تونس -أفريكان مانجر
ارتفع في الفترة الأخيرة نسق التّهديدات بالاغتيال وطفا مجدّدا شبح الاغتيالات، وانضافت شخصيّات أخرى للـ 200 شخصيّة السّابقة المهدّدة بالاغتيال حسب تصاريح أمنيّة نقابيّة لـ “أفريكان مانجر”، غير أنّنا لاحظنا في الفترة الأخيرة أنّه تمّ إعادة تهديد بعض الشّخصيّات المهدّدة في السّابق والتّي تعيش أصلا تحت حماية أمنيّة منذ أشهر على غرار الباجي قايد السّبسي رئيس حزب نداء تونس وحمّة الهمّامي الأمين العام لحزب العمّال والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، إلى جانب الشّيخ فريد الباجي رئيس الجمعيّة الزّيتونيّة وهو ما يطرح عدّة تساؤلات حول الهدف من هذه التّهديدات ؟ ومن المستفيد الأوّل من إسكات هذه الأصوات ؟
هذه التّساؤلات فسّرها بعض المحلّلين السّياسيين على أنّ هدفها الأساسي منع شخصيّات سيّاسيّة ذات وزن في البلاد من الظّهور الإعلامي والسّياسي طيلة هذه الفترة، خاصّة وأنّ الحملات الانتخابيّة بدأت بصفة مبكّرة وليس من مصلحة بعض الجهات أن يتحالف قطبين سياسيين هامّين في الوقت الحالي، بعد ظهور بوادر تقارب بين الجبهة الشّعبيّة ونداء تونس تنبئ بإمكانية حصول تحالف بينهما.
وفي هذا الإطار أكّدت سلوى الشّرفي المحلّلة السّياسيّة في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ كثير من الأطراف السّياسيّة على غرار النّهضة لا يخدمها هذا التّحالف ويمكن أن يقضي على شعبيّتها، ومن مصلحتها أن يلزم رؤساء هذه الأقطاب منازلهم ويخفّفون أنشطتهم، لتتمكّن هي من مواصلة حملتها الانتخابية المبكّرة.
المثقّفون والمنظّرون أكثر تهديدا من السّياسيين
وعن سبب إعادة تهديد الشّيخ فريد الباجي بالاغتيال واضطراره إلى لزوم بيته وسط حراسة مشدّدة والامتناع عن الإدلاء بتصاريح للإعلام، حسب ما أكّدته مصادر مقرّبة منه، رغم أنّه ليس شخصيّة سياسيّة ولا ينتمي إلى أيّ حزب ولا يشكّل أيّ خطر على النّهضة أو غيرها على المستوى الانتخابي، قالت المحلّلة السّياسيّة إنّه بالنّسبة للإسلاميين، المثقّفين والمنظّرين يفضحون خطابهم المزدوج ويفضحون الخلل في تأويلاتهم الدّينيّة وبذلك يصبحون أخطر من السّياسيين بالنّسبة إليهم، لأنّ السّياسيين مكبّلين بالاستحقاقات الانتخابيّة وهم لا يقطعون شعرة معاوية مع الأحزاب الكبرى بسبب إمكانيّة تحالف الحكومة وتقاسم السّلطة وهم مجبرون على ذلك على حدّ تعبيرها.
وأضافت سلوى الشّرفي أنّ المثقّفين والمنظّرين في تونس يعارضون حركة النّهضة باستمرار ويقنعون أكثر من السّياسي وليس لديهم قيود مثل المسلّطة على السّياسي، مبيّنة أنّ الاغتيالات ومحاولات الاغتيال والتّهديدات بالاغتيال التّي حصلت في مصر في التّسعينات كان فيها المثقّفين أكثر بكثير من السّياسيين، لانّ المثقّف والمنظّر أخطر من السّياسيين ويؤثّر بشكل رهيب على المواطنين، كما أنّ اغتيال مثقّف ليس لديه أيّ انتماء حزبي لن يخلّف صراعات أو تجاذبات سياسيّة، وهو أساسا ما يجعل التّهديدات بالاغتيال الموجّهة للمثقّفين والمنظّرين على غرار الشّيخ فريد الباجي أكثر جديّة وأكثر خطورة.
