تونس-افريكان مانجر
ستواجه المؤسسات التونسية المصدرة خلال السنوات القليلة القادمة تحد جديد يتمثل في فرض الاتحاد الأوروبي لمواصفات بيئية جديدة تتجسد في شهادة ” البصمة الكربونية” والتي في صورة عدم الامتثال الى المعايير المعمول بها وخفض انبعاثات الكربون قد تتحول الى “ضريبة الكربون” وبالتالي ارتفاع الأداءات الديوانية على صادراتها نحو أوروبا.
ويرى مراقبون دوليون، إنه عندما تُنَفَّذ الضريبة بحلول سنة 2026، سيكون التأثير الأولي الأكبر على تكلفة المدخلات عالية الكربون مثل الصلب والأسمنت والألومنيوم والمواد الكيميائية والكهرباء، وسيُطلب من المُصدرين لدول الاتحاد الأوروبي والمنتجين من خارج أوروبا دفع ما يقدر بنحو 75 يورو (82.55 دولارًا أميركيًا) لكل طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
التزامات تونس الدولية
وفي حوار لموقع أفريكان مانجر، أكد سامي المروكي الخبير في الطاقة والمناخ، أن الاتحاد الأوروبي قرر وضع الية جديدة لتعديل الكربون على مستوى الحدود، مشيرا الى أن المنتوج الأوروبي يحترم الانبعاثات الغازية لذلك لا يٌمكن لدول الاتحاد توريد منتوج من تونس لا يحترم الانبعاثات ويتمتع بنفس الامتيازات والظروف.
وبين أن الية تعديل الكربون تتضمن عنصر البصمة الكربونية للمؤسسة Le bilan Carbone وبمقتضاه تُقدم الشركة المُصدرة بيانات حول أنظمة التبادل من نوع الكربون وحجم الانبعاثات الغازية والطاقة التي يعتمد عليها نشاطها.
ويتمثل العنصر الثاني في تقديم البصمة الكربونية للمنتوج الذي سيتم تصديره الى دول الاتحاد الأوروبي في5 مجالات ذات الأولوية وهي المنتجات التي تستعمل الاسمنت والأسلاك والمواد الكيميائية والألمنيوم.
وأشار، الى أنه من المنتظر ان يتم في نوفمبر القادم توسعة قائمة المنتجات المعنية بشهادة البصمة الكربونية.
وتوقع أن تكون الانبعاثات الغازية للمنتجات التونسية اعلى مما هو مطلوب من قبل الدول الاتحاد الأوروبي باعتبار ان انتاج الكهرباء في تونس يعتمد بنسبة 97% على الغاز الطبيعي ولا يعتمد على الطاقات المتجددة.
وشدد المروكي، على أن عدم الالتزام بهذه الشروط سينجر عنه أداءات إضافية ” ضريبة الكربون” او شراء شهادة الكربون بالأورو.
ودعا محدثنا في هذا السياق المؤسسات المصدرة التونسية الى الإسراع في الانخراط في اعتماد الطاقات المتجددة والإنتاج الذاتي للكهرباء للحفاظ على ديمومة المؤسسة.
اتفاق باريس
كما تحدث سامي المروكي، عن التزام تونس باتفاق باريس لسنة 2015 أو «كوب 21» والذي يسمح بأن يكون لتونس مساهمة دولية في مجال تقليص الانبعاثات.
واتفاق باريس هو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ يهدف الى الوصول الي تثبيت تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يسمح للنظام البيئي بان يتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ وبالتالي حماية الإنسان من خطر يصل الي النقص في الغذاء والماء، والسماح بالمضي قدمًا في ايجاد وخلق سبل للتنمية الاقتصادية علي النحو المستدام.
و خلص محدثنا الى أن الاستثمار في الطاقات المتجددة والطاقات البديلة والصديقة للبيئة أصبح ضرورة وليس خيارا لضمان الأمن الطاقي والحياد الكربوني والنمو الاقتصادي.
صادرات تونس في أرقام
جدير بالذكر، فقد أبرزت نتائج متابعة تطور المبادلات التجارية التونسية مع الخارج بالأسعار الجارية خلال السداسي الأول من سنة 2023 ارتفاع الصادرات بنسبة 10 %مقابل (+24,6%) خلال السداسي الأول من سنة2022. وقد بلغت قيمة الصادرات 31271 مليون دينارا (م د) مقابل 28432,4م د خلال نفس الفترة من سنة 2022.
وسجلت الصادرات التونسية مع الاتحاد الأوروبي (71% من جملة الصادرات) تطورا إيجابيا بنسبة (+14,2 (% وقد ارتفعت الصادرات مع العديد من الشركاء الأوروبيين منها فرنسا بنسبة +)11,6(% وإيطاليا بنسبة +)14,1%) وألمانيا بنسبة +)13,9(% وإسبانيا بنسبة +)29,4(% واليونان بنسبة +)25,1(% وهولندا بنسبة +54,8%.
الوضع الطاقي في تونس
وفي معرض حديثه عن الوضع الطاقي في البلاد، قال الخبير في الطاقة والمناخ أن تونس لها عجز طاقي بلغ 5 مليون طن من اجمالي 9 مليون طن استهلاك بالتالي فان العجز وصل الى 60% وما يعكس التبعية الطاقية للبلاد، وفق تقديره.
ووصف الوضعية الطاقية في تونس بغير المريحة، وتتطلب أسرع من أين وقت مضى تقليص استعمال الطاقة دون المس من رفاهية المواطن والاقتصاد وذلك من خلال استعمال نمط جديد من الطاقة والاعتماد على الطاقات المتجددة سيما و أن تونس تزخر بعديد المقومات في هذا الصدد.
وأشار الى أن ما يُعطل تطور اعتماد الطاقات المتجددة في تونس هو النسق البطيء للقطاع العام مقارنة بالقطاع الخاص.
ولفت الى أن ديناميكية القطاع الخاص في مجال الطاقات المتجددة ديناميكية منتجة يتبين ذلك من خلال انتاج 180 ميغاواط في المؤسسات والافراد.
واستناد لما أكده محدثنا، فان مجال الطاقات المتجددة في تونس يواجه عديد الإشكاليات أبرزها التقنية وهي مسألة تخزين الطاقة على الشبكة، الى جانب إشكاليات تتعلق بالتعريفة والتمويل وتراجع دور البنوك في توفير التمويلات.
وأقر بأن تونس وضعت 3 أنظمة في انتاج الطاقات المتجددة وهو نظام اللزمات الذي تتحكم فيه والذي يعاني من إشكاليات الربط والتمويل والاستقرار الأمني والاقتصادي للبلاد.
أما النظام الثاني فيتمثل في نظام التراخيص الذي تطلق بمقتضاه الدولة طلب عروض وهو نظام مربح للمجموعة الوطنية والمستثمر، فيما يتمثل النظام الثالث في نظام الإنتاج الذاتي والذي يسمح للمؤسسة والافراد بإنتاج جزء من انتاجه وربط محطته بالشبكة الكهربائية.
الا أن ما يُعطل تقدم الدولة في مجال الطاقات المتجددة هو أن الأنظمة الثلاث لا تعمل بشكل متوازي والنسق يختلف من نظام الى اخر، الى جانب اختلاف نسق العمل بين القطاع الخاص والدولة.