تونس-افريكان مانجر
أكثر من 4 أيام مرت و المشهد لم يتغير بل هو متكرر في عدد هام من الولايات خاصة ولايات تونس الكبرى و نابل و بنزرت، مواطنون ينتظرون في محطات بيع البنزين وسط ضجيج السيارات لساعات في طوابير طويلة أملا في الحصول على قليل من لترات البنزين التي تمكنهم من قضاء شؤونهم.
في الواقع فان هذه الأزمة بدأت تلوح في الأفق منذ أشهر إلا أنه حينها كان اضطراب التزويد و التزود يبرره المسؤولون بتزامنه مع المناسبات والأعياد وعطل نهاية الأسبوع و تعطل عمليات التفريغ و اليوم يحملونه بشكل رسمي للأوضاع العالمية و التغييّرات الدولية والحرب الروسية الأوكرانية و الاضطراب الحاصل على مستوى الأسواق العالمية والذي انجر عنه تأخر وصول البواخر لتونس.
و يقول المسؤولون انه رغم الأسباب الخارجية المذكوىة، إلا أن عمليات تزويد المستودعات الكبرى تمت بالشكل اللازم و تزويد المحطات بدأ يعود لنسقه الطبيعي منذ مساء الاثنين.
وفي إجابة عن سؤال يتعلق بموطن الخلل و أسباب تواصل الازدحام غير المسبوق على محطات بيع الوقود، يقول المتدخلون في القطاع إن “الشعب” يتحمل جزءا هاما من المسؤولية، بسبب “اللهفة”، المصطلح الذي يكرره أصحاب السلطة و القرار انطلاقا من وزيرة الصناعة و الطاقة و المناجم وصولا إلى الرئيسة المديرة العامة للشركة التونسية لصناعات التكرير “ستير” و الشركة الوطنية لتوزيع البترول “عجيل”.
“الشعب” يتحمل المسؤولية
في تصريحها لموقع أفريكان مانجر الاثنين الماضي، أقرت وزيرة الصناعة و الطاقة و المناجم، بالنقص الذي حصل منذ نهاية الأسبوع المنقضي.
و أضافت، “لقد تم تسجيل اضطراب في التزويد بالمحروقات منذ ليلة الجمعة الماضي بسبب الوضع العالمي و الاضطرابات على السوق العالمية التي انجر عنها تعطل وصول الإمدادات”.
و لفتت الى أن النقص تم ملاحظته بشكل كبير شمل ولايات تونس الكبرى ومناطق الشمال على غرار نابل و الحمامات و بنزرت، و هو اضطراب تزامن مع ارتفاع هام في الطلب.
واستنادا لما أكدته وزيرة الصناعة، فانه تم في الليلة الفاصلة بين السبت و الأحد تزويد مستودعات رادس بـ 5300 متر مكعب من المحروقات من مصفاة بنزرت إضافة إلى تزويد الشركة الوطنية لتوزيع البترول “عجيل” بـ 550 متر مكعب لتزويد كامل محطاتها الموجودة في تونس الكبرى إلا أن ارتفاع وتيرة الإقبال تسببت في فقدان المحروقات حيث تم استغلال الكمية المرصودة لـ 3 أيام في غضون ساعات قليلة، وفق تقديرها.
من جهتها الرئيسة المديرة العامة للشركة التونسية لصناعات التكرير “ستير”، فاختة المحواشي، أكدت في تصريح اذاعي، اليوم الاربعاء، تواصل عمليّة إفراغ باخرة محمّلة بـ25 ألف طن من البنزين الخالي من الرصاص.
وأوضحت المحواشي، أن البنزين متوفر وتم توجيه شحنات إلى حلق الوادي وكل الشاحنات القادمة إلى ميناء بنزرت يتم شحنها.
ودعت المواطنين الى عدم اللهفة على البنزين والاكتفاء بتعبئة كميّات صغيرة (لا تتجاوز 30 دينارا) حتى يتمكن جميع المواطنين من الحصول على هذه المادة.
بدوره الرئيس المدير العام الشركة الوطنية لتوزيع البترول خالد بالتين، في تصريح لاذاعة موزاييك اف ام و بنبرة استغراب كبيرة، قال ” أصبح لا يوجد داع للتعليق و التبرير لان التزويد يتم بالطاقات القصوى بشكل يومي و الشحنات التي يتم تفريغها في المحطات يتم استغلالها في أقل من ثلاث ساعات”.
ودعا المواطنين إلى التنظم مشددا على انه في صورة الاضطرار وتواصل الوضع كما هو عليه فانه سيتم تحديد قيمة معيّنة للشراءات.
من جهته الناطق باسم الحكومة نصر الدين النصيبي، أكّد أنّ الطوابير التي تشهدها محطّات الوقود في تونس وترفيع أصحاب السيارات في كميّات التزود بالمحروقات نتج عنه تسجيل نقص وذلك بسبب اقتناء الكميات المتوفرة في ظرف ساعات.
وشدّد النصيبي، في تصريح اعلامي، على أنّ نسق التزوّد بالوقود والاقتناءات التي تقوم بها الدولة متواصل بشكل عادي غير أنّ اللهفة التي حصلت خلال الأيام الأخيرة تسبّبت في نقص المحروقات و أربكت السوق، داعيا التونسيين إلى المحافظة على نسق تزوّده بالوقود بشكل عادي.
أزمة المحروقات تتعمق
وفي قراءة للوضع الحالي و أزمة التزود والتزويد بالمحروقات في تونس، فان لهذه الأزمة أسباب أخرى رئيسية و هي صعوبات المالية العمومية بالتزامن مع التغييرات التي فرضتها أساسا الحرب الروسية الاوكرانية والتي انجر عنها تغيّر موازين القوى و غيّرت قواعد و قوانين الشراءات و المعاملات بين الدول.
و من البديهي القول أن تونس ليست بمنأى عن أزمة الطاقة العالمية ولكن بالنظر إلى وضعها الاقتصادي فان التحديّات التي تواجهها اكبر و أكثر صعوبة من البلدان الأخرى.
و خلاصة يمكن القول أن الأمر اليوم يحتاج فعلا وقفة عميقة مع الذات حكومة و شعبا، لتخطي الأزمة و عدم الوقوع في سيناريوهات أخطر بكثير من الوضع الراهن.