تونس- أفريكان مانجير
كشف مصدر سياسي مطّلع أن رئيس حزب “المبادرة” كمال مرجان رفض دعوة الباجي قايد السبسي للانضمام إلى حزبه الذي سيطلقه بعد حصوله على الترخيص.
وقال المصدر لـ”أفريكان مانجير” أن مرجان الذي ينتمي إلى تيار يسمى “الدساترة”، نسبة إلى أول حزب تم إطلاقه في تونس تحت إشراف رئيس الدولة الأسبق الحبيب بورقيبة مؤسس الجمهورية التونسية، اقترح منذ أسبوعين على الباجي قائد السبسي الانضمام إلى حزبه الذي يتمتع بخمسة مقاعد في المجلس الوطني التأسيسي وهو ما سيزيد من دعم مبادرته، إلا ان هذا الأخير رفض هذا المقترح.
وكان الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي أعلن عن مبادرة “نداء تونس” في أفريل الماضي يهدف منها الى توحيد صفوف المعارضة أمام الأحزاب الحاكمة حاليا وعلى رأسها حزب النهضة الإسلامي، قبل أن يكشف هذا الأخير مؤخرا عن خطة لتحويل مبادرته من حركة إلى حزب بمقتضى ترخيص ينتظر الحصول عليه من رئاسة الحكومة الحالية.
وحسب نفس المصدر فإن القيادي في حزب المبادرة كمال مرجان كان يفضل أن تبقى مبادرة قائد السبسي في شكل حركة تشرف على أحزاب المعارضة دون تشتيتها وهو ما سيساعد على خلق كتلة معارضة أقوى سيكون لها حظوظ أكبر في انتخابات مارس 2013.
ويرى مراقبون أن اعتزام الباجي قائد السبسي التحول إلى حزب سيزيد من حدة انقسام المعارضة وتبعثرها وما يعنيه ذلك من ضعف أمام الإئتلاف الحاكم.
ويضيف هؤلاء أن كتلة “الدساترة”، التي يتمتع قياديوها بحنكة سياسية تاريخية وبقاعدة شعبية واسعة، هي من يمثل في واقع الأمر الخطر الأكبر أمام حزب النهضة بالأساس ما لم يتم تفتيتها وإلغاء وجودها من الساحة السياسية بمقتضى قوانين يعمل الائتلاف الحاكم على تمريرها للمصادقة عليها في المجلس التأسيسي.
ويمثل الفصل 15 من المرسوم المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي من أبرز الحلول التي ينوي الائتلاف الحاكم الاستناد إليها لإزاحة “الدساترة” من الانتخابات المقبلة ومن الساحة السياسية على المدى الطويل.
وينص هذا الفصل على عدم السماح لمن عمل في صلب حكومة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ومن تحمل مسؤولية في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي الترشح للانتخابات.
ويعتبر الوزير الأسبق والدبلوماسي كمال مرجان الذي شغل أيضا منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة، أن منع ما يعتبر “تجمعيين” في الانتخابات المقبلة سيكون كارثة على البلاد يتحمل مسؤوليتها من سيتخذ هذا القرار ويتبنّاه.
ازدواجية المعايير
ويلاحظ أن حزبي النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية يعملون على إقصاء قيادات كانت تعرف بانتمائها إلى الحزب الدستوري التونسي بالأساس قبل أن يتم دمجها في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي زمن بن علي وفي الوقت ذاته تعمل على استقطاب من كانوا منخرطين في حزب التجمع المنحلّ إلى حزبها بعد أن نجحت في اجتذاب قواعد من هذا الحزب بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق.
يشار إلى أن الحزب الحاكم السابق كان تم اختراقه بقواعد من النهضة التي سارعت إلى الانخراط في حزب النهضة اثر حل حزب التجمع بعد ثورة 14 جانفي 2011.
وبرّر مسؤولون من حزب النهضة هذا الأمر بأن الحزب على استعداد للتعامل واستقطاب من “تثبت نظافتهم خلال النظام السابق”، إلا أن قياديي النهضة يضغطون في الوقت ذاته على إقصاء من لم تنجح في جذبهم، عبر مراسيم تم إصدارها منذ حكومة قائد السبسي أو ملاحقتهم قضائيا عبر قضايا يتم رفعها عادة من محامين أغلبهم معروفين بانتمائهم إلى حزب النهضة أو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية.
ويرفض بعض السياسيين من المعارضة ازدواجية المعايير التي يتوخاها هذان الحزبان، مطالبين بالابتعاد عن الحسابات السياسية الضيقة وترك القضاء يقوم بدوره من دون تأثير سياسي.
ويعتبر أحد المراقبين من التيار اليساري الذي فشل في توحيد صفوفه وبقي مجرد أطياف معارضة مشتتة، أن تيّاره كان “مثل السكين الذي ذبحت بها النهضة “الدساترة” في هيئة عياض بن عاشور”، وهي هيئة تم إنشاءها مباشرة بعد الثورة لتشرف على ضمان التحول الديمقراطي والإعداد لإجراء انتخابات بعد الثورة.
ولا يستبعد مراقبون سياسيون أن يسهم تشتت المعارضة في إزاحة كتلة “الدساترة” من الانتخابات المقبلة بتشتت أصواتهم في المجلس الوطني التأسيسي وعجزهم عن رفض أي مشروع قانون تتقدّم به النهضة والمؤتمر وحليفهما التكتّل .
يذكر أن الباجي قايد السبسي يعتزم الكشف عن هوية مبادرته السياسية المعروفة بـ”نداء تونس” خلال ندوة صحافية سيتم عقدها للغرض يوم 16 جوان.