تونس- افريكان مانجر
استغرب عدد من المراقبين و الناشطين التونسيين ترؤس عدد من “أصحاب رؤوس الأموال ” لقائمات انتخابية لبعض الأحزاب السياسية البارزة مما حمل العديد من متبعي الشأن السياسي التونسي على التساؤل عن مدى حرص “أصحاب المال و الأعمال على خدمة البلاد أم خدمة لمصالحهم الشخصية عبر تواجدهم في مجلس “الشعب” الجديد .
و كشفت في هذا السياق حركة النهضة في ندوة صحفية عقدتها مؤخرا عن أسماء أعضاء قائماتها الإنتخابية في الإنتخابات التشريعية المقبلة حيث تضمنت القائمة 10 وزراء سابقين الى جانب 9 رجال أعمال بارزين على غرار محمد فريخة ووليد الوكيل الذي تم استبعاده من طرف هيئة الانتخابات لأسباب إدارية.
و تسعى النهضة إلى الاستفادة من الثقل الذي يحظى به رجال الأعمال في المناطق الداخلية و الساحل حيث قال أحد رجال الأعمال المرشح من قبلها إن لديه اختلافات مع النهضة لكنه ترشح لخدمة أبناء جهته و بناء نظام اقتصادي على طريقة النموذج التركي .
كما ضمت قوائم النهضة نجم كرة القدم التونسي السابق طارق ذياب، إضافة إلى عادل دعداع رئيس نادي حمام الأنف لكرة القدم ، ولكن هيئة الانتخابات رفضت ملف ترشح هؤلاء أيضا لأسباب إدارية .
و بالتوازي مع ذلك أعلن ثاني اكبر حزب في تونس و الذي يتقاسم النهضة نفس الشعبية ” نداء تونس ” على لسان قياده خميس قسيلة في تصريح ” لافريكان مانجر ” عن وجود حوالي سبعة من رجال الأعمال البارزين على رأس القائمات الانتخابية و نذكر منهم منصف السلامي و بشير بن عمر و زهرة ادريس و رضا شرف الدين و وداد رقية.
مشكل سياسي و ليس قانوني
في هذا السياق أكد عضو هيئة الانتخابات السابقة زكي الرحموني “لافريكان مانجر” أن مسألة ترأس عدد من رجال الأعمال لقائمات بعض الأحزاب تمثل إشكالا سياسيا و ليس قانونيا باعتبار انه من الناحية القانونية و بالرجوع للقانون الانتخابي الجديد فانه لا يشترط فيه مهنة او الوضع المالي للمترشح و يكتفي هذا القانون باشتراط توفر “صفة الناخب ” و ان يبلغ من العمر أكثر من 35 سنة .
و أشار الرحموني الى إمكانية ضخ رجال الأعمال هذه لأموال ضخمة في الحملات الانتخابية للأحزاب المنتمية إليها مشيرا الى ان القانون الانتخابي يحدد قيمة التمويل العمومي للحملات الانتخابية الخاصة بالأحزاب بالخمس بينما حددت قيمة التمويل الخاص أي من القطاع الخاص بخمسي التمويل الخاصة بالأحزاب و أيضا الخمسي للتمويل الذاتي عن طريق مرشحي القائمة او الحزب .
تأثير المال السياسي على المنتخبين
و لم يستبعد زكي الرحموني إمكانية تأثير المال على رأي المنتخبين خاصة بعدم وجود رقابة حقيقية على تمويل هذه الأحزاب و مرشحيها مشيرا الى “بيان ضعف قرارات الهيئة الانتخابية في عدد من المسائل ” متوقعا أن يكون لهذا تأثير على خدمة بعض المصالح “الطبقية “.
لوبيات داخل مجلس النواب
وفي ذات السياق، قال محمود البارودي القيادي في حزب التحالف الديمقراطي في تصريحات إعلامية إن “وجود رجال أعمال في قائمات بعض الأحزاب يثير الريبة”، مضيفا: “أصحاب الأموال والأعمال سيصبحون بمثابة لوبيات داخل البرلمان المقبل”.
و قد عبر في ها الإطار عدد من النشطاء السياسيين عن تخوفهم من إمكانية تحويل “مجلس النواب القادم “الى مجلس يخدم مصالح رؤوس الأموال و أصحاب الشركات الكبرى خاصة بالامتيازات التي يتمتع بها النائب مثل تمتعه بالحصانة و قرب من السلطات الحكومية .
تحسين مناخ الأعمال و الاستثمار
في مقابل ذلك يرى شق ثان أن ترشح رجال الأعمال وإمكانية فوزهم قد يساهم في تحسين مناخ الأعمال ودفع الاستثمار في عدد من المناطق التونسية و التي شهدت بعد الثورة تراجعها كبيرا لنسب الاستثمار الداخلي و الخارجي .
هذا و تستعد تونس لإجراء انتخابات التشريعية يوم 26 أكتوبر المقبل والجولة الأولى للانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر في آخر خطوات الانتقال نحو الديمقراطية بعد ثلاث سنوات من “الثورة “.
و من المنتظر أن تشهد الساحة الانتخابية صراعا كبيرا بين عدد من الأحزاب “الكبرى ” و المهيمنة على الساحة السياسية التونسية وذلك على غرار حزب حركة النهضة و التي فازت في انتخابات أكتوبر 2011 و حزب نداء تونس الذي يعتبره البعض “حزبا قد أقام التوازن السياسي للبلاد “.
مها قلالة