الدّعوة الى حوار وطني للتّصدّي للإرهاب
حول نفس الموضوع، قال يسري الدّالي الخبير الأمني في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ الإرهاب الى جانب استهدافه مؤسّسات، يستهدف قيادات سياسيّة ورموز الدّولة والأمن على حدّ تعبيره، وهو ما أكّدته المجموعات الإرهابيّة التّي تمّ القبض عليها والتّي من ضمنها الصّومالي (من خلال اعترافاتهم)، نفس الشّيء تؤكّده الحواسيب والوثائق التّي عثرت عليها قوّات الأمن بحوزة الإرهابيين (تهديدات جديّة باغتيال بعض الرّموز بالبلاد) وفق تعبيره.
من جهة أخرى، أوضح نفس المصدر أنّ خطورة الوضع وتفاقم ظاهرة الإرهاب في البلاد، تتطلّب حوار وطني بهذا الشّأن، لوضع استراتيجيّة عمل واضحة، الأمني يقوم بعمله والسّياسي يتحاور مع الإرهابيين، مضيفا أنّه يجب التّفكير جدّيّا في هيئة وطنيّة، تضمّ وزارتي الدّاخليّة والعدل وخبراء سياسيين وأمنيين وإعلاميين… وبمشاركة رئاستي الحكومة والجمهوريّة، لإيجاد حلول جذريّة للقضاء على الإرهاب، بعد القيام بتشخيص كلّ الأحداث الإرهابيّة التّي وقعت في تونس وتحليلها والتّدقيق في كلّ جزئيّاتها. كما شدّد يسري الدّالي على ضرورة ايجاد حلول أمنيّة وسياسيّة قريبة المدى وأخرى أمنيّة وسياسيّة وتوعويّة متوسّطة المدى وأخرى بعيدة المدى أمنيّة وسياسيّة وتوعويّة وتربويّة وثقافيّة…
حلول ضروريّة
وفي ذات السّياق، طالب الخبير الأمني بضرورة إنشاء وكالة وطنيّة للاستخبارات أو الاستعلامات يقتصر دورها على جلب المعلومة فقط، وتكون غير تابعة لوزارة الدّاخليّة مثلما هو معمول به في جلّ دول العالم لأنّ الدّاخليّة على حدّ تعبيره “غير صافية”، كما أنّ الكفاءات الموجودة بها ليست الكفاءات المطلوبة، حيث تعلّمت بنظام بن عليّ وحتّى الكفاءات الجديدة تعلّمت بنفس الطّريقة، ولهذا يدعو محدّثنا إلى ضرورة إنشاء هذه الوكالة وجعلها تتبع رئاسة الحكومة. وفي نفس الشّأن طالب محدّثنا بانشاء جهاز مقاومة وصدّ الارهاب يشمل أفضل وحدات الشّرطة والحرس والأمن الرّئاسي والدّيوانة ويكون لديه سلاح وقادر على التّدخّل متى استلزم الأمر.
وعن قانون الإرهاب وعدم تفعيله الى حدّ الان، رغم كلّ التّهديدات الإرهابيّة للمؤسّسات وللشّخصيّات، أكّد نفس المصدر أنّه ضدّ تفعيله، لأنّه فصّل على قياس بن عليّ وتفعيله سيجعل كلّ من يعبّر عن رأييه أو يتبنّى موقفا أو يعتصم أو يتظاهر يعتبر إرهابي ويتحاكم بقانون الإرهاب وهذا ما لا يمكن أن يسمح به مجدّدا على حدّ تعبيره، مبرزا أنّه يساند كلّ الأطراف لمقاومة الإرهاب، لكنّه ضدّ عودة الدّيكتاتوريّة بأيّ شكل من الأشكال.