاغ رئاسة الجمهورية.
وخلال جلسة استماع بالبرلمان بتاريخ 12 جويلية 2023، أكد ممثلو وزارة العدل أن تعديل أحكام الشيك دون رصيد يندرج ضمن استراتيجية أعدّتها الوزارة لتطوير المنظومة التشريعية خاصة فيما يتعلّق بالجوانب الاقتصادية والمالية ودفع الاستثمار، وهي مقاربة جديدة تكرّس دور العدالة في الاقتصاد الوطني تختلف عن سابقاتها من المقاربات التي كانت تقوم أساسا على حماية الحقوق والحريات.
وأشاروا الى أن الدراسة التي تم اعدادها في الغرض ترتكز على ثلاث محاور كبرى تتمثل في:
▪️تشخيص للواقع الاقتصادي والاجتماعي في تونس ينبني على إحصائيات ومعطيات علمية يكون مصدرها الجهات المختصة ذات العلاقة.
▪️الاطلاع على الإجراءات المعتمدة على مستوى التشريع التونسي والتجارب المقارنة في طريقة تعاملها مع مسألة الشيك دون رصيد، وما أفضت اليه هذه التجارب من نتائج وتأثيرات تشريعية واقتصادية واجتماعية.
▪️المقاربة المقترحة من قبل وزارة العدل.
كما أشار ممثلو وزارة العدل إلى التطور التشريعي لمسألة الشيك دون رصيد وأهم تقيحات المجلة التجارية التي أجريت فيما يتعلق بأحكام الشيك، وإلى ضرورة تحديد الهدف من التنقيح المزمع إجراؤه.
وأكّدوا وعي الوزارة بأهمية تعديل أحكام الشيك دون رصيد وتداعياته على مستوى الاقتصاد الوطني، وضرورة ان تكون المقاربة التي ستعتمد في التعديل في إطار المواءمة بين التشريع الوطني والالتزامات الدولية المصادق عليها، بحسب ما ورد في بلاغ سابق لمجلس نواب الشعب.
وتمحورت المقاربات المقترحة التي يمكن اعتمادها في تعديل مقتضيات الفصل 411، حول إلغاء التجريم، وإلغاء العقوبة السجنية والإبقاء على العقوبة المالية، وتعديل إجراءات التسوية، ورفع التجريم بصفة جزئية، وتسقيف الشيكات.